كتب فادي عيد في “الديار”:
ينقل وفق معلومات سياسية بالغة الدقة، بأن موضوع النازحين السوريين بات موضع اهتمام الكثيرين، ولا سيما أن تصريح وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، ترك أثراً إيجابياً، ما دفع برئيس أحد الأحزاب المسيحية، أي النائب كميل شمعون، لأن يُثمِّن هذه الخطوة بمعزل عن أي خلافات سياسية، معتبراً أنه يجب أن يُبنى على هذا الموقف، ناهيك إلى أن مصالحة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين، فإنه أيضاً ترك انطباعاً إيجابياً، على اعتبار أن شرف الدين، هو من يواكب ويتابع هذا الملف مع المسؤولين المعنيين في لبنان وسوريا، ولا يُستبعد، وبعد القمة العربية، أن نشهد خطوات متقدّمة على هذا الصعيد، بعدما كان موضوع النازحين من البنود الأساسية التي أثيرت في هذه القمّة.
وفي هذا السياق، علم أن موسكو عادت في الوقت عينه لتحريك مبادرتها، وما كان بدأه السفير الروسي السابق في لبنان أوليغ زاسبيكين عندما تم تكليفه من الخارجية الروسية بالتنسيق ومتابعة ملف النازحين مع الحكومتين اللبنانية والسورية، ولهذه الغاية، كانت الخطة تقضي بإقامة بيوت جاهزة ما بعد الحدود اللبنانية ـ السورية، ولكن تطوّر الأحداث والحروب في المنطقة، والخلافات السياسية في لبنان، كل ذلك فرمل هذه الخطة، وعادت الأمور إلى المربع الأول إلى حين بروز المتغيّرات الأخيرة على ضوء عودة العلاقات الديبلوماسية بين السعودية وإيران، ومن ثم عودة سوريا إلى الجامعة العربية، فهذه المؤشّرات من شأنها أن تعيد ملف النازحين إلى الواجهة من جديد، ومن منطلق الحلول الإيجابية في حال عدم حصول أي طارئ أو تطورات تعرقل المساعي الجارية لهذا الغرض.
وعلى خط موازِ، نقل، وفق معلومات مؤكدة، أنه وقبل توجّه ميقاتي للمشاركة في قمة جدة، كان هناك طروحات كثيرة تتناول ملف النازحين بُحثت مع بعض السفراء الخليجيين، والدول المانحة، تقضي بأن يكون هناك صندوق مالي عربي ـ دولي مشترك، لتأمين العودة الكريمة للنازحين إلى ديارهم، وذلك، بالتنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية، عندما تكون الأجواء السياسية ملائمة، والأرضية مهيّأة لمثل هذا الطرح. ولذا، لا يستبعد بأن يُبحث خلال القمة وفي اللقاءات الجانبية، إذ أكد الرئيس ميقاتي للذين التقاهم قبل مغادرته إلى السعودية، بأنه سيولي هذا الملف الإهتمام الأبرز، تجنباً لأي استغلال داخلي، ما يؤدي إلى صراعات سياسية وأمنية ويؤسِّس إلى حروب ليس باستطاعة البلد تحمّلها، إضافة إلى المزايدات الشعبوية والخطاب الطائفي البغيض، والأهم أيضاً أن لبنان في ظروفه الإقتصادية والحياتية والمالية الصعبة، لا يمكنه تحمّل تبعات أعباء إضافية، ومن هنا، يُعوَّل على ما ستؤدي إليه لقاءات رئيس حكومة تصريف الأعمال مع المسؤولين العرب الذين سيلتقيهم على هامش أعمال القمة العربية.
ويبقى العامل الأهم الذي يتمثل بالقرار الدولي وعامل تصفية الحسابات الدولية والإقليمية من الحرب الروسية ـ الأوكرانية، إضافة إلى ما يحصل في فلسطين وشمال سوريا والعراق وحرب السودان، وهنا يُطرح السؤال، عما إذا كان المجتمع الدولي جاهزاً لحل أزمة النازحين، أم أن ذلك سيأتي في إطار الحل الشامل من خلال تصفية الحسابات السياسية والميدانية بفعل الحروب الجارية اليوم، وما بينهما من مصالح مشتركة، بمعنى أن هذه العناوين تعتبر أساسية ضمن حل هذه القضية التي هي بحاجة إلى توافق دولي غير واضح المعالم، في ظل هذا الصراع بين واشنطن وموسكو، والأمر عينه أيضاً بين الأوروبيين والروس.