جاء في جريدة “الأنباء” الالكترونية:
في بلدٍ الخلافاتُ فيه أكثر بكثير من التوافقات، يحاول البعض تعميق الاختلافات في كل كبيرة وصغيرة، مُحاولاً في الوقت نفسه تعميم ثقافة اللون الواحد، فيما الدولة غائبة وأحيانا متفرجة بل وربما متواطئة على ضرب فكرة الحريات التي هي حق للجميع باختلاف معتقداتهم وآرائهم، وهو ما حصل أمس في صيدا حيث وبدل أن تحسم الدولة أمرها باحترام حق الجميع بدخول الشاطئ عبر تخصيص قسم منه للملتزمين دينياً، تركت الأمور تذهب إلى صدام في الشارع.
سياسياً وبعد يومين على دعوة القمة العربية اللبنانيين للإسراع بانتخاب رئيس لجمهوريتهم، فإن الأجواء المتعلقة بهذا الملف توحي بتراجع ينذر بإطالة الشغور الرئاسي، فيما فريق حزب الله على إصراره بترشيح رئيس المردة سليمان فرنجية، والاتصالات التي يجريها فريق المعارضة مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل للاتفاق على مرشح بديل عن النائب ميشال معوض تبدو متعثرة، إذ كشفت مصادر سياسية متابعة في اتصال مع “الأنباء” الإلكترونية استحالة التوصل الى قواسم مشتركة مع باسيل لأن التيار ليس جدياً في محادثاته مع المعارضة، وهو يحاول شراء الوقت من جهة، وتوجيه رسائل لحزب الله من جهة ثانية، معتبرة أنه “في كل مرة يُطرح عليه اسم معين يرفضه، حتى الأسماء المقبولة منه شخصيا يعود ويضع عليها فيتو اذا لمس رغبة لدى فريق المعارضة بقبولها. ما يعني ان المحادثات في الشأن الرئاسي تراوح مكانها”.
مصادر وزارية أشارت عبر “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “ملف النازحين السوريين أخذ الحيز الأكبر بالموضوع إعلاميا، والحكومة أصبح لزاما عليها في جلسة مجلس الوزراء إذا ما انعقدت استكمال هذا الموضوع واتخاذ الاجراءات العملانية بشأنه لإخراجه من المزايدة الإعلامية والبازار الخلافي”.
وفي المواقف لفت عضو تكتل الجمهورية القوية النائب نزيه متى في حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أن “الملف الرئاسي ما زال يراوح مكانه، وأن المشاورات التي تجري مع التيار الوطني الحر من قبلنا ومن قبل الكتائب والتغيريين لم تصل الى مكان، ونحن نتخوف من أن يحصل النائب جبران باسيل على شيء ويقدمه لحزب الله على الرغم من ان لا شيء محددا بعد. لكن نحن كقوات لسنا بوارد التخلي عن ترشيح النائب ميشال معوض إذا لم نتوصل للتوافق على اسم معين، واتفاق القوات والتيار ليس كافيا للاتفاق على اسم معين”.
أما في ملف النازحين السوريين، أعرب متى عن شكوكه بوجود قرار حاسم في هذا الملف، وقال: “لو كانوا يريدون حله لكان جرى حله منذ زمن”، مطالبا حكومة تصريف الأعمال بأن “تتخذ قرارا مفيدا ينطلق من تطبيق القانون”، مستغربا استخفاف النظام السوري بهذا الملف رغم الضجة التي تثار حوله.
في هذا الوقت، لفتت أمس المناورة العسكرية الكاملة التي نفّذها حزب الله، واضعاً لها عنواناً هجومياً، ومستعرضاً عتاده وعديده بشكل ربما غير مسبوق موجّهاً رسائله للداخل والخارج، وهو ما يؤشر إلى أكثر من معطى، أهمها وفق مصادر مراقبة، أن الحزب أراد القول محلياً وإقليمياً ودولياً بأن كل ما يجري من تفاهمات “لا يطال سلاحه ووجوده”، وأنه “جاهز لوضعه موضع الاستعمال المباشر في أي ظرف”. أما المعطى الثاني، فقد ربطته المصادر ذاتها بنص القرار الصادر عن القمة العربية حول لبنان، الذي أورد في متنه “حق لبنان بتحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من بلدة الغجر وفي مقاومة أي اعتداء بالوسائل المشروعة”، و”ضرورة التفريق بين الإرهاب والمقاومة”، حيث رأت المصادر أن باستطاعة حزب الله استظلال هذا النصّ بشكل واضح بدل اتكاله سابقا على نصوص البيانات الوزارية اللبنانية، وهذا الامر إنما يستدعي وفق المصادر التبصّر ملياً في الأفق المحلي، والذي يستلزم التأكيد على المقاربة الحوارية مع الجميع للخروج من الأزمات بدل انتظار أي تدخل خارجي أو التعويل عليه.