أشارت صحيفة “الرياض” السعودية إلى أن الملف اللبناني حضر بقوة في القمة العربية التي اختتمت أعمالها مؤخرًا في جدة، وظهر ذلك جلياً من خلال تأكيدات إعلان جدة على تضامن الدولة العربية مع لبنان فضلاً عن حث كافة الأفرقاء اللبنانيين للتحاور لانتخاب رئيس جمهورية يرضي طموحات اللبنانيين وانتظام عمل المؤسسات الدستورية وإقرار الإصلاحات المطلوبة لإخراج لبنان من أزمته، عبر الحوار اللبناني اللبناني والتفاهم على انتخاب رئيس للجمهورية يحقق طموحات الشعب اللبناني.
وكشفت مصادر الصحيفة أن الملف اللبناني كان ذا أولوية في أجندة لقاء ولي العهد محمد بن سلمان والرئيس السوري بشار الأسد، والذي عقد مؤخراً في جدة بشكل خاص والقيادات العربية بشكل عام في اللقاءات الجانبية، مؤكدة أن الزخم السعودي سيزداد في الملف اللبناني بمشاركة سوريا وإيرانية فعالة، انطلاقاً من الدور المحوري الذي تلعبه السعودية في العالم العربي، وسيترسّخ هذا الدور أكثر في مرحلة ما بعد القمة العربية.
وكشفت أن الفترة المقبلة ستشهد تحركاً سعودياً سورياً لحلحلة الأزمة اللبنانية بهدوء وحكمة استمراراً لسياسة الرياض لتصفير المشكلات ولم الشمل العربي ومساعدة لبنان على التعجيل بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وتحديد الخطوات التي تسهم في إخراج لبنان من أزمته وفق مخرجات إعلان جدة وعدم ترك لبنان مستمراً في انزلاقه في الأزمات إن كانت سياسية أو اقتصادية عبر إحداث توافق بين اللبنانيين حول مستقبلهم..
وأجمعت المصادر أن هناك تغييراً واضحاً في قواعد اللعبة بالمنطقة، في مرحلة ما بعد القمة حيث انحسرت مظاهر التوتر العربية-العربية، وارتفعت النبرة التفاعلية الايجابية وخلا إعلان جدة من أي نقاط أو عبارات انتقادية أو لمواقف دول خارج اطار الدول العربية كما كان يحدث في القمم السابقة.
وكشفت المصادر أن الحراك السعودي السوري المدعوم عربياً وايرانياً يهدف لسرعة إعادة تأهيل لبنان سياسياً والتمهيد لإنقاذه اقتصادياً، مشددة على ضرورة الاستفادة من أجواء الانفراجات والمقاربات العربية والإقليمية، وعودة العلاقات السعودية الإيرانية، والسعودية السورية، والذي تمخض عنها عودة سورية إلى الجامعة العربية ومشاركة الرئيس بشار الاسد في القمة العربية.
ولم تستبعد المصادر احتمالية تشكيل وفد عربي رفيع المستوى مكون من عدد من وزراء خارجية الدول العربية لزيارة لبنان، لإرسال رسالة لكافة اللبنانيين، باهتمام الدول العربية بالأزمة وحث الأطراف لمعالجة الملف اللبناني بحكمة وإن يكون الحل لبنانياً-لبنانياً.
من جانبها، أكدت مصادر لبنانية لـ”الرياض” أن اللبنانيين يعلّقون الآمال على الحراك السعودي القادم لحلحلة ومعالجة أزماته المتراكمة ويرون في الحراك السعودي المتعاظم طوق نجاة للشعب اللبناني الذي يعاني من أزمات مالية واقتصادية خانقة مستمرة على مدار الشهور الماضية، ويشهد لبنان ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية والمحروقات والمواد الطبية والسلع الأساسية والوقود والكهرباء؛ فضلاً عن انهيار سعر صرف الليرة اللبنانية.
ولفتت الصحيفة إلى أن السعودية كانت ولاتزال حاضرة بقوة في كلّ المحطات المصيرية التي مرّ بها لبنان، بدون تدخل من خلال هذا الواقع يمكن الجزم بأن ما قبل قمة جدة، سيكون كما بعدها، وسيشكل فارقاً كبيراً ونوعياً بالنسبة إلى الملف اللبناني بعودة معادلة السعودية وسوريا والمعروفة بـ”سين-سين”.