رأى وزير العدل السابق د. شارل رزق، أنه وبغض النظر عن غرق الاستحقاق الرئاسي كالعادة في مستنقع التجاذبات السياسية، إلا أن خطأ فادحا وقعت فيه القوى السياسية دون أن ينتبه أحد لأبعاده ومخاطره، وهو أن الشغور ليس في موقع رئاسة الجمهورية فحسب، انما في الجمهورية اللبنانية ككل، وكأن القوى السياسية الممثلة في مجلس النواب تستعجل انتخاب رئيس للجمهورية بلا جمهورية يستند اليها، ناهيك عن أن أيا من الشخصيات المطروحة أسماؤهم للرئاسة لم يكلف نفسه تقديم ولو بداية برنامج يتعهد فيه بإعادة احياء الجمهورية التي يطمح الى ترؤسها، وذلك لكون الجميع يعتبر الوصول الى السدة الرئاسية شطارة، إن لم نقل مكافأة.
ولفت رزق في تصريح لـ«الأنباء»، إلى أن المخيف في تفاصيل المشهدية الراهنة للانتخابات الرئاسية هو انه أيا يكن الرئيس العتيد للجمهورية، لن يتمكن من ممارسة حكمه، انما سيكون كالطائر الشريد الذي لا غصن أمامه يحط عليه، معربا بالتالي عن خشيته من أن يكون انتخاب أي من المرشحين الحاليين سببا لتأخير إحياء الجمهورية وبناء أسسها، بدلا من ان يكون بداية الخلاص والانتقال الى مرحلة مشرقة على كل الأصعدة والمستويات، ما يعني، من وجهة نظر رزق، أن المطلوب مرشحون رجال دولة حتى وان كانوا من المنظومة السياسية الراهنة، انما أصحاب برامج رئاسية تطمئن اللبناني وتعطيه الأمل بغد أفضل، أي إن المطلوب مرشح يكون بداية حل، وقادر على معالجة موضوع السلاح خارج نطاق المؤسسة العسكرية، لا أن يكون عجلة استمرار لعربة الانهيار.
وردا على سؤال، أكد رزق ان العوامل الإيجابية في المنطقة الإقليمية، كالتفاهم السعودي ـ الإيراني وعودة سورية الى الحضن العربي، لها أهميتها في كتم التشنجات السياسية وتثبيت الاستقرار في الداخل، لكن والحق يقال انه وفقا للصورة الراهنة لم نعد نعرف أين يتم انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية، وعلى ما يبدو ان عملية الانتخاب تجول بين عواصم القرار على المستويين الإقليمي والعربي والدولي، فيما بيروت العاصمة الأساس، التي من المفترض ان تكون هي وحدها صاحبة القرار والخيار، تتفرج وتترقب تصاعد الدخان الأبيض من الخارج، بدلا من ان تعمل على تصاعده من داخل مجلس النواب في ساحة النجمة.
وعليه، ختم رزق معربا، بناء على المشهدية الراهنة للاستحقاق الرئاسي، عن عدم تفاؤله بإمكانية انتخاب رئيس للجمهورية، قادر على إعادة احياء الجمهورية اللبنانية وسحب لبنان واللبنانيين من فم التنين.