كتب وسام أبو حرفوش وليندا عازار في “الراي الكويتية”:
لاقى الوزير السابق جهاد أزعور، ما يشبه «الترشيحَ بقفازات» له من غالبية قوى المعارضة و«التيار الوطني الحر»، بما بدا قبولاً «بين الأسطر» حدّد معه طبيعة ترشيحه البعيد عن أي «مواجهة» كما إطار مَهمته الرئاسية، بحال دخل قصر بعبدا، والمحكومة بمعادلة «التوحيد لا التحدي».
ولم يكن عابراً أمس، ما نقله بعض الذين التقوا أزعور أخيراً، من أنه سيسعى في حال وصل إلى سدة الرئاسة إلى أن يكون «في موقع التوحيد لا التحدي، بمعنى توحيد كل اللبنانيين على تحدي الانهيار، وتجاوزه، والنهوض مجدداً»، مشدداً على أنه ليس مرشحاً لمواجهة أي طرف، بل يريد أن يكون «جميع اللبنانيين موحّدين معه في المواجهة مع الأزمة».
وجاء كلام أزعور، على وقع تحوُّل ترشيحه ولو «بسقوف متفاوتة» لداعميه، أمراً واقعاً مع انضمام «التيار الحر» إلى هذا الخيار بموافقةٍ شفوية بدا أنه اعتبرها كافية للمعارضة لتحسين شروط الإطاحة بترشيح سليمان فرنجية (المدعوم من حزب الله والرئيس نبيه بري)، و«شافية» ولو موقتاً لجرْح الانقساماتِ داخل التكتل الذي يترأسه النائب جبران باسيل حيال تأييد أزعور، و«وافية» أقله في نظره لهدفِ محاولة تحقيق مساكنة شبه مستحيلة بين التقاطع مع خصوم «حزب الله» على اسم لحرْق «حصانه الرئاسي الوحيد» وبين عدم قطْع آخِر الجسور مع شريكه في تفاهم مار مخايل وتالياً «حفْظ خط الرجعة» ولو إلى خيار ثالث.
وكان تكتل «لبنان القوي» عقد عصر الثلثاء اجتماعاً، اضطر فيه باسيل لاستخدام «السلاح الاحتياطي» الذي يشكّله الرئيس السابق للجمهورية ومؤسس «التيار الحر» العماد ميشال عون الذي حضر شخصياً في محاولةٍ لتوحيد موقف النواب حول مقاربة باسيل وإخماد الاعتراضات على دعم أزعور، التي راوحت بين:
– اعتبار مثل هذه الخطوة ارتداداً على موقف التيار من حقبةٍ «حاكَمها» سياسياً وإعلامياً عبر ما عُرف بكتاب «الإبراء المستحيل».
– عدم تحبيذ سحْب اليد رئاسياً بالكامل من «حزب الله» والذي ستكون لأي «طلاق» معه تبعاتٌ في أي استحقاقٍ نيابي مقبل قد تستتبع ارتداداتٍ على مستوى حضور التيار على الصعيد السياسي العام والتوازنات الناظمة للأحجام في الحكومة والإدارة وغيرها.
– أن ثمة أسماء داخل التكتل أولى بدعم ترشيحها من أزعور وقد تكون قابلة لتحقيق اختراقٍ في ضوء عدم وجود فيتوات حاسمة عليها من الأحزاب المسيحية في المعارضة، كما أن اعتمادها لن يُعتبر قبولاً من التيار بأن يُستخدم في مواجهة «حزب الله».
وإذ بدا أن عون نجح في احتواء الاعتراضات والتخفيف من حدتها، قاطعاً الطريق في الوقت نفسه على أي ترشيح لأحد أعضاء التيار للرئاسة بطرحه معادلة «النظام الداخلي يقول إن مَن يريد الترشح للرئاسة عليه أن يكون رئيس التيار أولاً»، فإن البيان الختامي حمل موقفاً صيغ بعناية وتجنّب إعلان التبني الصريح لخيار أزعور.
وتَعاطتْ بعض الدوائر مع هذا الموقف على أنه بمثابة «وضْع رصيد في الـ ATM الرئاسي» لأزعور ولكن على طريقة الـ «لولار»، في ضوء عدم ضمان أن يصبّ كل تكتل باسيل النيابي لمصلحة وزير المال السابق في أي جلسة انتخابية، رغم أن هذه الدوائر اعتبرتْ أن رئيس «التيار» بموقفه الذي أعطى موافقة على طريقة «وعد بالبيع» للمعارضة، انطلق من إدراكٍ بأن بري لن يدعو إلى جلسةٍ لا يكون فيها فوز فرنجية بالدورة الثانية (65 صوتاً) «في الجيْب»، باعتبار أن أي جلسة يخرج منها الأخير وأزعور خاسريْن ستفتح الباب أمام السيناريو الذي حذّر منه «حزب الله» جهاراً وهو طرْح اسم ثالث و«دفْن» خيار فرنجية.
وكان بارزاً ما أعلنه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع لجريدة «الأخبار» لجهة «أن التيار الحر أبلغ قوى المعارضة التزامه ترشيح أزعور»، مؤكداً أن «أزعور سيحوز أكثر من 65 صوتاً مع أصوات التيار الحر ولكن الرئيس بري لن يدعو إلى جلسة انتخاب إلا عندما يتأمن 65 صوتاً لمرشح محور الممانعة سليمان فرنجية»، وهو الانطباع الذي يسود غالبية الأطراف ويؤشر إلى أن الفراغ الرئاسي باق و… يتمدّد.
في موازاة ذلك، حَمَل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ورقة تَقاطُع غالبية المعارضة (وأحزابها المسيحية) مع التيار الحر على اسم أزعور إلى لقاء الساعة وأكثر الذي عقده أول من أمس، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي كان ذهب بعيداً في تبني خيار فرنجية.
وأفاد بيان للاليزيه بأن ماكرون أكد «ضرورة بقاء مسيحيي لبنان في قلب التوازن الطائفي والمؤسسي للدولة اللبنانية من خلال المشاركة الفعالة والمسؤولة في العملية السياسية الحالية».