جاء في “الأخبار”:
مع اختتام البطريرك الماروني بشارة الراعي زيارته لباريس، وإعلان خصوم المرشح سليمان فرنجية استعدادهم للمنازلة بالمرشح جهاد أزعور، تنطلق المعركة الرئاسية بقوة، ويعدّ الجميع العدة لمواجهة قاسية يبدو أنها ستقتصر على الأسماء بسبب غياب برامج الطرفين.
ووسط انطباع بأن المواقف الخارجية لم تشهد تبدلاً يمكن أن يحدث فارقاً في الأيام المقبلة، يشتدّ الانقسام الداخلي حول المرشحين ليأخذ طابعاً طائفياً، إلى طابعه السياسي. والواضح أن هناك قوى خارجية، تتقدمها الولايات المتحدة، تستعجل هذا الفصل من المواجهة لاعتقادها بأنها ستودي إلى إطاحة فرنجية وأزعور معاً، لمصلحة مرشحها الثابت قائد الجيش جوزيف عون.
زيارتا البطريرك للفاتيكان وفرنسا لم ترشح معلومات كثيرة عما أسفرتا عنه، لكن يمكن عموماً القول إنهما لم تحققا خرقاً يُمكن البناء عليه، أقله في الموقف الفرنسي الذي راهن البعض على أن يشهَد تحولاً نوعياً وانقلاباً على «التسوية» التي تسوّقها باريس لإيصال فرنجية إلى بعبدا. فإشارة الراعي أمام الرئيس إيمانويل ماكرون إلى توافق القوى المسيحية على اسم مرشّح في وجه فرنجية لم تحقق أكثر من دعوة من الرئيس الفرنسي للاحتكام إلى اللعبة الديموقراطية في مجلس النواب، من دون أن يدخل في الأسماء.
ووفق أوساط سياسية مطلعة على الزيارة، «أبلغ الراعي ماكرون بحصيلة توافق القوى المسيحية على الوزير السابق جهاد أزعور، كمرشح توافقي إصلاحي لا مرشح مواجهة أو تحدّ لأحد». في المقابل، حرص على إعطاء انطباع باهتمام فرنسا بالملف الرئاسي من زاوية مساعدة لبنان على الخروج من أزمته»، لكنه لم يعُطِ مؤشراً على «اهتمام جدي بالاتفاق المسيحي على مرشح» على ما تقول مصادر سياسية. إذ إنه «رفض الدخول في لعبة الأسماء، وأكد أن فرنسا لا تدعم اسماً معيناً بل تدعم حلاً تجده الأوفر حظاً ربطاً بالتطورات الإقليمية والدولية»، معتبراً أن على «اللبنانيين الذهاب إلى مجلس النواب والاحتكام إلى التصويت».
ومع عودة الراعي، يُفترض أن يبدأ سلسلة لقاءات مع القوى المسيحية لوضعها في جو الزيارة وبالانطباع الذي عادَ به، على أن تحسم هذه القوى خياراتها هذا الأسبوع لبدء البحث في المرحلة الثانية بعدَ الاتفاق على التسمية، بعدما أحرج رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، بإعلانه الاتفاق على أزعور في مقابلته مع «الأخبار» أمس، بعض قوى المعارضة التي لم تحسم موقفها أو لا تزال مترددة في إعلانه، خصوصاً التيار الوطني الحر.
ومع أن التقاطع الرئاسي بين قوى المعارضة لا يزال يحتاج إلى ترتيبات لجهة كيفية الإعلان وتنظيم التوجه وتنسيق برنامج العمل، لفتت مصادر في هذا الفريق إلى وجود تفاصيل تحتاج إلى جهد، مشيرة إلى أن «جو الجلسة الأخيرة لتكتل لبنان القوي (أول من أمس) لم يكن مريحاً». إذ إن الفريق النيابي العوني المعترض على ترشيح أزعور نجح في فرملة اندفاعة رئيس التكتل النائب جبران باسيل وحال دون الخروج بموقف حاسم، تاركاً الأمور مفتوحة على احتمالات كثيرة، ما قد ينعكس سلباً على المفاوضات مع قوى المعارضة في أي لحظة».
مع ذلك، تركت هذه التطورات أثراً سلبياً لدى الفريق الداعم لفرنجية، إذ إن ترشيح أزعور في مقابل فرنجية سينقل الملف الرئاسي إلى مربّع جديد عنوانه المواجهة في مجلس النواب، ويدفع الفريقين إلى الاستنفار لتأمين الأصوات أو تعطيل النصاب، مع ما سيرافق ذلك من تشنّج في حال امتنع رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الدعوة إلى جلسة، وتهديد قوى المعارضة بأن خياراتها لمواجهة هذا الأمر ستكون مفتوحة.
وفيما قالت مصادر الفريق المؤيد لفرنجية إن القوى السياسية الداعمة له ستنتظر في الأيام المقبلة ما ستنقله القنوات الفرنسية حول موقف باريس بعدَ التطورات التي حصلت، لتحديد ما إذا كانَ هناك تحوّل ما، يبدو أن أزعور ينتظر نتائج حراك سياسي داخلي في لبنان قبل الإقدام على أي خطوة. كما أنه يُريد التثبت من موقف القوى التي ترشحه قبل أن يبادر إلى التواصل مجدداً مع ثنائي حزب الله وحركة أمل، بالتوازي مع تحرّك داعميه لضمّ المترددين من النواب المسيحيين، خصوصاً كتلة نواب الأرمن وبعض المستقلين.