كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
في زاوية حتمية توجيه دعوة لجلسة انتخاب رئيس جمهورية، حشر اتفاق المعارضة والتيار الوطني الحر على ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قال بالفم الملآن “اتفقوا على مرشح فأدعو الى جلسة”. وتحت وطأة التهديد الخارجي بفرض عقوبات على معرقلي الاستحقاق، وجه الدعوة في منتصف حزيران الجاري، ما طرح علامات استفهام واسعة حول بُعد الموعد وتحديده بعد عشرة ايام وليس مباشرة، وقد مضى نحو نصف عام على الجلسة الحادية عشرة التي عقدت منتصف كانون الثاني الماضي من دون انتخاب رئيس، فيما البلاد تتدحرج بأزماتها نحو مزيد من الانهيارات المتتالية.
لم يفاجئ اتفاق نهاية الاسبوع بين المعارضة والتيار الثنائي الشيعي، فلا الاتصالات كانت سرية ولا تمت المفاوضات من تحت الطاولة، حتى ان المواقف مهدت له منذ مطلع الاسبوع الماضي، الا ان الثنائي المربك بفعل عجزه عن تأمين الاصوات اللازمة لمصلحة مرشحه الوزير السابق سليمان فرنجية، وقد اقر اعلامه امس بأنه لن ينال سوى 32 صوتا مقابل 49 لأزعور حتى الساعة، علما ان المعارضة تؤكد ان مجموع الاصوات لمرشحها ناهز النصف زائدا واحدا، دفع بري لترحيل الموعد الى 14 حزيران، علّ المساحة الزمنية تُحدث جديدا يمكن ان يقلب المعادلة او يفرط عقد التحالف الرئاسي الجديد او يدفع نحو نضوج طبخة تسوية ما يجري الاعداد لها في اقبية خفية.
وحتى ذلك الموعد، احداث كثيرة تسجل قد تفعل فعلها رئاسيا، اولها زيارة الرئيس ميشال عون الى سوريا التي توجه اليها اليوم للقاء الرئيس بشار الاسد العائد حديثا الى الحضن العربي اثر مشاركته في قمة الرياض. زيارة هي الاولى بعد 14 عاما من الانقطاع واثر انتهاء عهده الرئاسي، هدفها بحسب المعلومات الاولية “التأكيد على استمرار العلاقة وتموضع التيار الاستراتيجي، على أن يشرح عون للرئيس الاسد ان رفضه انتخاب فرنجية لا علاقة له بهذا التموضع وللدلالة على خطورة التمسك بفرنجية على حساب الاجماع المسيحي”، علما ان مصادر سياسية شمالية رجحت ان يكون الاسد طلب لقاء عون لاقناعه بوجوب السير بفرنجية.
والى الزيارة العونية لسوريا، تضاف محطة اخرى لا تقل اهمية تتمثل في اطلالة لفرنجية قبل ثلاثة ايام من موعد الجلسة الانتخابية، لمناسبة ذكرى مجزرة اهدن، اذ تتحدث المعلومات عن انه سيلقي كلمة في 11 الجاري يتطرق فيها الى مستجدات الساعة، وسط ترقب لما ستتضمن لجهة اعلان ترشحه او انسحابه من المعركة، افساحا في المجال امام تسوية تتيح انتخاب رئيس، مع ان اوساطه ترجح الفرضية الاولى، وتبدي تفاؤلا بارتفاع حظوظ انتخابه.
ازاء كل ذلك، يبدو مصير الجلسة الرئاسية الانتخابية ضبابيا الا انه يتراوح بين ثلاثة سيناريوهات يتقدمها السيناريو “الابيض”، اي ان يحضر نواب الثنائي ويؤمنوا النصاب ويصوتوا بالورقة البيضاء على غرار الجلسات الاحدى عشرة الماضية ما دام مرشحهم لم يعلن ترشحه رسميا بعد ، او ان يصوتوا بالابيض ثم يطيّرون النصاب منعا لعقد دورة ثانية قد “يزمط” فيها ازعور، او ان يقاطعوا الجلسة من اساسها فلا يحضروا.
في مطلق الاحوال، لن تشهد الجلسة الرقم 12 انتخاب رئيس للبلاد، الا انها ستكون، بحسب ما يؤكد مرجع رفيع لـ”المركزية”، جلسة نهائية قبل حقبة الجدّ، اي طي صفحة المرشحين الحاليين وفتح اخرى عنوانها الخيار الثالث ومرشح التسوية استنادا الى قاعدة رئيس الـ” لا غالب ولا مغلوب”.