كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
ربّما يكون قد فاجأ أو أحرج البعض وأسر البعض الآخر، عندما دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس إلى عقد جلسة لمجلس النواب في تمام الساعه 11:00 من قبل ظهر يوم الأربعاء الواقع في 14 حزيران 2023 لإنتخاب رئيس للجمهورية.
مردّ ذلك إلى أنّ هناك من كان مقتنعاً بأنّ برّي لن يُخالف الدستور في موضوع الدعوة إلى جلسة لانتخاب رئيس، وأنّ هناك من كان يفترض بأنّه لن يُحدّد موعداً لجلسة جديدة، لكن رئيس المجلس الذي حاول البعض أن يرمي كرة التعطيل في ملعبه، ردّ الكرة إلى ملعب الآخرين وبات هو الأكثر ارتياحاً. وبمعزل عن تبادل الإتهامات ورمي المسؤوليات بين هذا الطرف وذاك، البلد بات الآن أمام مشهد معقّد في قراءته واحتمالات نتائجه حتى 14 حزيران.
لقد دخل غالبية النواب والكتل في ما يُشبه «الصمت الإنتخابي» والصيام عن الكلام منذ أعلن خبر تحديد موعد الجلسة، وبدأ الحراك غير المُعلن وغير المرئي لعدد من النواب والكتل، بهدف تلمّس المسار الذي يُمكن أن تسلكه الجلسة، بعدما كانت المواقف تركّز على التقديرات والإحتمالات لعدد الأصوات لهذا المرشح أو ذاك، وطبعاً المقصود هنا كلّ من رئيس تيار «المردة» الوزير السابق سليمان فرنجية والوزيرالسابق جهاد أزعور.
يرى البعض أنّ بري قد وفى بما سبق وأعلنه من مواقف، فهو قال مراراً وتكراراً إنّه ينتظر أي معطى جديد لكي يدعو ويُحدّد موعد الجلسة الـ12 لإنتخاب رئيس الجمهورية، وعندما حصلت التقاطعات بين كتل ونواب المعارضة و»التيار الوطني الحر» حول دعم ترشيح أزعور، بادر إلى تحديد موعدها.
ووفق عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب محمد خواجة، «إنّ رئيس المجلس كان يقول إنّه عندما تتوفر لديه معطيات جديدة سوف يدعو إلى الجلسة، وعندما تقاطعوا على دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، بادر إلى تحديد الموعد في أقلّ من 48 ساعة».
وعن التمسّك بترشيح فرنجية يقول خواجة لـ»نداء الوطن»: «نحن متمسّكون به وندعمه لأنّه من وجهة نظرنا إنسان صادق وتسامح في دم أهله ويستطيع أن يتحدّث مع الجميع، يستطيع الحديث براحة عن الإستراتيجية الوطنية للدفاع وهو الأقدر بحكم علاقته أن يبحث ملفّ أزمة النازحين السوريين مع المسؤولين في دمشق ونعتبره المرشّح الأفضل للمرحلة، إضافة إلى مواكبته بحكومة إصلاحية تقوم بكلّ ما هو مطلوب لإنقاذ البلد».
في المقابل، يرى عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب غياث يزبك في تحديد موعد الجلسة بتاريخ 14 الجاري «مناورة تأخيرية، وكان يُفترض أن تُحدد الجلسة غداً». ويقول لـ»نداء الوطن»: «لم نكن نُراهن على عدم الدعوة والتأخير يهدف بنظرنا إلى السعي لفكفكة اللحام الذي لا يزال طرياً بين أطياف المعارضة و»التيار الوطني الحرّ» وبين بعضها البعض، وهو أيضاً لشراء الوقت لفريقه ومجموعته من أجل محاولة إقناع بعض المتردّدين للتحلّق حول مرشّحه، وقبل هذه وتلك، محاولة تبرئة نفسه من تهمة التعطيل التي يُمارسها من خلال السكوت على الممارسات الإنقلابية غيرالمعلنة لحليفه الإستراتيجي «حزب الله».
ودعا يزبك إلى «كلمة سواء، لأنّ الدستور وُضع لخدمة الناس والقضايا الوطنية، ونحن لا نملك ترف الوقت، ونتمنّى النزول عن السقوف العالية من الآن حتى 14 الشهر، فجهاد أزعور ليس حزبياً وهو صاحب اختصاص، والبلد بحاجة إليه في هذه المرحلة ولا يُمكن مواجهته بلغة التهديد والوعيد».
وبإانتظار موعد الجلسة، سيكون هناك الكثير من التحليلات والتكهنات حول كيفية التصويت لهذه الكتلة وذاك النائب وسط غموض يلفّ مواقف عدد لا يُستهان به من النواب.
وفي السياق، يُنتظر أن تتظهّرالمواقف تباعاً من قبل «التيار الوطني الحرّ» الذي يجري الحديث عن عدم إلتزام كامل عدد أعضائه بالتصويت لصالح أزعور، وكذلك موقف الحزب «التقدمي الإشتراكي» الذي قيل إنّ رئيسه المستقيل وليد جنبلاط قد سافر لفترة طويلة تفادياً للإحراج تجاه صديقه وحليفه الرئيس نبيه بري.
كذلك هناك من يرى في الفترة الفاصلة مجالاً للتشاور والمزيد من الإتصالات لتفادي معركة كسرعظم بين الثنائي الشيعي والثلاثي المسيحي، لأنّ البلد لا يحتمل المزيد من الإنقسام العمودي. وهناك من يتحدّث عن سيناريو التصويت بورقة بيضاء من قبل الفريق الداعم لفرنجية تفادياً لإظهارالحجم الحقيقي لداعميه، والإحتفاظ بورقته بإنتظار نضوج تسويات أو تفاهمات إقليمية دولية، وخصوصاً إيرانية – أميركية، عبر الوسيط العُماني وإيجاد مخرج لهذا الترشيح، وسط الرفض المسيحي له والإستنكاف السنّي والدرزي عن دعمه إلى حدّ بعيد.
وهذه القراءة تستند إلى معلومات مفادها بأنّ الإستحقاق الرئاسي اللبناني سيكون مطروحاً بين وزراء دول الخماسية (أميركا، فرنسا، السعودية، قطر ومصر)، على هامش مؤتمر دول التحالف الدولي ضدّ تنظيم «داعش» الذي سيُعقد في الرياض في المملكة العربية السعودية غداً.