كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
لم يكن إصدار رئاسة مجلس الوزراء التعميم رقم 15/2023 قبل يومين إلى جميع الوزارات والإدارات العامة بشأن قيود وضوابط استيراد البضائع وتصديرها إحتياطياً أو روتينيا. فهو جاء تفادياً للتضارب في الصلاحيات بين وزارتي الاقتصاد والصناعة بشأن تلك الضوابط والقيود والتراخيص ذات الصلة.
وتعود خلفيات هذا القرار كما تردّد الى إقدام وزارة الصناعة على تجاوز صلاحياتها، ما اثار حفيظة وزارة الإقتصاد التي اعتبرت ان بعض القرارات التي اتخذت هي تعدٍ على صلاحياتها خصوصاً أنها لم تُسأل أو تستشر بشأنها.
تلك الروايات التي راحت تروّج في أروقة الوزارتين المعنيتين وخرجت الى العلن وعن حدّها أكّدها وزير الإقتصاد والتجارة أمين سلام لـ”نداء الوطن” اذ قال إن “وزارة الصناعة بدأت منذ فترة تتّخذ قرارات هي من صلاحية وزارة الإقتصاد”.
وكشف أن “آخر بدعة كانت إتخاذ وزارة الصناعة قراراً بمنع استيراد المفروشات بهدف المحافظة على الصناعة الوطنية، من دون العودة الى وزارة الإقتصاد المعني الأول والوحيد في الإستيراد والتصدير وفقاً للقانون. فاتخاذ هكذا قرار لا يكون بيد شخص واحد ومن دون التشاور مع الوزارة المعنية، بل يستدعي الجلوس وطرحه للنقاش مع الوزارة المعنية مباشرة في حال كان ذلك يدعم الصناعة الوطنية”.
ولو حصل هذا التشاور لكنا ربّما استناداً الى سلام “خفّضنا استيراد المفروشات وحصرناه بنسبة تتراوح بين 30 و 40%. علماً أن هناك اتفاقات ومعاهدات موقّعة مع الدول الأوروبية حول الإستيراد والتصدير لا يمكننا مخالفتها بقرار فردي”، مشدّداً على أن “هكذا قرارات تهدّد علاقتنا مع تلك الدول”.
ولم تنحصر تلك التعدّيات، بالنسبة لسلام، بتلك الواقعة فحسب، بل سبقتها محاولات أخرى، اذ قال: “بدل تسهيل التجارة الخارجية يتمّ إذلال القطاع الخاص من خلال الزام الوزير جورج بوشيكيان كل من يرغب في الإستيراد بالحصول على موافقته قبل الإستيراد من الخارج. هكذا تعدّيات على صلاحيات وزارة الإقتصاد أمر مخالف للقوانين ومن شأنه عرقلة عملية الإستيراد”.
وأضاف “الكلّ مع دعم الصناعة اللبنانية وتشجيع المنتج المحلّي، ولكن ليس بقرارات اعتباطية فردية من دون دراسة والتشاور بشأنها مع الوزارة المعنية”.
واستفزّت تلك الأفعال وزير الإقتصاد الذي حادث بوشيكيان مرة على الهاتف حول المخالفات، فبرر الأخير تصرّفاته بأنها تهدف الى حماية المنتج اللبناني. حتى أن سلام أرسل 4 كتب حول التجاوزات التي يقوم بها زميله من دون مسوّغ قانوني، ولم يقدم بوشيكيان حتى على الردّ عليها.
ولم يكن أمام سلام خيار سوى اللجوء الى الطعن بقرارات وتصرفات بوشيكيان أمام مجلس شورى الدولة، إلا أن صدور تعميم رئاسة الحكومة حال دون إقدامه على ذلك الأمر، ووضع الأمور في نطاقها القانوني.
وختم سلام قائلاً: “لم تنحصر التعدّيات في الصلاحيات على وزارة الإقتصاد فحسب بل سبقتها أخرى على وزارتي البيئة والزراعة أيضاً”.