رعى نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب العشاء السنوي للرابطة اللبنانية للروم الأرثوذكس في فندق فينيسيا بدعوة من رئيسها الدكتور صلاح رستم بحضور المطران موسي سلوان ممثلًا البطريرك يوحنا العاشر اليازجي بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس وعدد من الوزراء والنواب والسفراء وشخصيات سياسية ونقابية وإجتماعية وإعلامية.
وألقى بوصعب كلمة استهلها بشكر المنظمين والداعين والحاضرين وقال: “الرابطة اللبنانية للروم الأرثوذكس تعمل بمبادىء وقيم مدّ الجسور والتعاون والتلاقي والتضحية والحرية. الدستور اللبناني يفرض انتخاب رئيس جمهورية على أساس وطني. ومعروف عن الأرثوذكسيين أنهم طائفة اللاطائفيين وهذا ما نعتز به نحن الأرثوذكسيين”.
واضاف: “عقيدة الرابطة هي الأرض والعمل والعلمنة والمستقبل. ومن هنا سأركز في كلمتي على موضوع العلمنة. لأن الأزمة التي نمرّ بها في لبنان سببها الرئيسي هو التكوين الطائفي الذي على أساسه يحاول الجميع الإختباء في عباءة طائفته حتى بفسادهم. وأنا أتحدث عن هذا الموضوع من منطلق خبرة عشتها في المواقع التي تسلمتها، فإذا أردت محاسبة فاسد أو مرتكب أول ما يقوم به هذا المتهم يذهب إلى مرجعيته الدينية أو السياسية للإحتماء بها. علينا كلنا أن يعرف أن المذهبية والطائفية هي سبب العلل والأزمات في بلدنا. وآمل أن تكون القناعة التي لدينا نحن أبناء طائفة اللاطائفيين أن تكون طائفتنا هي التي تعمل للوصول الى الى الدولة العلمانية المدنية، التي هي المخرج الوحيد لخروج لبنان من أزماته”.
وتابع بوصعب كلمته متحدّثًا عن الأوضاع الصعبة التي يمرّ بها لبنان لا سيما في ظل الشغور الرئاسي والإنهيار المالي والإقتصادي، فقال: “التحديات التي يمرّ بها لبنان ليست سهلة أبدًا والتغييرات المطلوبة لإنقاذ وطننا كبيرة وكبيرة جدًا لأن الكل في مواجهة الكل وذلك بسبب وجود عدة أحزاب وعدة طوائف واختلافات حتى لدى الفريق الواحد. إننا نفتقد في لبنان الى النضوج السياسي. وكما قال يومًا دولة الرئيس سليم الحص، في لبنان يوجد كثير من الحرية ولكن قليل من الديمقراطية. هناك فرق بين الحرية والديمقراطية. الحرية للأسف بالمفهوم الذي لدينا هو شتم الآخر ومن دون سبب. الحرية يجب أن تكون ديمقراطية فعلية. أي حريتك تقف عند عدم الإعتداء على الآخر. هذا ما نفتقده في العمل السياسي في لبنان. نحن بحاجة إلى إعادة تثقيف وجهودنا يجب أن تصب في هذا الإتجاه، إتجاه الثقافة السياسية الحقة، في مجتمعاتنا وجامعاتنا ومدارسنا. هذه الثقافة تربّي أجيال الغد، والأجيال التي لم تولد بعد على الصدق والنزاهة والحرية والديمقراطية الحقة والصحيحة، وهذه القيم الثقافية توصل لبنان ألى دولة مستقرة ومزدهرة”.
وتابع: “التغيير بدأ حتى ولو بوتيرة بطيئة ولكننا سائرون بالطريق الصحيح وإذا استمرينا بهذه المسيرة، وإن لم نستطع بناء لبنان الذي نريده، أولادنا سيبنوه. التحديات التي نواجهها اليوم كثيرة وكبيرة، النزوح السوري والأزمة الإقتصادية وانتخاب رئيس جمهورية”.
بالنسبة إلى موضوع النزوح السوري نحن من الذين عليهم الوقوف إلى جانب شعب يهرب من حرب. كما فتحت سوريا أبوابها واستقبلت اللبنانيين في زمن الإجتياح الإسرائيلي وفي أوقات أخرى خلال الحروب التي مرّ بها لبنان، لبنان فتح أبوابه للسوريين ولكن بعد وقف الحرب في سوريا قضية النزوح يجب أن تُحل لأنها تؤثّر سلبًا على لبنان إقتصاديًا وإجتماعيًا وصحيًا وتربويًا. أربعون بالمئة من خسائر لبنان هي بسبب النزوح السوري الى لبنان. الكهرباء، المياه، الصحة، المدارس، المواد الغذائية المدعومة والدواء المدعوم. لدينا إقتصادان في لبنان وليس إقتصاد واحد. بالتالي فإن المجتمع الدولي وتحت عنوان حقوق الإنسان يمنع حل المشكلة. الموضوع اليوم اختلف عن السابق وهناك اجماع بين اللبنانيين أن هذه الملف يجب معالجته لنستطيع الخروج من أزمتنا الإقتصادية أو لنقل بداية الخروج منها، ولتحقيق الإصلاحات المطلوبة ومكافحة الفساد ومحاربته والقوانين التي يجب إقرارها والإتفاق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وانتخاب رئيس جمهورية وتشكيل الحكومة لمواكبة كل إصلاح واستقرار. ووجّه دولته تحية تقدير الى الوزير السابق نقولا نحاس لمواكبته الدائمة لكل هذه الملفات وكأنه ما زال وزيرًا أو نائبًا. ونحن أمام أسبوع حاسم لإقرار قانون الشيخوخة الذي عمل معاليه عليه بمواظبة، وهذا القانون سيصنع فرقًا للمواطن اللبناني. نعم علينا الإعتراف أن هناك مسؤولين يحبون بلدهم ويعملون لخيره ولخير أبنائه.
بالنسبة لموضوع صندوق النقد الدولي يجب الوصول إلى خواتيمه السعيدة، ليس لأننا بحاجة إلى أربعة أو خمسة مليارات دولار ولكن من أجل استعادة الثقة الدولية والمجتمع الدولي بلبنان. وإذا عادت الثقة فاللبنانيون قادرون على انعاش اقتصاد بلدهم ولإعطاء الثقة بالمصارف وللإستثمار في لبنان، وهذا يتطلب أولًا انتخاب رئيس جمهورية وحكومة وإصلاحات. والعقبة الوحيدة اليوم هي غياب رأس السلطة. وما دام لا رئيس الجمهورية لدينا، لا يمكن لنا البدء بخارطة الطريق للإنقاذ. ونطلب من صندوق النقد الدولي اليوم إعطائنا المال المطلوب لإستجرار الغاز من مصر الى حين إنهاء أزمة الكهرباء.
وفي موضوع رئاسة الجمهورية، قال بوصعب: “الأزمة ليست سهلة. واليوم أزمتنا هي أكبر من التي كنّا فيها قبل. الأربعاء المقبل هناك جلسة لانتخاب رئيس، ولكن هذه الجلسة لا يتوقع لها أحد أنها سيتم أنتخاب الرئيس فيها. لماذا؟ لأنه بالتحدي لا يمكن لأحد انتخاب رئيس الجمهورية، ونحن مقبلون على تحدٍ. كل نائب يقول انا سأنتخب رئيس جمهورية، ولماذا لم يقدم على ذلك؟ السبب هو غياب الحوار الحقيقي ولا أحد يتحدث إلى الآخر من منطلق حوار منفتح وديمقراطي. دستورنا يسمح بأن يقاطع النائب الجلسة إذا لم يرَ فيها مصلحته في انعقادها. والدليل على كلامي أن الفريقين هددا بمقاطعة الجلسات. المخرج هو أن نجلس معًا. بالتحدي لن نصل إلى حل. حتى لو تمّ انتخاب رئيس بالتحدي، لن تُحل مشاكل لبنان وأزماته. المطلوب قناعة مشتركة لدى كل الفرقاء من أجل الوصول إلى نقلة نوعية من خلال أن يكون لدينا رئيس جمهورية ورئيس حكومة يتعاونان من أجل مصلحة لبنان من خلال حكومة لديها خارطة طريق للإصلاحات”.
وختم: “التشاور والحوار كفيلان للخروج من الأزمة التي نعيشها وبعد جلسة الأربعاء اذا لم يُنتخب رئيس جمهورية، يجب اعتماد لغة الحوار والتواصل التي حاول الزميل غسان سكاف أن يعمله ومن هذا المنطلق سنبقى نعمل من أجل لبنان واستقراره، وبالتحدي والكسر لا نستيطع بناء الوطن و”ما حدا بيقدر يلغي حدا” وأختم بكلمات أغنية لجوليا ” مش ممكن أبدًا تلغيني بدّك تسمعني وتحكيني”.