كتبت لارا يزبك في “المركزية”:
على مسامع مسؤولين في حزب الله وحركة امل كانوا موجودين في الحضور، أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان امس، “ضرورة تأمين شراكة لبنان الوطنية”، مشيرا الى ان “ما لم تستطع أن تأخذه تل ابيب وواشنطن بالغزو الاسرائيلي لن تحققه بالانتخابات الرئاسية”.
الثنائي الشيعي ومَن يدورون في فلكه، يواصلون اذا، كما هو جلي وواضح، حملاتهم لاسقاط ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور الذي اتفقت عليه قوى المعارضة والتيار الوطني الحر. الامر هذا كان ليكون منطقيا وطبيعيا في معركةٍ تُخاض بأساليب ديمقراطية دستورية طبيعية وعادية.
لكن الخطير في ما يجري، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، هو ان فريق ٨ آذار، بقياداته السياسية والروحية، ذهب أبعد بكثير من المُتاح والمسموح به في هذا السباق، وقد وصل بهم الامر حد “هدر دم” المرشح الخصم لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية… فبعد الصورة التي نشرتها احدى الصحف المُمانعة منذ ايام والتي تجمع أزعور الى الوزير الشهيد محمد شطح الذي اغتيل بتفجير سيارته منذ سنوات، ها هو قبلان يعتبر فوزَ أزعور مثابة انتصار لواشنطن وتل ابيب في لبنان! أليس بين سطور هذا التشبيه، تحليلٌ لتصفية مَن يخدمون العدو في لبنان، في منظار قبلان؟
وساعات قبيل كلمة المفتي الجعفري، توجّه عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق الى الفريق الآخر، بلغةٍ لا تقل خشونة. اذ اكد أنه “أمام أزمات البلد المتراكمة يجب أن تكون المرحلة مرحلة إنقاذ وليس الإنقلاب على التوازنات الداخلية الحساسة”. وأشار قاووق من جبيل الى أن “لبنان يحتاج إلى تقاطعات وطنية تنقذه من الانهيار وتحصنه من الفتنة، إلى تقاطعات تصب في المصلحة الوطنية لا في مصلحة أشخاص، ونقول للذين يحمسون والذين يتحمسون، لا تخطئوا بالحسابات ولا تأخذكم الحماسة الزائدة إلى المزيد من الرهانات الخاسرة”. وقال “الاصطفافات المستجدة في ملف الرئاسة أكدت هواجسنا الوطنية وفضحت النوايا المبيتة، ومسؤوليتنا الوطنية تفرض علينا تحصين الساحة وقطع الطريق على الفتنة”.
فما الذي يقصده قاووق بـ”لا تخطئوا في الحساب”؟ الا تحمل نبرتُه تحذيرا وفوقية؟ وبعد، كيف سيقوم الحزب بـ”قطع الطريق على الفتنة” المتمثلة بانتخاب أزعور، كما جاء في كلمة قاووق؟ هل بالرضوخ للعبة الديمقراطية واحترام أصولها مثلا؟ ام بخطواتٍ تبدأ بتعطيل جلسات الانتخاب ولا تنتهي بأساليب ترهيبية، وقد لوّح إعلام ٨ آذار بـ٧ ايار جديد، حين شبّه انتخاب ازعور بـ”محاولة عزل الحزب والالتفاف عليه” التي حصلت، على حد تعبير الممانعين، عام ٢٠٠٨؟
على اي حال، استدعى هذا المنطق “الاصفر” الذي تجاوز كل الحدود واللياقات وتحوّل تهديدا، ردودا حتى ممن كانوا حلفاء الحزب، ومنهم الرئيس ميشال عون الذي غرد اليوم “نظامنا ديمقراطي ودستورنا يكفل حرية الرأي.. وعليه، فإن من حق كل فريق سياسي أن يكون لديه مرشح رئاسي من دون أن يستجرّ ذلك خطاب التخوين والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور. إن احترام الآخر وحقوقه هو في أساس الوحدة الوطنية والعيش المشترك، ومن يريد الوطن لا بد وأن يحترم هذه المبادئ”.
بدوره، أكد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي اليوم ان الترشح والترشيح حقّ ديمقراطيّ دستوريّ واحترام المرشحين في كراماتهم حقّ أخلاقيّ أساسيّ”.
الاكيد ان الايام المقبلة والمرحلة المقبلة كلا، ستكون دقيقة اذا لم يقتنع الثنائي الشيعي بأن ليس كل من يعارضه عميلا، وبالاقلاع عن محاولاته إخضاع اللبنانيين لمشيئته. كما ان تدخلا خارجيا دوليا ما، لدى ايران ربما، التي تواصل مع رئيسها على مدى 90 دقيقة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون منذ ساعات، لتليين موقف الحزب، قد يكون مفيدا في كسر المراوحة الرئاسية، تختم المصادر.