Site icon IMLebanon

إختبارات ما بعد الجلسة

كتب وليد شقير في “نداء الوطن”:

الطريف في جلسة اليوم الانتخابية أنّ كل الفرقاء يتحدث عن النتيجة سلفاً، بأن لا رئيس للجمهورية سينتج عنها، أي لا نتيجة. ما نفع البوانتاجات إذاً؟ ولماذا يتجشم النواب كل هذا العناء بالنزول إلى البرلمان وهم يعرفون سلفاً أنّ اختبار ميزان القوى سيكون عبثياً طالما سيتم تعطيل النصاب في الدورة الثانية للاقتراع منعاً لحصول مفاجآت قد ينجم عنها إمكان انضمام بعض الرماديين إلى أصوات الوزير السابق جهاد أزعور فيفوز بالرئاسة؟

الفريقان يتحدثان عن مفاجآت، في إطار الحرب النفسية المتبادلة بهدف التأثير على المترددين، أو لترهيب الخصم وإرباكه في إطار الحرب النفسية لا غير، من دون أن يكون لأي من المفاجآت مفعول إنتاج رئيس.

في انتظار حصيلة الاختبار الذي ستشهده قاعة البرلمان، يبدو أنّ ما سينجم عنها هو المزيد من الاختبارات التي سيشهدها البلد في الأسابيع المقبلة. فالجلسة بذاتها لن تكون لها آثار مقررة وحاسمة على موازين القوى داخل البرلمان، إلا إذا حصل أزعور على الـ65 صوتاً من الدورة الأولى، طالما يفيد معظم التقديرات أنّه سيتفوق ببضعة أصوات على فرنجية قد لا تصل إلى حد هذا الرقم. فرغم أنها لا تؤهله للفوز لأنه يحتاج إلى أكثرية الثلثين في الدورة الأولى، فإنها تعني أنّه قادر على الفوز بالرئاسة في الدورة الثانية بحيث يمكن لمؤيديه القول إنّ الرجل على قاب قوسين من الرئاسة لولا تعطيل النصاب لعقد الدورة الثانية من التصويت. والبعض يرى أنّ ذلك يعني أنّ أزعور أصبح رئيساً لكن تعطيل النصاب جاء أشبه بإنكار حصيلة الأصوات.

مع استبعاد بعض الأوساط في الفريقين احتمال حصوله على النصف زائداً واحداً في الدورة الأولى، فإنّ حسابات مؤيدي فرنجية يتوقعون أن يتبع تفوقه على فرنجية ثم تعطيل النصاب انخفاض أصواته بعد أن ترفع الجلسة، لأنهم يتوقعون أن يفرط رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل «التقاطع» مع المعارضة على اسمه، لتنتقل المبارزة إلى البحث عن اسم ثالث لعله يظفر بتأييد «الثنائي» وحلفائه وبعض الرماديين. كما أنّ «الثنائي» يراهن على تبديد المفاجأة التي شكلها «التقاطع» بين المعارضين و»التيار الحر» بحيث ينضم بعض من صوت لصالح أزعور في جلسة اليوم إلى الخندق المقابل.

الاختبارات ستتوالى بعد الجلسة، في ظل توقع بأن يطول البحث عن مخرج من الانسداد السياسي، ومعه أن يمتد الفراغ الرئاسي أكثر. الاختبارات تتعدى الجلسة، وستشهد على الأرجح وقائع تلهي اللبنانيين خلال فصل الصيف عن الاستحقاق الرئاسي بمزيد من الصعوبات المعيشية وبالكثير من المناورات التي جعلت الناس خلال الأشهر الثمانية الماضية تتعايش مع الفراغ بتذاكي البعض وبدونكيشوتية البعض الآخر.

لكن يمكن توقع اختبارات محلية وخارجية ستعقب الجلسة والتي يمكن أن تخلق دينامية تحركات سياسية بعد ارفضاضها كالآتي:

1- ما هو مفعول الانقسام داخل «التيار الوطني الحر» حول الرئاسة؟ هل سيستمر ويتعمق بعد الجلسة، أم سيتم استيعابه بالتي هي أحسن؟ فلذلك انعكاس على البوانتاجات اللاحقة وتقدير توزع الأصوات بناء لعدم التوصل إلى نتيجة.

2- ما هو تأثير اللانتيجة من الجلسة على استمرارية كل من المرشحَين فرنجية وأزعور في السباق، لا سيما إذا طال انتظار تبلور تسوية خارجية على لبنان؟

3- ما هي ردة فعل الدول المعنية برصد التطورات اللبنانية، إذا نسف فريق الممانعة نصاب الثلثين في الدورة الثانية بعد أن كان مسؤولون أميركيون لوحوا للفريقين معاً بعقوبات في حال تطيير النصاب؟ هل ستقدم واشنطن مع بعض حلفائها على إجراءات في هذا الإطار أم أنها ستعتبرها غير نافعة؟

4- كيف ستتم ترجمة الاهتمام الدولي العربي بانتخابات الرئاسة في محطات دبلوماسية مهمة شهدها الأسبوع الماضي، سواء في الرياض خلال اللقاءات الأميركية السعودية، وهل جرى تناول أزمة رئاسة لبنان خلال الاتصال الهاتفي بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي قبل ثلاثة أيام، أو خلال زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الثالثة قبل يومين إلى العاصمة السعودية؟ وماذا تخبئ اللقاءات خلال الزيارة المرتقبة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بعد غد إلى باريس إثر المحادثات التي أجراها المستشار في الديوان الملكي السعودي والسفير في بيروت وليد البخاري مع الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان الوزير السابق جا إيف لودريان؟

5- هل سيبقى «الثنائي الشيعي» على دعوته للحوار مع الفرقاء الآخرين أم أنه سيهملها ويرمي الكرة في ملعب البطريركية المارونية، لاسيما أنّ المطران بولس عبد الساتر خرج من لقائه مع الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله بأن الأخير لا يريد شيئاً مقابل الرئاسة في لبنان، إلا الحوار، مرحباً بتحرك بكركي؟

الاختبارات المقبلة أهم من اختبار اليوم.