Site icon IMLebanon

الراعي: هناك مشيئة الهية تريد لبنان… ولا أخاف عليه

اكد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ان هناك مشيئة الهية تريد لبنان، ولو لم يكن الامر كذلك لكان انتهى منذ زمن، منوها بالوحدة التي ظهرت بين المسيحيين حول مرشح رئاسي، آملا ان تتسع هذه الوحدة الى كل مكونات الوطن حتى نكوّن جميعنا العائلة اللبنانية.

وقال الراعي: لا اخاف على لبنان، ولكن اخاف من ان يسمح بعض اللبنانيين -خاصة اصحاب النفوذ- لانفسهم الاستمرار في العبث بقيمة لبنان ونظامه الديموقراطي ودستوره وشعبه وكرامته ودوره ورسالته.

كلام الراعي، جاء خلال احتفال تكريمي اقامه المهندس هنري صفير في منزله دار التلة في ريفون في حضور الرئيس امين الجميل ولفيف من المطارنة والكهنة، وحشد من الشخصيات الوزارية والنيابية والسياسية وعدد من الاعلاميين ورؤساء البلديات.

وبعد استقبال الراعي على وقع الانغام الموسيقية استهل الاحتفال بزيارة الى كنيسة الروح القدس الموجودة في الدار التي باركها البطريرك وسط الترانيم الروحية، حيث انتقل الجميع الى عشاء احيته فرقة فيلوكاليا بادارة الاخت مارانا سعد والتي خصت الراعي بترنيمة كتبها جورج خباز ولحنتها الاخت سعد الى جانب عدد من التراتيل والاغنيات الفلكلورية.

وكان عريف الحفل الاعلامي سعد الياس الذي قال عن صاحب الدعوة”هو رجلُ الفكر العميق والثقافة الواسعة والكلمة المدوية قبل وبعد كتابِه “نداء الكلمات”… هو رجلُ القضية اللبنانية والانتماءِ الوطني قبل وبعد جريدتِه “نداء الوطن” ومحطة ICN. سياسيٌ صريحٌ وجريء، حملَ مشروعَ الجمهورية الجديدة التي حَلُم بها ومازال، لبنانيٌ وكسروانيٌ أصيل…

واضاف: هنري صفير دفع ثمناً باهظاً في مطلع التسعينات دفاعاً عن قناعاته وتحدّيه للقمع والعتمة. لا يعرف المساومة بل يحمل في داخله روحَ الثورة”.

واضاف عن البطريرك الراعي “قدرُ البطاركةِ الأحرار أن يحملوا على أكتافِهم صليباً تنوءُ بحَمله أكتافٌ أخرى… إلا أن البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي حملَ مَشعلَ البطاركة المجاهدين يتسلّحُ بهذا الصليب بكل ما أوتي من وطنيةٍ وقيمٍ روحية من اجل قيامة لبنان، رافضاً أن يتحوّلَ هذا الوطنُ الصغيرُ المتجذرُ في الارض والتاريخ إلى غُصنٍ يتلاعبُ به محورٌ من هنا أو محورٌ من هناك. “لا تسكتوا” عبارةٌ مدوية ردّدها صاحبُ الغبطة امام جماهيرَ غاضبة سبع عشرة مرة وهو يخطُبُ من شرفته كما فعل أسلافُه الذين أعطوا مجدَ لبنان وجعلوا منه معقلَ إيمان وحُصنَ كرامة. لكن البطريرك الراعي في ظل العواصف التي تحيطُ بهذا البلد تنتظرُه مسؤولياتٌ كبرى، وهو يختصرُ بشخصه اليوم البطريرك الياس الحويك وتجربة لبنان الكبير، والبطريرك انطوان عريضة وتجربة الاستقلال، والبطريرك نصرالله صفير وتجربة الاستقلال الثاني”.

ثم القى المهندس صفير كلمة رحب فيها بالحضور سائلا: هل مات لبنان…! ويشيِّعُهُ قاتلوهُ من الداخل والخارج والبعضُ مِنهم في مركزِ المسؤولية، ولا يزال مساهماً في القراراتِ المدمرّة.  وانفرجَت صدورٌ ضيّقة تضمرُ له الحِقدَ وتحضّرُ له الإحَن، وترقصُ على أنقاضِه آمالٌ سوداء:

لا مؤسساتٌ،… لا اقتصاد،… لا عدالة،… لا حريّة.

وهل بقي لنا دستورٌ؟ لقد تخطّوا الدستورَ عند انتهاءِ ولاية رئاسة الجمهورية السابقة، فَوُهِبنا  وزارةً لا تتمتّع بقانونيةٍ كاملة ولا بشرعيّة دستورية.

قلنا كيف ذلك؟ قالوا إنّها وزارة الضرورة.

واضاف: سمعتُ مؤخراً أنَّهم يحاولونَ تحويلَ مجلسِ النوابِ مِن هيئةٍ ناخبة إلى هيئةِ تشريعِ الضرورة. فبينَ وزارةِ الضرورة ومجلسِ تشريعِ الضرورة، أين هو دورُ رئيسِ الجمهورية حافظُ الدستور.

وتابع سائلا: ألا يريدونَ رئيساً للجمهورية؟ الأنَّ بغيابِ رئيسٍ للجمهورية يتمتّعُ المتسلّطون بالتصرّفِ المزاجيّ، ويسرحون ويمرحون كما يروقُ لهم.

ولكن هل يموتُ لبنان وفيه إرادةٌ للحياة؟!

لقد عبَّرتُم عن إرادةِ الحياة يا صاحبَ الغبطة في عِظاتِكم المتتالية، لذلك لن تموتَ الروحُ بل تُلملِمُ رميمَ أجسادِها ويقومُ لبنان في قيامةٍ مجيدة.

وقال: نعم يقومُ لبنان شرطَ… أن ينتخبَ أعضاءُ مجلسِ النوّاب رئيساً للجمهورية، لا بانتخاباتٍ سلبية كما جرت حتى الآن. لأنهم إذا استمرّوا بسلك الأساليبَ ذاتِها سيهبونَنا رئيسَ “الكيفَ ما كان”.  بل عليهم أن يبحثوا عن رئيسٍ يتحلّى بالصفاتِ الأساس التي تمكّنُه أن يقودَ مع مجلسِ الوزارة العتيد، قيامةَ الدولة فيحاربَ المُفسدين والفاسدين، ويستجيبَ لحاجاتِ الشعب، ويؤمّنَ الحريّة التي هي أساسُ الكيان.

ووشدد صفير على انه بتربيةٍ وطنيةٍ دؤوبة، وبإعلامٍ مسؤول، يستطيع أن يدفعَ المواطنين للتخلّي عن عصبيتِهم الطائفية ليعيشوا الموالفة فيما بينِهم.

فبالموالفةِ يستطيعُ اللبنانيون جميعاً دعمَ رئيسِهم المُنتخَب ويغامرون مغامرةَ الإشراقِ والأمل التي تكون مغامرتهم الأخيرة وحظهم الوحيد.

إذا كانت الوحدةُ قاعدةَ الكيان، فالموالفةُ هي قاعدةُ المصير.

وخصوصاً شرطَ…

– أن لا يتنازعَ المتسلّطون أشلاءَ الوطن المحتضر وينقضَّوا على الأمل الجديد القائم.

– يجب أن تفهمَ العقبانُ التي ظنَّت إلى حينٍ أنَّ مناقيرها ستنهشُ أيضاً الحيَّ القائم، وأن تتذكّرَ أنَّ وضعَ الحرّاسِ على القبر لم يقف بوجهِ القيامة.

وتابع: قيامةُ لبنان،

– إعادةُ بناءِ الهيكل وتجديدُ مؤسساتِ الدولة لترتكزَ على العِلم والكفاءة.

– قضاءٌ مستقلٌّ عادلٌ ومتجدد، لِأن لا حريّة من غيرِ عدالة.

– وضعُ قانونٍ ينظّمُ القِطاعَ المصرفيّ ويؤمّنُ إعادةَ الودائع للمودعين.

– اقتصادٌ يغمرُ بتقشّفاتِه أولاً، ثم بخيراتِه جميعَ اللبنانيين.

–  جيشٌ شرفُهُ في حُسامِه لا في انتسابِه إلاّ للدولة اللبنانية.

– مقاومةٌ شرفُها بصدِّ العداء وكسرِ صلافةِ العدوّ، ملتزمةٌ بخطةِ دفاعٍ تضعُها تحتَ سقفِ الدولة.

القيامةُ، دأبٌ متواصلٌ لا أعجوبةٌ باهرة، وإيمانٌ راسخٌ لا مبايعةٌ عابرة، وإرادةٌ جَماعية لا نزوةٌ فردية، ويجب أن يتكثّفَ هذا الحسُّ بالحياة الجديدة عند جميع اللبنانيين، كي لا يهدرَ اللبنانيون تاريخَهم هدراً،

وختم صفير: سرُّ القيامة، أن تتعدّى كلَّ ذلك، وتتخطّى موافقةَ الحراسِ على القبر…

فتكون ظاهرةً مستمرة، خارقةَ الأبعاد. تحتِّمُ علينا وعياً حاداً واعتناقاً مسؤولاً لدورِنا في المَشرقِ ولرسالةِ الإنسان في لبنان.

اما البطريرك الماروني فوجه التحية والشكر الى صفير، واصفاً اللقاء بالجميل، طالباً”من الروح القدس وضع الوحدة بين اللبنانيين، لان مرضنا هو نتيجة خلافاتنا وصراعاتنا وتشتتنا. وتحدث عن بوادر الوحدة التي ظهرت بين اللبنانيين وهلل بها الرأي العام، حيث كانوا يطالبون المسيحيين ان يوحدوا كلمتهم حول مرشحهم الرئاسي، وهذا ما حصل وكان الامر فخر لنا”.

وتمنى الراعي “ان يوحد المسيحيون كلمتهم حتى تتسع هذه الوحدة الى كل مكونات الوطن حتى نكوّن جميعنا العائلة اللبنانية، فاذا لم تتكوّن العائلة اللبنانية لا يمكن ان نسلك الى الامام بسلام.”

واضاف: “نؤمن ان الصلاة هي قوتنا، وسيد التاريخ هو الله الذي يتدخل بطريقة فريدة ومتى يريد، والله وحده يستطيع ان يدخل عمق الانسان ويخاطبه من الداخل، في حين نحن نخاطب الناس من خلال اذانهم، اما الله فيخاطب الانسان من خلال قلبه وضميره، لذلك نحن ابناء وبنات الرجاء”.

وقال: “نصلي دائما لتتم تجليات الله في كل انسان وفي مجتمعاتنا”، مشيرا الى “ان كلنا يعرف ان هناك مشيئة الهية تريد لبنان، ولو لم يكن الامر كذلك لكان انتهى منذ زمن، فلا يمكن ان نفسر كيف ان لبنان منهار كدولة وكشعب، ورغم ذلك ما زال يحافظ على كيانه وعلة وجوده وحضوره اكان في الداخل او في عالم الانتشار، وهذا ما يعني ان هناك ارادة الهية تريد هذا الوطن، وما يعني ايضا اننا كلبنانيين لا نستطيع العبث بوطننا الذي له تاريخ مجيد وجذور طويلة، من خلالها ناضل وحافظ على وحدته وعلى كرامته، على مدى مئة سنة- حين اصبح دولة مستقلة- حافظ لبنان على كيانه رغم كل ما حصل”.

وتابع الراعي: “لا اخاف على لبنان، لكن اخاف من ان يسمح بعض اللبنانيين -خاصة اصحاب النفوذ- لانفسهم الاستمرار في العبث بقيمة لبنان ونظامه الديموقراطي ودستوره وشعبه وكرامته ودوره ورسالته”، مشددا على ان  “لا احد منا يريد ان لا يستعيد لبنان دوره ورسالته خاصة وانه لا يخص احد بل يخص كل الشعب اللبناني والتاريخ والحضارة العالمية والمجموعة الدولية، لا احد ولا اي فريق – اكان قويا او ضعيفا-  يمكن ان يعتبر يوماً ان لبنان يخصه حصراً، كلنا مؤتمنون على لبنان

وختم: “نجدد ايماننا بلبنان الوطن القيمة الحضارية، ولبنان صاحب الرسالة والدور في المجتمع العربي والدولي، وكل واحد منا يجدد دوره حيث هو من موقعه للمحافظة على هذه اللؤلؤة التي اسمها لبنان”.