كتب مازن ع. خطاب في “اللواء”:
أعلن المشاركون في «مؤتمر بروكسل» تقديم مساعدات إضافية بقيمة عشرة مليار دولار لمساعدة الشعب السوري داخل سوريا وفي بلدان اللجوء، ولفتت الخارجية السورية إلى أنّ الاتحاد الأوروبي غيّب الدولة السورية عن المؤتمر الذي عقد بإسم السوريّين، في حين يجب أن تقتنع المنظمات والجهات الدوليّة أن هناك نظاماً سورياً مسؤولاً عن شعبه، ويسيطر على معظم الأراضي السورية، ولا يجوز لها التذرّع بإمكانيّة تعرّض العائدين للأذى في سوريا ولزوم البقاء في دول اللجوء. إلّا انّ المريب جاء في كلمة الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، والتي كشفت عن مكيدة أوروبيّة لتوطين اللاجئين السوريّين في لبنان.
وكان بوريل قد أكّد بنبرة متعالية أنّ الاتحاد الأوروبي لن يختار مسار التطبيع مع النظام السوري وبالتالي اعتبر أن عودة اللاجئين السوريين إلى بلدهم غير ممكنة حالياً، كما وعد الدول المضيفة بدعم مادي لضمان بقاء اللاجئين فيها، ومنها لبنان الذي يستضيف حوالي مليونيّ لاجئ سوري. وكان من الأجدى أن تتوقف المنظمات والجهات الدوليّة عن إغراء اللاجئين بالمال والمساعدات المقدّمة للبقاء في لبنان، وأن تقدّم عطاءاتها السخيّة الى اللاجئين عند عودتهم الى سوريا ومساعدتهم في الاستقرار هناك والمساهمة في إعادة بناء بلدهم المنكوب. وإذا استحال إعادتهم الى سوريا، فمن واجب الأمم المتحدة والمفوضيّة مساعدة اللاجئين من خلال إعادة توطينهم في دول مضيفة أو «بلدان ثالثة» أخرى، وخصوصاً انّ عدداً كبيراً منهم يعتبرون لبنان محطّة انتظار ليتم نقلهم الى البلدان الغربيّة التي تتغنّى بحقوق الإنسان.
أمّا في الإطار القانوني لمسألة اللجوء والترحيل، تعرّف المادة الأولى من اتفاقية اللجوء الدوليّة لسنة ١٩٥١ صفة «اللاجئ» بأنه شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو بلد إقامته المعتادة، ولا يستطيع أو لا يريد أن يستظل بحماية بلد جنسيّته أو العودة إليه خشية التعرض للاضطهاد أو خطر ما. وتوضح الاتفاقية حقوق اللاجئ وتشدد على أهمية التزاماته تجاه الحكومة المضيفة. وتقع على عاتق الحكومات المضيفة، بصفة أساسية، مسؤولية حماية اللاجئين، وعدم جواز إعادة اللاجئ إلى بلد يخشى فيه من التعرض للاضطهاد. وتعتبر البلدان التي وقّعت على الاتفاقية ملزمة بتنفيذ أحكامها.
ويجدر التذكير بأن الجمهوريّة اللبنانيّة لم توقّع على الاتفاقية، وعليه ليست الحكومة اللبنانيّة مرغمة على تأمين حماية اللاجئين إلّا بنسبة محدودة وبحدود الخدمات الأساسية. والجدير بالذّكر أنّ هناك أعداداً كبيرة من اللاجئين الموجودين في لبنان تؤيد النظام الحالي وشاركت في الانتخاب للتجديد للرئيس بشار الأسد، وتقوم بزيارة سوريا بشكلٍ دوريٍ، ممّا يسقط صفة «اللاجئ» عنهم ويحرمهم من التذرّع بحقّ الحماية من الترحيل، خصوصاً من يدخل منهم الى لبنان أو يغادره خلسةً الى سوريا كونهم ليسوا صادقين ويستغلون النظام الأممي.
بالنتيجة، ما أدلى به بوريل يلزمه وحده، لأنّ القرار في هذا الملف الشائك هو لبنانيّ بامتياز وهو ملك اللبنانيّين، وينبغي أن تتخذ الحكومة اللبنانية قرارها وتعزم على إعادة التواصل مع الحكومة السورية من أجل ملف اللاجئين وإعادتهم الى بلدهم عودة كريمة آمنة، وذلك رغماً عن الاتحاد الأوروبي وعن باقي الهيئات الدّولية التي لا تنفكّ عن كيد المؤامرات الساقطة ضدّ لبنان وشعبه.
وإذا كانت الدّول الأوروبية والغربيّة، التي تتباهى بحماية حقوق الإنسان، عازمة فعلاً على حلّ أزمة اللجوء السوري فلتستقبلهم في بلدانها ثم تعيدهم إلى سوريا عند بلورة حلّ سياسي واضح للأزمة السورية ومقبول بحسب «المقاييس» الغربيّة، وإلّا فليفسحوا المجال للبنان من أجل إعادة اللاجئين الى سوريا فوراً، وبشكل طوعي، حتى لا يدفعوا اللبنانيّين الى إعادتهم قسراً في ظلّ الوضع الاجتماعي المشحون.