كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
غداً يصل المبعوث الرئاسي وزير الخارجية الأسبق جان ايف لودريان الى بيروت. جدول مواعيد ولقاءات يمتدّ أياماً يلتقي خلالها رؤساء الأحزاب والكتل النيابية. الجميع تلقوا دعوة للقاء معه من دون ذكر تفاصيل البحث. مجرد عنوان عريض وهو التباحث في الشأن الرئاسي.
قبل ساعات من وصوله لم يشأ أي طرف المبالغة في التوقعات. بتوصيف مصادر الثامن من آذار، فإنّ فرنسا الوحيدة التي تتعامل بواقعية مع انتخابات الرئاسة في لبنان. وعلى خلاف المتداول فإنّها لم تتبنَ مرشحاً بعينه وليس لديها مرشح ولا تقدّم طرفاً على آخر، وهي وإن كانت طرحت أو عملت على استيضاح حظوظ رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، فانطلاقاً من طرح تسوية كاملة متكاملة أساسها التكامل بين الرئاستين الأولى والثالثة، أي رئاسة الحكومة التي تتقدم بصلاحياتها على صلاحيات الرئاسة الأولى. لا ترغب فرنسا في رئيس مواجهة، ولن تتبنى أي مرشح لا يحظى بتوافق الفريقين، ولكنها تصرّ على مبدأ الشراكة الكاملة في السلطة. ولذا المرجّح أنّ فرنسا لم تغادر مربّع فرنجية – نواف سلام.
أي من الشخصيات التي تلقت دعوة الإجتماع مع لودريان لا يملك تصوراً لما يحمله معه الموفد الرئاسي بمن فيهم «حزب الله»، ولكن منطق الأمور يقول إنّ الضيف الرئاسي يصبو للإستماع الى طروحات الجميع والإستفسار عن النتائج التي أفرزتها جلسة الإنتخاب الأخيرة بالأرقام التي خرج بها مرشحا المعارضة والثنائي. تقول مصادر مواكبة إنّ لودريان سيستطلع الرأي ويجسّ النبض لا أكثر، ثم يرفع تقريره إلى الإليزيه.
وإستعداداً لإستقباله بدت كل الكتل السياسية على تموضعاتها الرئاسية ذاتها. فالمعارضة وضمنها «القوات» و»الكتائب» أبقت على تأييدها ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، كما «التيار الوطني الحر» و»اللقاء الديمقراطي» حسبما أبلغ رئيسه تيمور جنبلاط قوى المعارضة. أما الثنائي فهو صاحب الباع الطويل الذي سبق واختبر طول الإنتظار قبل انتخاب الرئيس ميشال عون، ومستعد لتكرار التجربة ذاتها مع فرنجية.
نتائج جلسة الإنتخاب بالأصوات التي نالها المرشح الخصم جهاد أزعور لم تعدّل في خياراته أو تدفعه إلى مراجعة حساباته، لكنّه يؤكد بناء على تأكيد مصادره عدم السير بمرشح خارج التوافق، وطريقه إلى التوافق هو التفاهم مع «التيار الوطني الحر» ورئيسه. رغم الإختلاف في المقاربة وإلابتعاد إلى حد الخلاف بينهما غير أنّ «حزب الله» لا يزال يراهن على الحوار مع «التيار» سبيلاً وحيداً للحل متجاوزاً كل التكتلات النيابية الأخرى.
وعلى عكس كل الأجواء المتوترة التي سبقت جلسة الإنتخاب وتلتها، إلا أنّ المصادر المطلعة تؤكد الحرص على العلاقة مع «التيار» ورئيسه، والقول إن لا سبيل للطرفين إلا الحوار، خصوصاً أنّ الخلاف الحاصل ينحصر بالرئاسة، وبالتالي لا بد من أن يصل الطرفان إلى توافق على صيغة ما. وتمضي المصادر قائلة إنّ الجلسة الأخيرة أثبتت بلا جدل الحاجة إلى التلاقي والحوار، وإلا فلا حل. وعلى هذا الأساس، من المرتقب أن يخصّص الموفد الفرنسي زيارته لنقل نتيجة المشاورات الإقليمية والدولية التي شهدتها الساعات الماضية من طهران إلى فرنسا، ويبني على أساسها الطرح الذي قد تقدّمه بلاده لحل الأزمة الرئاسية في لبنان.
ومن المتوقع أن يزور لبنان الأسبوع المقبل وفد قطري مهمته إستطلاع الأجواء الرئاسية مجدداً. تسابق على الأدوار والمبادرات من قبل دول غنية باحثة عن دور في دول مضطربة لتبرز من خلال سياستها الداخلية، من دون أن يفضي ذلك إلى حلول قريبة، على ما يؤكد المعنيون بالإستحقاق الرئاسي، ويتوقعون أنّ الرئاسة في لبنان لا تزال بعيدة المنال، وأنّ المباحثات التي تشهدها المنطقة لن تفضي إلى حلول قريبة، ذلك أنّ المطلوب، وما سيجري العمل عليه هو اعداد تسوية كاملة متكاملة يرغب في التوصل اليها كل الأفرقاء، لكن لم يحن موعد إخراجها إلى العلن بعد.