كتبت فاتن الحاج في “الأخبار”:
سيمتحن طلاب كسروان، رسمياً، في مدارسهم، وسيراقبهم أساتذتهم، بعدما لبّى الأمين العام للمدارس الكاثوليكية، يوسف نصر، «أوامر» المدير العام للتربية عماد الأشقر بمشاركة القطاع الخاص في أعمال المراقبة في الامتحانات الرسمية، تحت طائلة نقل الطلاب إلى مراكز أخرى بعيدة. فقد تكفل نصر بتأمين 20 معلماً من كل مدرسة من المدارس الكاثوليكية في بيروت وجبل لبنان حيث مُدد تسجيل الطلبات حتى يوم غد، وسط صمت مطبق من التعليم الرسمي على «خصخصة الامتحانات» وسحبها كورقة ضغط من يده وتحويلها الى استحقاق شبه مدرسي.
هل ألزم الأمين العام المعلمين بالمشاركة غصباً عن إرادتهم؟ يقول نصر إن القطاع الخاص «هو المستفيد من إجراء الامتحانات الرسمية كون طلابه أنجزوا برامجهم، وحقهم على مدارسهم أن ترافقهم في كل مراحل دراستهم، فلا تكتفي بإنهاء العام الدراسي وحسب، وتتركهم في امتحانات الشهادات الرسمية. والمشاركة ستكون من باب الشعور بالمسؤولية والشراكة مع القطاع الرسمي الذي لا يستطيع أن يلبي كل الحاجات، بعدما تبيّن لدى دائرة الامتحانات الرسمية أن هناك نقصاً فادحاً في الأعداد»، مشيراً إلى أن كلام الأشقر «ينطلق من مرارة الأمر الواقع، وإن لم يكن هناك داع لهذا الأسلوب الذي يعبر عن صاحبه».
في مداخلته في اللقاء مع الأشقر عبر تطبيق «زوم»، طالب نصر بمأسسة إشراك القطاع الخاص في الامتحانات، عبر آليات واضحة لدوره ولدور التعليم الرسمي. لكن ماذا عن محاسبة معلمي القطاع الخاص في حال حدوث أي خطأ أو غش أو مخالفة قانونية مع غياب سلطة وزارة التربية على هذا القطاع؟ يشير نصر إلى أن هذا الأمر «مطروح للتفكير والمناقشة لإيجاد الحلول، وهذا بالضبط ما عنيته بالمأسسة». وعن حلول أساتذة التعليم الخاص محل زملائهم في التعليم الرسمي تنفيذاً للخطة «ب»، يؤكد نصر أن «طلابنا يمثلون 80 في المئة من طلاب لبنان. نحترم أساتذة التعليم الرسمي وحقوقهم، لكن حق الطالب خط أحمر»، مستغرباً الكلام عن مقايضة حصلت بين المدارس الخاصة والمدير العام للتربية بعنوان «منمرقلك الامتحانات بتمرقلنا الأقساط»، لافتاً إلى أن «موازنات المدارس الكاثوليكية شفافة ومفتوحة لوزارة التربية ومستعدون لإخضاعها للتدقيق».
عزوف أساتذة التعليم الخاص عن المشاركة في المراقبة تعزوه ديانا أبو زينب، الأستاذة في مدرسة الراهبات في صيدا، إلى «عدم جدية المراقبة في الامتحانات وإلى البدلات الزهيدة التي تقترب من الاستعباد»، مشيرة إلى أن الأستاذ هو «الحلقة الأضعف، يشركونه إما بالضغط أو بالحياء أو بالمونة من المدير». ورأت أن مشاركة أستاذ التعليم الخاص في المراقبة «بدعة» بعدما كان التعليم الرسمي لسنوات يمسك بكل مفاصل الاستحقاق، بما في ذلك التصحيح الذي لم ينضم إليه التعليم الخاص إلا في السنوات الأخيرة.
على المقلب الآخر، لم تعترض أي من روابط التعليم الرسمي أو «الأساتذة المنتفضين» على إشراك القطاع الخاص في كل مفاصل الامتحانات الرسمية. وتقول عضو «لجنة الانتفاضة في التعليم الثانوي» والتيار النقابي المستقل، ميرنا ضناوي، إنها عندما سألت زملاءها عن سبب هذا الصمت، أتاها الجواب «دائرة الامتحانات في وزارة التربية تستطيع أن تستبدلنا ليس فقط بالقطاع الخاص، وإنما أيضاً بالدرك وموظفي الإدارة العامة، فلماذا نعطيها هذه الفرصة؟». وأضافت إن «الوزارة تسحب منا كل أوراق الضغط للحصول على حقوقنا من دون أن يكون لدى أيّ منا موقف اعتراضي ولا حتى تلويح بالمقاطعة، والرابطة التي يفترض أنها تمثل القيادة الشرعية غائبة كلياً؟».
هي حلقة من حلقات الانقضاض على التعليم الرسمي وتلزيمه للخاص، كما يقول النقابي في لقاء النقابيين الثانويين حسن مظلوم، إذ «يجري تكريس واقع مخالف للأعراف والقوانين السابقة وغير موجود في أي بلد في العالم. فالتعليم الخاص في أي مكان هو تحت جناح التعليم الرسمي وليس فوقه». واستغرب «تحقير» الأساتذة ووصف الأشقر لهم بـ«الفَعَلة»، أي بالعتالين بدل أن يقال إنهم جنود مجهولون يعملون باللحم الحي». وأشار إلى وجود «قطَب مخفية»، سائلا: «أيّ نوع من الخدمات يقدمها الأشقر للقطاع الخاص يسمح له باستخدام لغة الابتزاز والبلطجية البعيدة كل البعد عن كل ما هو تربوي؟». وأشار إلى أن هناك إصراراً من «وزارة الميليشيات» على إجراء الامتحانات «كيفما اتفق بمناهج ممسوخة وبغياب عدالة التعليم بين طلاب الخاص والرسمي، فيما الروابط أدوات صغرى تتحكم بها أحزابها».