جاء في جريدة الأنباء الالكترونية:
تنتظر البلاد وصول المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، الذي من المرتقب أن يصل اليوم الأربعاء ويقوم بجولة فيلتقي الأطراف السياسيين للوقوف على رأيهم في ملف انتخابات رئاسة الجمهورية، كمسعى فرنسي جديد لإنهاء الفراغ المستشري، وهي الحركة الأولى بعد لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وفق المعطيات، لا يحمل لودريان في جعبته مبادرة سياسية أو حلولاً سحرية للاستعصاء الداخلي الحاصل، بل ورقة من الأسئلة التي سيطرحها على الجهات التي سيلتقيها، وذلك بهدف تشخيص أزمة الفراغ بشكل دقيق وواسع، وأخذ الحلول المفترضة للأطراف السياسية بعين الاعتبار، للبناء على الواقع والشروع تجاه مبادرات تجمع حول نقاط مشتركة.
ومن الجدير ذكره موعد الزيارة الذي تزامن بعد حدثين مهمين، الأول زيارة البطريرك مار بشارة الراعي إلى باريس ولقائه ماكرون، والثاني جلسة الأربعاء الماضية وموازين القوى التي فرضت نفسها لصالح تقاطع المعارضة مع التيار الوطني الحر، وهما حدثان أكّدا رفض معظم القوى السياسية بشكل عام، والمسيحية بشكل خاص، لترشيح سليمان فرنجية، ومن المفترض أن يأخذ لودريان هذه الوقائع أيضاً بعين الاعتبار.
إلى ذلك، وتوازياً مع الفراغ الحاصل والمتمدد نحو كل المؤسسات العامة دون استثناء، يشهد الوضع الاقتصادي – الاجتماعي تردياً إضافياً، ولا تتوقف المنظمات الأممية عن التحذير لجهة خطورة الظروف وتبعاتها على اللبنانيين، لكن هذه التنبيهات لا تلقى آذاناً صاغية، وهذا ما تُظهره الممارسات السياسية التعطيلية التي تتبع مصالح فئوية وليس وطنية.
آخر التحذيرات صدر عن “اليونيسيف”، التي أشارت من خلال تقرير لها إلى الأوضاع الاقتصادية المتردية، والتي تنعكس بشكل مباشر على الأطفال لجهة الأمن الغذائي، التعليم والطبابة، وتدفع بهم هذه الانعكاسات إلى سوق العمل، حيث الخطر الأكبر.
في هذا السياق، أشار عضو المجلس الاقتصادي الاجتماعي أنيس بو ذياب إلى أن “20 في المئة من اللبنانيين تأقلموا مع الظروف، لكن البقية يعانون صعوبات حياتية عديدة، وطبقة الفقراء تتوسّع، وهذا نتيجة طبيعية للمؤشرات التي تُرسلها “اليونيسيف” والبنك الدولي الذي حذّر من نسب تضخم عالية”.
وفي حديث لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفت أبو ذياب إلى أن “أسعار المنتجات آخذة بالارتفاع، ما يؤدّي إلى تراجع القدرة الشرائية، وبالتالي من الضروري إقرار سياسات حماية اجتماعية طارئة يموّلها البنك الدولي، لأن الاقتصاد في سقوط دائم ومستمر”.
لكن أبو ذياب توقّع تحسناً في فصل الصيف مع وصول المغتربين، إلّا أنّه اعتبر أن “الدورة الاقتصادية غير سليمة بشكل عام، وذلك بسبب غياب الحكومة الفعلية وتراجع الانفاق الحكومي”، ولفت إلى أن “الدولار مرتبط بقرار سياسي يقضي باستمرار عمل منصّة صيرفة دون سقف، وفي حال استمرار عمل المنصّة، فمن غير المرتقب أن يرتفع سعر الصرف حتى ولو رحل رياض سلامة عن حاكمية مصرف لبنان”.
إذاً، فإن الفراغ مستمر وليس منتظراً أن ينتهي مع زيارة لودريان، لكن علّ الزيارة تُحدث تبديلا في المواقف المتعنّتة، وتقرّب من وجهات النظر، لأن لا سبيل في انجاز مختلف الاستحقاقات دون الحوار والتلاقي.