كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
توقّفت أعمال الردم في العقار رقم 93 بمنطقة إسكندرون الناقورة، التي يقوم بها نور الخوري، متسلّحاً برخصة حصل عليها من وزارة الأشغال العامة، لإظهار حدود عقاره المحاذي للبحر، الذي غمرته المياه، وعلى أساسها حصل على موافقة بلدية الناقورة. غير أنّ الأعمال غير القانونية التي تُعدّ تعدياً على الأملاك البحرية، دفعت بوزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية إلى سحب الترخيص وإيقاف أعمال الردم الحاصلة التي أدت إلى تدمير المصطبات الصخرية وأحدثت تشويهاً لمعالم الموقع وجماله. وقبله أصدر المدعي العام البيئي رهيف رمضان قراراً بوقف الأعمال لتبيان قانونيتها.
التعدي في إسكندرون ليس الأول ولن يكون الأخير. كثيرون نالوا رخصاً مشابهة لإظهار حدودهم وفق مصادر جمعية «الجنوبيين الخضر»، التي شنّت حملة شرسة ضد أعمال التعديات تحت عنوان «البحر لنا»، وتمكنت من دفع وزير الأشغال لسحب الرخصة، وتنتظر تقرير اللجنة الفنية لتقييم الأثر البيئي والأضرار اللاحقة، مطالبة بإزالة كل آثار التعديات.
قبل أسبوع تقريباً، بدأ خوري أعمال جرف وتسوية غير قانونية على العقار المذكور (الخاص) من شاطئ اسكندرون – الناقورة – صور، والمصنّف من المواقع الطبيعية ضمن الخطَّة الشاملة لترتيب الأراضي (N3) وخلافاً لأحكام قانون حماية البيئة ومرسوم أصول تقييم الأثر البيئي، التي أدت تبعاً للجمعية إلى تدمير مساحات من المصطبات الصخرية ضمن العقار ومحيطه، والتي وصفته بأنه أحد أهم عناصر النظام البيئي البحري.
ورأت أنّ «ما يجري سيؤدي إلى تغيير وتشويه معالم الموقع الذي يضم خليجاً طبيعيّاً على أهم شواطئ لبنان التي تتمتع بمزايا بيئية متميزة، وتغييرها على مساحة 19 دونماً».
ليس خافياً أننا دخلنا عصر «إمبراطورية الفوضى»، وليس مستغرباً، أن تتوالى التعديات على الأملاك البحرية، بحجة إظهار حدود، واستعادة الأرض، وما حصل في الناقورة يؤسس حسب «الجنوبيين الخضر» إلى مرحلة خطيرة ما لم توأد في مهدها، ورأت أن خطوة وزير الأشغال جاءت متأخرة، ولكنها ضبطت التعدي.
لطالما تغنّى اللبناني بشاطئ الناقورة، ربما لأنه لم يشهد انتهاكات سابقة، وجاء التعدي الحالي ليفتح النقاش حول الأسباب المخفية: هل يتطلع الخوري إلى مشروع سياحي، أم إلى استثمار استباقاً لأعمال التنقيب عن النفط، خصوصاً أن الناقورة ستكون محط أنظار العالم في المدى المنظور؟
وتسأل الجمعية: «كيف يمكن للبلدية أن تمنح تراخيص مخالفة للقانون؟». وتضيف مصادرها أنها «أجرت محاولات عدّة للتواصل مع رئيس البلدية، لكنها باءت بالفشل، خاصة وأنها منحت موافقة غير قانونية للقيام بأعمال الردم ويجب أن تتحمل مسؤوليتها تجاه ما حصل». ولفتت إلى أنّ «الأعمال حصلت من دون أي دراسة للأثر البيئي، ما استدعى تدخّل وزير البيئة ناصر ياسين فأرسل كتاباً إلى وزير الأشغال لإيقاف الأعمال الذي سحب بدوره الترخيص وسيجري تقيماً فنيّاً للأضرار».
وتؤكّد «متابعتها موضوع اللجنة الفنية الموفدة من قبل وزارة الأشغال والتقرير الذي ستعده للبناء عليه والدفع باتجاه تبني قرارات تلزم المتعهد بإزالة الأضرار.»
وتشير إلى «ممارسة الضغط للعمل على وقف وسحب أي ترخيص آخر على ساحل الناقورة وعلى عموم الساحل اللبناني قبل استيفاء الشروط القانونية وموجبات الخِطَّة الشاملة لترتيب الأراضي اللبنانية». وترى أنه «لا بد من العمل لتبيان قانونية المسح العقاري تحديداً في العقارات التي جرى تحديد حدودها على الشاطئ وداخل البحر في تعارض مع القانون 144 الذي حدّد الممتلكات العامة البحرية».
ما حصل في الناقورة من انتهاكات فاضحة على الشاطئ، الذي يحمل خصائص بيئية معينة، يفضح حجم الكارثة، إذ لم ينتهِ بعد ملف التعديات على مشاعات الدولة في قرى الصرفند وعدلون وصولاً إلى كفرشوبا، حتى خرج إلى الواجهة ملف التعديات البحرية، الذي يتم «بشرعية حكومية» في كثير من الأحيان.
الاعتداء على بحر الناقورة، بحجة إظهار حدود، واستعادة ملكية أرض، يُظهر أن التعديات مستمرّة، ولولا حملة «الجنوبيين الخضر» التي أطلقتها في وجه المعتدين، ومطالبتها وزير الأشغال، بالتدخل لوقف الأعمال، لكانت الجرافات واصلت أعمال ردم البحر، وكانت الأشغال أنجزت «ويا بحر الله يعينك». مرّة جديدة، ينتصر الحق على الفوضى في لبنان، وتفشل محاولات تشويه شاطئ الناقورة، الأجمل والأنظف في لبنان، وتسقط عشوائية التعديات في حفرة «الإلغاء».