جاء في “نداء الوطن”:
فيما كان الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف – لودريان يجمع أمس أوراقه ويحزم حقائبه عائداً الى باريس اليوم، مختتماً زيارة للبنان استمرت ثلاثة أيام، كانت أوساط وثيقة الصلة بالتحرك الفرنسي الجديد تصف الزيارة بأنها لـ “تقطيع الوقت”، بدلاً من تعويم “التايتنك”، حسب وصف سابق للودريان نفسه، لأحوال لبنان. فهل تكون مهمة الموفد الفرنسي أفضل حالاً عندما يعود مجدداً الشهر المقبل، كما تردد؟
في موازاة ذلك، عادت اللجنة الخماسية التي تضم الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، الى التحرك من بيروت تحديداً، إذ اجتمع سفراؤها امس في قصر الصنوبر الى مائدة فطور بدعوة من لودريان. وقال مصدر دبلوماسي لوكالة “فرانس برس” إنهم “اتفقوا على ضرورة القيام من دون إبطاء بانتخاب رئيس للبنان تمهيداً لمباشرة الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في إطار برنامج للنهوض (بالبلد)” لقاء الحصول على مساعدة صندوق النقد الدولي. أما الموفد الفرنسي فقال إنّ مهمته هي محاولة “للخروج فوراً من المأزق السياسي، ثم النظر في برنامج إصلاحات من أجل أن يستعيد لبنان الحيوية والأمل”.
في المقابل، كانت الأوساط المواكبة لتحرك لودريان تسأل: ما هو مبرر مهمة لودريان أصلاً؟ ألم يكن الاليزيه على دراية بالوقائع الرئاسية اللبنانية قبل ان يكلف الرئيس إيمانويل ماكرون لودريان السفر الى لبنان لتقصي الحقائق؟ ورسمت هذه الأوساط علامة استفهام حول قيام باريس بتحديد زيارة موفدها للبنان قبل جلسة 14 الجاري، مع ان الموقف الفرنسي كان شديد الحرص قبل ذلك على إجراء الانتخابات الرئاسية قبل انقضاء حزيران، ملوحاً بفرض العقوبات على المعرقلين. فهل يعني ذلك أن الطرف الفرنسي كان يضمر القفز فوق نتائج 14 حزيران؟
وكشفت الاوساط ذاتها لـ”نداء الوطن” ان الدوائر الفرنسية تلقت “صدمة” بتقاطع المسيحيين على تأييد ازعور. كما أصيب “الثنائي الشيعي” بـ”صدمة مماثلة نتيجة ما أدى اليه هذا التقاطع في تفوق مرشحه على مرشح “الثنائي”. وتخلص هذه الاوساط الى القول إنّ ما اسفرت عنه مهمة موفد ماكرون هو إعطاء إشارة الى أنّ الدور الفرنسي المنفرد قد خرج من اللعبة الداخلية في لبنان وقلّ تأثيره فيها. وفي المقابل، صار التركيز على ما سيجري خارج لبنان، ما يعني ان الجلسة الـ13 لإنتخاب الرئيس الجديد لن تنعقد في المدى المنظور. وإذا ما انعقدت فستكون للبصم على ما يقرره هذا الخارج!
وفي محصلة الايام الثلاثة التي أمضاها لودريان في نقاشاته مع المسؤولين اللبنانيين، يمكن استخلاص الآتي:
– لم يذكر لودريان اسم أي مرشّح، لكنه سأل بعض من التقاهم عن مرشحهم المفضل، ولم يبادر بطرح أي اسم.
– بدا الضيف في كثير من الأحيان مستمعاً إلى الإجابات عن الأسئلة التي طرحها.
– اذا كانت القوى المعنية، أي تلك المؤيدة لترشيح فرنجية وتلك المعارضة له، تطلّعت إلى النصف الملآن من كوب الحراك الفرنسي، وجيّرت الجولة الاستطلاعية لمصلحة معركتها، فإنّ بعض من التقوا لودريان من خارج الاصطفافين خرجوا بانطباع أنّ باريس قد تبدأ التفكير بطريقة مختلفة والعمل على حفر جبل “الخطة ب” بالإبرة، خصوصاً أنّ محور نقاشات لودريان تركز على التفاهم بين اللبنانيين مدخلاً لمعالجة أزمة الرئاسة، مقابل عدم دفاعه عن مبادرة ترئيس فرنجية.
كما كان للرئيس نبيه بري بصفته طرفاً تقييم مختلف، فهو قال مساء امس إنّ لودريان أعطى فرنجية “اشارة لتمييزه عن غيره بدعوته الى الغداء”. وأضاف إنه مستعد للمشاركة في أي حوار يدعى إليه في المجلس النيابي بتكليف أحد من كتلته “التنمية والتحرير”. وهل بحث لودريان في إمكانية الخيار الثالث؟، اجاب: “أبلغته أن الحوار يحدّد الأسماء، وبأسباب تمسكي وحزب الله بفرنجية، واهمها أنه صادق وصريح ويلتزم كلامه”. وخلص الى القول: “نشعر أن أميركا تفضل قائد الجيش، أما السعودية فلا تزال على موقفها بعدم وضع “فيتو” على أي اسم”.
وذهبت قناة “المنار” التلفزيونية التابعة لـ”حزب الله” الى القول إن لودريان “أقرّ عند بعض من التقاهم أن حظوظ أزعور صفر!”.
وتميّز اليوم الثالث والأخير ببرنامج مكثف من اللقاءات في قصر الصنوبر التي شملت رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط ونجله رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب تيمور ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل، وزيارة قائد الجيش العماد جوزاف عون في مقره في اليرزة، إضافة الى لقاءات مع كتل ونواب من كل الأطراف.