يترقب القطاع المالي في لبنان تعميماً رسمياً مطلع الأسبوع المقبل من قبل هيئة التحقيق الخاصة لدى المصرف المركزي، التي تؤكد سلامة الأنظمة المتبعة في مكافحة عمليات غسل (تبييض) الأموال وتمويل الإرهاب، والتحديد الدقيق لأوجه القصور والملاحظات التي خلصت إليها مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا (مينا فاتف) للحؤول دون انزلاق تصنيف البلد إلى اللائحة الرمادية.
ووفق المعلومات التي انفردت «الشرق الأوسط» بنشرها قبيل الاجتماع العام للمجموعة المالية في نهاية الشهر الماضي في البحرين، فإنه سيتوجب على لبنان معالجة الثغرات المتولّدة، خصوصاً من توسّع نطاق الاقتصاد النقدي، واتخاذ ما يلزم من إجراءات تصحيحية لحفظ فاعلية منظومته القانونية والإجرائية في منع مرور عمليات مالية مشبوهة، على أن يتم إجراء تقييم جديد لنظام مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، منتصف العام المقبل، وقياس مدى التزامها بالمنهجية الإقليمية والدولية التي تعتمدها «فاتف» لتقييم جميع البلدان.
وبالفعل، أصدرت المجموعة الإقليمية المعنية بمراقبة الجرائم المالية، بياناً لم يتضمن، بحسب «رويترز»، وضع لبنان على القائمة الرمادية للدول الخاضعة لتدقيق خاص، وذلك بعدما نقلت الوكالة عن مصادر في أيار، أنه من المرجح وضع لبنان على قائمة مجموعة العمل المالي، بسبب عدم كفاية الإجراءات فيما يتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، إلى جانب الإشارة إلى أن لبنان يسعى لتحسين وضعه.
وبالتوازي، نوّهت «الشرق الأوسط» في الفترة عينها إلى أن الترقّبات تبدو مقبولة نسبياً لدى المرجعيات المحلية المعنية بشأن حصيلة التقييم الأولي الخاص الذي سيتم عرضه على الاجتماع العام، بحيث يؤمل أن تفضي التوصيات إلى تصنيف لبنان «تحت المتابعة» مع تحديد المتطلبات القانونية والإجرائية التي يتوجب التزامها توخياً لعدم إدراجه لاحقاً ضمن القائمة الرمادية التي تثبت وجود أوجه قصور في كفاءة مكافحة تبييض الأموال، في حين يواصل فريق العمل المعني بالملف مهمته خلال الفترة الفاصلة عن الاجتماع السنوي الثاني للمجموعة.
ووفق الخلاصات الرسمية للمجموعة، تمت «مناقشة تقارير التقييم المتبادل لكل من الجزائر ولبنان ودولة قطر، وتقرير المتابعة المعززة الثالث لدولة الإمارات. إضافة إلى بنود أخرى كورقة توفير وتأهيل الخبراء للجولة الثانية من عملية التقييم المتبادل، وورقة إحصائيات توفير الخبراء للتقييم المتبادل والمتابعة، إلى جانب الجداول الزمنية لعملية التقييم المتبادل والمتابعة».
ويؤكد مسؤول بارز ومعني لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوجب على السلطات والهيئات المختصة في لبنان عدم التراخي ضمن المهلة المتاحة لإعادة تحصين منظومات مكافحة الجرائم المالية، التي يجد منفذوها من أفراد وشركات وهمية أرضية خصبة في البلدان التي تعاني من أزمات نقدية ومالية، خصوصاً لجهة سهولة تمرير عمليات مشبوهة تحت ستار المبادلات النقدية التي تتهرب من منظومة الرقابة والتقصي التي يعتمدها الجهاز المصرفي، والتي تحدد بدقة مصدر الأموال ووجهة تحويلها ارتكازاً إلى التشدد بتطبيقات قاعدة «اعرف عميلك» .
ومن الواضح، وفقاً للمسؤول، أن مراعاة خصوصيات غرق لبنان في أزماته المتفاقمة، ودوره الريادي في تأسيس وانطلاق مجموعة العمل المالي الإقليمية، ساهما في ترجيح منحه مهلة زمنية كافية لتمكين سلطاته المعنيّة من اتخاذ التدابير الضامنة لإعادة تصويب الانحرافات التي سجلها لبنان في مجالات نقدية ومالية محددة، خصوصاً ما يتعلق بأولويات الإدارة الفعالة للنمو الاستثنائي للسيولة النقدية خارج القنوات المصرفية. كذلك ما يتعلق بمسارات مكافحة الأموال الناتجة عن شبهات الفساد واختلاسات الأموال العامة وتهريب المخدرات وسواها.
ويندرج ضمن شواهد الاستجابة لموجبات ضبط الانفلاش النقدي وملاحظات المجموعة، مباشرة البنك المركزي منتصف الشهر الحالي، بتطبيق تعميمه الأحدث الصادر تحت الرقم 165، بغية إعادة تنشيط استخدام القنوات المصرفية لتنفيذ عمليات السداد والحد من تأثير النمو غير المسبوق لعمليات النقد الورقي. وذلك عبر إطلاق مقاصة محلية بإدارته المباشرة تخص الأموال الجديدة بالدولار الأميركي والليرة اللبنانية، ومن خلال فتح حسابات جديدة لدى مصرف لبنان، مخصصة حصراً لإجراء كل العمليات المتعلقة بمقاصة الشيكات والتحويلات الإلكترونية الخاصة بالأموال النقدية.