كتبت لارا يزبك في “المركزية”:
في انتظار عودة المبعوث الفرنسي جان ايف لو دريان الى بيروت، في تموز المقبل، لا دعوات الى جلسة انتخاب وتريّثٌ لما سيحمله الدبلوماسي المخضرم معه الى لبنان. وفي وقت أقرّ إعلام فريق 8 آذار بأن الاخير سأل حزب الله عن مدى قدرة تطبيق طرح باريس انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية والسفير نواف سلام رئيسا للحكومة، على ارض الواقع في ضوء المعطيات الحسية و”العددية” النيابية الراهنة، في موقفٍ اراد منه إفهامَ الضاحية بتهذيب ان ثمة استحالة للمضي قدما في هذه “المبادرة”، يبدو ان ثمة ليونة ما، بدأت تلفح مقاربة الثنائي الشيعي للاستحقاق.
نهاية الاسبوع الماضي، اشار رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد خلال احتفال في بلدة كفرملكي الجنوبية الى “اننا نعترف بأن لا نحن نستطيع أن نأتي بمرشّح من دون تعاونهم، ولا هم يستطيعون أن يأتوا بمرشّحهم من دون تعاوننا”، ورأى ان “الحل أن نأتي ونجلس ونتفاهم ونُقنع بعضنا بعضاً و”صحتين على قلب اللي بيطلَع” بالتوافق والتفاهم”. وقال: لو أنّ فريقاً يمتلك الأكثرية الواضحة والوازنة ربّما كنّا تعاملنا مع هذه الحقيقة بواقعية، لكن طالما أنه يستحيل أن يمتلك فريق الأكثرية المُرجّحة للمجيء برئيس للجمهورية فالحل واحد هو أن نتفاهم. أضاف: لا تقبلون أن نتفاهم مع بعضنا البعض وتريدون دورا مساعدا “أهلا وسهلا”، سعودي أو فرنسي أو قطري أو ألماني أو من تشاؤون لكن تعالوا لنتفاهم وهذا المساعد يكون قادماً للمساعدة وليس أن يأمر أو أن يقرّر عن أحد”. وأكد “اننا نشكر كل من يبذل جهداً مساعداً في هذا المجال، والأمر ليس مقفلاً تماماً بل لا يزال مفتوحاً على بوابة حل يُمكن أن يتوصّل إليها الافرقاء لإنجاز الإستحقاق الرئاسي لكن ثمة صعوبات واقعية لا تزال، وهذه الصعوبات نعمل مع جميع المخلصين على تذليلها”.
بحسب ما تقول مصادر سياسية متابعة لـ”المركزية”، فإن دعوة الحزب الى الحوار ليست بجديدة، لكن اقراره بأن لا احد يستطيع ان يوصل مرشّحه (وفرنجية ضمنا) من جهة، وانفتاح الضاحية للمرة الاولى على التفاهم على مرشّح آخر، بقولها “صحتين على قلب يلي بيطلع بالتوافق والتفاهم”، من جهة ثانية، يُعتبران دليلا على تبدّل أقلّه في لهجة الحزب، بعد ان كانت في الاشهر الماضية كناية عن “فرنجية او الفراغ”، و”جرّبتونا على مدى عامين فلا تجرّبونا اليوم”!
الامر نفسه يسري على حركة امل، تتابع المصادر. فبعد ان كان رئيسها نبيه بري يتمسّك بفرنجية دون سواه، ويقول “لا خطة ب لدينا”، باتت كتلته تدعو الى حوارات غير مشروطة. وقد قال عضو “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم السبت “لا نفرض مرشحنا، وهناك محاولة لذر الرماد في العيون لناحية الدعوة الى الحوار، ونحن مستعدون للذهاب اليه من دون شروط مسبقة”. في حين قال عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق امس “حزب الله أكد ولا يزال يؤكد دعوته إلى الحوار غير المشروط وإلى التوافق ليس من موقع الضعيف، إنما من موقع الحرص لأن هذا البلد لا يتحمل تصفية حسابات سياسية أو شخصية ولا يتحمل تعميق الإنقسامات الداخلية”.
فهل تؤسس هذه المرونة لانعطافة في موقف الثنائي استعدادا للحوار البناء الذي قال لودريان انه سيسعى اليه بين اللبنانيين لتسهيل “الحل التوافقي” رئاسيا بحيث يتخلّى “على الطاولة” العتيدة عن دعمه فرنجية؟ وهل تم إبلاغ الثنائي، مِن قبل باريس باسم أركان الخماسي الدولي كلّهم، ان مرحلة التصعيد والمواجهة “يجب ان تنتهي وإلا”؟ وهل تم افهامه ان الضغوط على طهران ستتكثّف لتُفرج عن رئاسة لبنان، بما يتلاقى ومناخات اتفاق بكين ومفاوضاتها مع واشنطن بوساطة عمانية، وإلا؟! ام ان كل الحديث عن الحوار مجرد مناورة يحاول من خلالها الثنائي نقل مسؤولية تعطيل الانتخابات من ملعبه بسبب تعطيلها نصاب الجلسات، الى ملعب رافضي الحوار؟