كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
ليس غريبا على حزب الله تَسَمُّرَه في مربع ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية من دون ان تتمكن اي قوة محلية او دولية حتى اللحظة من اخراجه منه. فسيد الضاحية حينما يقطع وعداً يفي به، وقد وعد زعيم تيار المردة عام 2016 بأنه الرئيس الرابع عشر للجمهورية بعد العماد ميشال عون، ولو كلّف الامر فكّ تحالفه مع غريمه الرئاسي جبران باسيل.
حينما وعد الحزب ميشال عون بفتح ابواب القصر له، قاوم وضحى وصمد وابقى الابواب اياها مقفلة على مدى عامين ونيف، وكان له ما اراد، فكلمة “السيد” “ما بتصير تنَين”. صحيح ان الظرف خدمه فأُبرِم في نهاية العامين تفاهم معراب، وتحت شعار “اوعا خيَك”، وتسوية المستقبل- التيار الوطني الحر الرئاسية دخل عون قصر بعبدا على حصان ابيض، الا ان تصميمه كان له الدور الاكبر، ولكِن… ما كان يصح في ذلك الحين لم يعد صالحا اليوم، ولو تقاطع التيار مع القوات اللبنانية مرة جديدة، فالظرف الداخلي والاقليمي والدولي تغير ومناخ التسويات في المنطقة سيفعل فعله في رئاسة لبنان.
لا يعني الكلام هذا ان لا دور لحزب الله في الرئاسة المسيحية، لا بل له الدور المهم، اذ يكشف مسؤول في خلية لبنان في الاليزيه، كما ينقل عنه احد السياسيين اللبنانيين “ان جميع المرشحين للرئاسة خضعوا للامتحان في الضاحية، ولم ينجح منهم الا سليمان فرنجيه الذي حظي بتأييد الحزب”.ويقول لـ”المركزية” ان معظم الاسماء الواردة في لائحة بكركي خضع للامتحان، وحاول بعضهم “تشغيل”الواسطة الا انها لم تنفع ازاء اصرارالحزب على فرنجيه. ويؤكد ان الحزب ابدى عتبه على “من يخجلون المجاهرة بزيارتنا” وقد نفوا الخضوع لامتحان الضاحية اثر فشل تبني ترشيحاتهم.
في السياق هذا، يعتبر مصدر سياسي لبناني عبر “المركزية” ان حارة حريك، مقر امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، باتت معبرا الزاميا لكل راغب بالترشح لرئاسة الجمهورية حيث يخضع لامتحان “الحارة” على غرار ما كان يحصل سابقا حينما كان المرشحون يخضعون للامتحان في منطقة فرن الحطب، منزل الزعيم كمال جنبلاط، وبعده في منطقة الفاكهاني مقر ابو عمار، ثم في كليمنصو مقر رئيس الحزب الاشتراكي سابقا وليد جنبلاط، واليوم في حارة حريك والى جانبها باريس.
لكن للمفارقة، يشير المصدر الى ان “اللجنة الفاحصة” بالامس لم يكن لها من مطالب خاصة بل كانت تحدد علامة المرشح استنادا الى معيار وطنيته، مع وطني ككمال جنبلاط، وحتى مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، الذي لم يقرّش مطالبه في الداخل انما كانت لمصلحة قضيته بعيدا من توزير هذا وتعيين ذاك. اما اليوم فالوضع تبدّل والمطالب توسعت وباتت تدخل عمق التفاصيل ودقائقها، انطلاقا من خشية الحزب على وضعه وموقعه في زمن التسويات الاقليمية. هو يحاول استعادة السيناريو السني بعد حرب مسيحية طاحنة بين العماد عون وحزب القوات اللبنانية، حيث عقد مؤتمر الطائف وسحب صلاحيات واسعة من الرئيس المسيحي لمصلحة رئيس الحكومة السني والحكومة، مكرسا امتيازات واسعة للطائفة، فلماذا لا ينسحب الامر نفسه على الطائفة الشيعية بتكريس مناصب قيادية رفيعة لها في الدولة وتثبيت حيثية، إن عبر مؤتمر تأسيسي او من بوابة ادخال تعديلات على دستور الطائف تمنحهم ما يصبون اليه متى فُتح باب التعديلات. شأن تحذر منه الفاتيكان وتبلغه الى كل زعيم مسيحي ما زال يتحدث عن تعديل دستوري او فدرلة او اي طرح يفتح مثل هذه النافذة…فهل يتعظ الزعماء المسيحيون؟