كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
يمتدّ الفراغ الرئاسي بسبب تأخير انتخاب رئيس للجمهورية، فتصيب تداعياته التمثيل الديبلوماسي في الخارج وتمثيل الدول الأساسية الغربية والعربية على أراضيه. بين شهري تموز وتشرين الثاني المقبلين سيغادرعدد من السفراء الأجانب والعرب لبنان لانتهاء مهماتهم وتعيين خلفاء لهم. وحسب الأصول الديبلوماسية يفترض أن يسلّم أي سفير جديد أوراق اعتماده إلى رئيس الجمهورية فيقبل ترشيحه ويباشر مهماته. لكن ماذا في حال عدم وجود الرئيس؟
تفيد المعطيات أنّه لا انتخابات رئاسية في وقت قريب. وليس مستبعداً أن يمتد الفراغ الرئاسي ويطول إلى ما بعد الصيف وصولاً إلى بداية العام أو أبعد. والفراغ لن يقتصرعلى حاكمية مصرف لبنان والمديريات العامة فحسب، بل سيؤثرعلى التمثيل الديبلوماسي للسفراء المعتمدين في لبنان، بحيث لن يكون بإمكان أي سفير جديد تقديم أوراق اعتماده لرئيس الجمهورية جرياً على العادة، ووفقاً لما ينص عليه القانون. لمن يفترض أن يقدم السفراء الجدد أوراق اعتمادهم؟ وكيف سيمارسون مهماتهم؟ وهل تعيين البديل ينتظر إلى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان؟
من المغادرين البارزين سفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوروثي شيا التي يرجّح أن تعيّن في الأمم المتحدة، وقد رشّح الرئيس الأميركي جو بايدن، ليزا جونسون. كما رشحت فرنسا هيرفيه ماغرو الذي يشغل حالياً سفيراً لها في تركيا، خلفاً للسفيرة آن غريو التي تنهي مهماتها قريباً.
ويستعد للمغادرة السفير الألماني في بيروت أندرياس كيندل في نهاية آب المقبل في سياق التشكيلات الديبلوماسية لوزارة الخارجية الألمانية، من دون أن تتبلغ الخارجية اللبنانية ترشيح خلف له.
كما تنتهي أيضاً مهمات سفير الاتحاد الأوروبي رالف طراف، وسفير بولونيا جسياتش بوزك وسفيرة اليونان كاثرين فونتولاكي، ولم ترشح بلدانهم بدلاء منهم.
ومن سفراء الدول العربية التي تنتهي مهماتهم قريباً السفير المصري ياسرعلوي، وليس معروفاً من سترشح بلاده خلفاً له أم ستمدد مهماته في لبنان، ولو أنّ المرجح أن يلتحق في الخريف المقبل بوزارة خارجية بلاده. وهناك دول عربية لا تمثيل ديبلوماسياً لها في لبنان مثل البحرين والامارات والكويت وسوريا والعراق والجزائر. وجرت العادة أن الدولة التي لا يتمثل البلد المضيف فيها بسفير تمتنع عن تعيين سفير لها لديه.
وليست المشكلة في غياب التمثيل فحسب، بل في من ترشحهم دولهم لممارسة عملهم الديبلوماسي في البلد المضيف. ففي حالة لبنان حيث لا رئيس للجمهورية يعلق السفراء الجدد تقديم أوراق اعتمادهم إلى حين انتخابه، ولكن على سبيل الحل اعتمدت الخارجية تدبيراً موقتاً يقضي بإعطائهم موافقة مبدئية على قبول التمثيل إلى حين انتخاب رئيس الجمهورية، فيبقى السفير المعين حديثاً بمثابة قائم بالأعمال الى حين تقديم أوراق اعتماده. ولأنّ الإستثناء في لبنان هو القاعدة فالمرشحون الجدد سيمارسون مهماتهم كسفراء رغم وجود فرق شاسع بين المهمتين .
فالقائم بالأعمال لا يمارس مهمات السفير ديبلوماسياً ولا يزور المسؤولين في الدولة أو يقابل الوزراء، لكن في بلد كلبنان لا يتوقف كثيرون عند هذه المسألة ولا يحاسب السفراء على جولاتهم المتواصلة على المسؤولين وتصريحاتهم التي تظهر تدخلهم الواضح في الشؤون اللبنانية، خلافاً لما هو معتمد في دول العالم الأخرى.
واذا كان اعتماد السفراء وجهاً من وجوه هيبة الدولة، فإن الفراغ الرئاسي يظهر للعالم تحلل الدولة ومؤسساتها واعتماد الترقيع في المعالجات والتعامل مع لبنان كدولة فاشلة.
بالمقابل يغيب تمثيل لبنان في دول مهمة، ومن الشغور الذي سينعكس سلباً على حضوره في المحافل الدولية عدم وجود تمثيل ديبلوماسي على مستوى سفير في الأمم المتحدة على عتبة التمديد لقوات «اليونيفيل»، فضلاً عن غياب التمثيل الديبلوماسي عن فرنسا وواشنطن، إضافة الى قطر والكويت وسوريا.