كتبت نجوى أبي حيدر في “المركزية”:
كل المعلومات التي تسربت من فرنسا في اعقاب عودة المبعوث الرئاسي للبنان وزير الخارجية السابق جان ايف لودريان الى بلاده ورفع تقرير بخلاصة اجتماعاته مع المسؤولين السياسيين اللبنانيين تصب في خانة واحدة عنوانها الحوار. لم يجد الدبلوماسي الفرنسي سبيلا لاحداث ثغرة في جدار التأزم الرئاسي الا باجتماع القادة حول طاولة حوار جامع لم يتحدد مكانه والزمان، غير ان انعقاده لا مفر منه على رغم انه لمس في بيروت رفضاً للفكرة لا سيما من جانب المعارضة التي لا ترى فائدة ولا رجاء من حوار معروفة سلفا نتائجه، ما دام الثنائي الشيعي لا ينفك يؤكد كل يوم ان هدف حواره اقناع سائر المكونات بمرشحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
واذا كان الحوار في الداخل متعذرا في ضوء التمترس خلف المواقف والمرشحين، ورفض البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رعايته، بعدما انتفت صفة الرعاية عن رئيس مجلس النواب نبيه بري بفعل اصطفافه في محور، ولعدم تحمله مسؤولية تاريخية في تغيير معادلة الطائف التي تحرص عليها دولة الفاتيكان، فالحوار في الخارج لا يبدو على هذا القدر من الصعوبة، خصوصا ان اقتنع هؤلاء بوجوب البحث في خيارات جديدة والنزول عن اشجارهم العالية الى ارض الواقع لانتخاب رئيس “اللا غالب ولا مغلوب” الذي يرى فيه الخارج املاً انقاذيا. ولا يبدو حزب الله بعيدا عن الطرح هذا ، فقد قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد منذ ايام ما حرفيته “نحن لا نستطيع ان نأتي بمرشح من دونهم ، ولا هم يستطيعون ان يأتوا بمرشحهم من دون تعاوننا.فما العمل؟الحل هو ان نأتي ونجلس ونتفاهم ونقنع بعضنا بعضا، وصحتين على قلب “اللي بيطلع بالتوافق والتفاهم”.
وفي حين تفيد المعلومات ان لودريان سيطرح مشروعا حواريا في زيارته التالية لبيروت، جاء الرد سريعا من معراب اليوم. فاعتبر تكتل “الجمهورية القوية” اثر اجتماعه الاسبوعي ان “أيّ دعوة إلى الحوار حول الملفّات الأساسيّة واستطرادًا أيّ تلبية لهذه الدعوة، هو فعل تنصّل علني من المؤسسات ودورها من جهة، وتحديدًا مجلس النواب المُناط به انتخاب الرئيس، كما هو أيضًا تنصل علني من وثيقة الوفاق الوطني من جهة أخرى، في حين أنّ الحلول للمسائل الخلافية التي اتّفق عليها كل اللبنانيّين، ومن بينها السلاح والقرار السيادي منصوص عنها بشكل واضح في اتفاق الطائف”.
في السياق، تقول اوساط سياسية مسيحية معارضة لـ”المركزية” ان مطلق حوار لا يمكن ان ينطلق الا من ارضية البيان الثلاثي الاميركي –الفرنسي- السعودي الذي يشكل المرجعية الوحيدة لاي حوار بعد التواصل مع الدول الثلاث ، مع التمسك بان يكون النقاش في خلال الجلسات من ضمن بنود البيان وليس من خارجها، والتأكيد على مرجعية اتفاق الطائف ومعادلة المناصفة والتزام الاطراف جميعا بها. وتشدد الاوساط على ان يجري الحوار المفترض برعاية وضمانة اممية اثر مراجعة دول خماسية باريس لمعرفة موقفها ودورها فيه وامكان تلقف اي تداعيات محتملة قد تنتج جراءه على الواقع اللبناني، على ان يتم الاتفاق مسبقا على هوية المشاركين، والتحضير للحوار مسيحيا بموقف موحد صلب ، تحسبا لأي استهداف على غرار طرح “المثالثة” لقضم المزيد من صلاحيات المسيحيين، والاستعانة بمفكرين وشخصيات اكاديمية كالوزيرين السابقين غسان سلامة وطارق متري ثم التشاور مع الشريكين السني والدرزي لتنسيق الموقف في مواجهة “ثنائي أمل- حزب الله”الجاهز للمطالبة بضمانات ومكاسب سياسية تمنحه مقومات قوة بديلة من فائض قوة سلاحه، ان طرح للنقاش.
وتعزو الاوساط المعارضة طرحها هذا، لاقتناعها ان الضمانات التي يطالب بها حزب الله ليست سوى محاولة لتغيير نظام الطائف ومعادلة المناصفة وهوية لبنان وموقعه الحيادي، والحاقه بالمطلق بمحور الممانعة بقيادة الجمهورية الاسلامية.