اشار وزير الصحة العامة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض الى أنّ “مرض السرطان في لبنان يشكل عبئاً كبيراً، إذ يساعد في ذلك انتشار المسببات مثل آفة التدخين والتي تطال 50-70٪ من المواطنين، والتلوث البيئي، وغيره”، موضحًا أنّ “لبنان يسجل واحدة من أعلى معدلات الإصابة ببعض أنواع السرطان، مثل سرطان الرئة والمثانة، والسرطانات المرتبطة بالتدخين”.
ولفت الأبيض الى أنه “وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن متوسط عمر تشخيص الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء اللبنانيات هو أصغر بعشر سنوات من متوسط عمر تشخيص الإصابة عند نظرائهن الأوروبيات”.
كما اضاف خلال إطلاق وزارة الصحة العامة في السراي الحكومي “الخطة الوطنية لمكافحة السرطان 2023- 2028“: “لقد تسببت الأزمة المالية وارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان بنقص في تأمين أدوية السرطان، بل انقطاعها في مرحلة معينة. وبالرغم من تضاؤل الملاءة، لا تزال الحكومة مستمرة في دعم ادوية السرطان والامراض المستعصية”.
ولفت الى أنّ “وزارة الصحة قامت بمعالجة النقص عبر تطبيق “برنامج أمان” وتتبع الدواء، والذي بدأ بتسعة ادوية ويشمل اليوم حوالى ثلاثمائة دواء للامراض السرطانية والمستعصية، وقد تم تسجيل اكثر من 12500 مريض، حصلوا على أكثر من 25000 عبوة من أدوية السرطان. وكل ذلك بناء على بروتوكولات علاجية موحدة، توخت الاعتماد على احدث الدراسات العلمية، وهدفت إلى ترشيد استخدام أدوية السرطان. وادت هذه الجهود الى التخفيف بشكل كبير من الازمة، وتأمين الوصول الى الدواء للغالبية من المرضى، بالرغم من قلة الامكانيات وضعف التمويل”.
واستطرد وزير الصحة قائلًا: “لكن هذا لا يكفي، وستتطلب المعركة مع السرطان الكثير من الموارد في وقت الشح والعوز، وخاصة اذا كان التركيز ينحصر بالجانب العلاجي. هذا يفسر الحاجة إلى ضرورة مقاربة مجالات أخرى لرعاية مرضى السرطان مثل الوقاية والفحص المبكر والرعاية التلطيفية وإعادة التأهيل”.
وتابع: “اليوم، أقف أمامكم بصفتي وزير الصحة العامة في لبنان لمناقشة مسألة ذات أهمية قصوى – أهمية وجود خطة وطنية لمكافحة السرطان. إن مجتمعنا يواجه تحديا ملحا يتطلب اهتمامنا الفوري وجهودنا المتضافرة. يجب أن ندرك الحاجة الملحة لخطة وطنية للسرطان – استراتيجية شاملة توحد جهودنا وتراكم الموارد وتمكننا من شن معركة جماعية منسقة ضد السرطان. وتكون هذه الخطة بمثابة خارطة طريق ترشدنا نحو مستقبل حيث الوقاية من السرطان والاكتشاف المبكر والعلاج ليست مجرد تطلعات بل حقيقة ملموسة.
الى ذلك، عدّد الأبيض “الأسباب الاساسية التي تجعل الخطة الوطنية لمكافحة السرطان ضرورية لمجتمعنا”، مشيرًا الى أنها “قبل كل شيء، توفر الخطة الوطنية لمكافحة السرطان إطار عمل للتنسيق والتعاون. فهي تمكننا من تسخير الخبرات الجماعية للاطباء والباحثين وواضعي السياسات وغيرهم، مما يضمن أن جهودنا منسجمة ومتآزرة وفعالة”.
وبيّن أنه “من خلال العمل معا، يمكننا اختيار أفضل الممارسات وتحسين استخدام الموارد المحدودة، وتحسين النتائج في نهاية المطاف لمرضى السرطان في جميع أنحاء البلاد. تتميز الخطة الوطنية لمكافحة السرطان بتضافر الجهود المحلية والعالمية، فهي نتيجة تعاون بين اكثر من عشرين من اطباء وباحثي امراض السرطان المتخصصين العاملين في مستشفياتنا الجامعية، وكليات الصحة العامة، مع المراكز والمؤسسات العالمية المتخصصة بمكافحة السرطان، مثل منظمة الصحة العالمية، والمعهد الوطني للسرطان في فرنسا، والجمعية الاوروبية لمراكز علاج السرطان، ومعهد كوري، واكثر من عشرة مراكز وجمعيات علمية متخصصة اخرى، تعاونت مع فريق وزارة الصحة العامة على مدى الاشهر الاخيرة، في وضع علمهم، وخبراتهم، للوصول الى هذه الخطة، ولهم منا كل الشكر والتقدير. كما نشكر Malte Liban, على دعمها في اعداد هذة الخطة”.
وأكمل قائلًا: “ثانيا، تمكننا الخطة الوطنية لمكافحة السرطان من تحديد الأولويات وتخصيص الموارد بشكل استراتيجي. فمع محدودية الموارد والاحتياجات المتنافسة، يجب أن نتخذ قرارات مستنيرة بشأن أين نستثمر جهودنا”.
واشار الى أنّ “الخطة المعدة جيدا تحدد المجالات الرئيسية التي تتطلب الاهتمام، مثل برامج الوقاية، ومبادرات الفحص المبكر، والوصول إلى الأدوية الأساسية، وتطوير مراكز رعاية مرضى السرطان المتخصصة. ومن خلال تحديد أولويات واضحة، يمكننا تحسين تخصيص الموارد وتعظيم تأثير التدخلات وضمان الوصول العادل إلى رعاية جيدة لمرضى السرطان لجميع مواطنينا”.
وتابع: “علاوة على ذلك، تعزز الخطة الوطنية لمكافحة السرطان الشفافية والمساءلة. فهي تضع أهدافًا وغايات ومؤشرات قابلة للقياس لتقييم تقدمنا في مكافحة السرطان. من خلال مراقبة جهودنا وتقييمها، يمكننا تحديد مجالات التحسين، وتكييف استراتيجياتنا، والتعلم من كل من النجاحات والفشل. هذه المساءلة ضرورية لضمان بقائنا على المسار الصحيح، والوفاء بالتزاماتنا، والسعي المستمر لتحقيق نتائج أفضل”.
ورأى الأبيض أنّ “الخطة الوطنية للسرطان توفّر الأمل والطمأنينة للمتضررين من مرض السرطان. إنها تبعث برسالة قوية مفادها أننا، كمجتمع متكافل، نقف متحدين في تصميمنا على تخفيف عبء مرض السرطان. وهي تدل على التزامنا الثابت بتحسين جهود الوقاية، وتعزيز تدابير الكشف المبكر، وتوسيع الوصول إلى العلاجات المبتكرة. من خلال هذه الخطة، نقدم بصيص أمل ووعد بمستقبل أكثر إشرا ًقا لمرضى السرطان وعائلاتهم”.
وشدد وزير الصحة على أنّ “وضع خطة وطنية للسرطان ليس خياراً بل ضرورة ملحة. إنها خطوة مهمة نحو إنشاء نظام رعاية شامل لمرضى السرطان في لبنان، يركز على المريض ويتسم بالمرونة”.
وختم: “دعونا نتكاتف ونحشد مقدراتنا الجماعية ونبدأ في هذه الرحلة مًعا. فمن خلال التراحم، والمثابرة، والعمل الاستراتيجي، يمكننا إحداث تغيير مهم وعميق في حياة المصابين بالسرطان. ان اهم ما يمكن ان نوفره لمرضى السرطان هو العمل الجاد لايجاد امل بمستقبل افضل، ولعل هذا هو ايضا ما يحتاجه، في هذه الظروف الصعبة، وطننا الحبيب. شفى الله مرضى السرطان، وكل المرضى”.
من جهة ثانية، اشار بيان صادر عن وزارة الصحة الى أنّ “إطلاق الخطة يأتي وسط حاجة ملحة لذلك تظهرها الزيادة في معدلات الإصابة بأمراض السرطان في ظل ضعف اعتماد أساليب الوقاية والتأخر في التشخيص وتعدد وتشعب الخيارات العلاجية فيما تطمح الخطة إلى تقديم رعاية متعددة الاختصاصات ومبنية على الدلائل العلمية لتحقيق نسب نجاة مرتفعة وحياة مديدة بعد الإصابة بالسرطان إضافة إلى تقليص الحالات المرضية”.
وكشفت أنّ “الخطة تمتد على خمس سنوات، ومرتكزاتها المراقبة والترصد، الوقاية والفحص، التشخيص والعلاج والوصول إلى الابتكارات، الرعاية الداعمة، إعادة التأهيل والحوكمة”.
واشار البيان الى أنّ “الشريط الضوئي متاح على موقع وزارة الصحة العامة للوصول إلى صفحة الخطة الوطنية للسرطان”.