كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
كلما مرّ الوقت تعمّقت أزمة الرئاسة، فمن الوجهة الداخلية صار الحوار مستبعداً، حتى الرغبة الفرنسية في مثل هذا الحوار كانت مثار انتقادات داخلية وردود فعل غير متحمسة. غادر الموفد الفرنسي جان ايف لودريان على أمل العودة قريباً وفي جعبته مبادرة ما يركن إليها، لكن في الأوساط الديبلوماسية لا خبر موثوقا ولا موعد قريب، لذلك تقاطع السفراء على اعتبار أن الحل بعيد وأنّ الرئيس يفترض أن ينتخب بتوافق اللبنانيين أنفسهم.
في السفارات تسمع همسَ عتبٍ واستغراباً لطريقة التعامل اللبناني مع الإستحقاق الرئاسي، وتلمّس الحلول من الخارج دون أدنى مسعى داخلي. في الأيام المقبلة سيغيب ديبلوماسيون، منهم من يغادر لتمضية إجازته السنوية وآخرون ستنتهي فترة مهماتهم فيغادرون الى بلادهم. وسيدخل البلد في فترة موت سريري، مطلوب، في سبيل إمرار الصيف بمغتربيه على خير وسلام. في هذه الفترة يفترض عدم تعكير صفو العطلة الصيفية أمنياً إكراماً لحركة الإغتراب التي تنعش الإقتصاد مرحلياً في انتظار نضوج حراك ما أو مغادرة المملكة السعودية مربع الصمت الذي تلتزمه، وأن يدلي الأميركي بدلوه علانية.
كل من يطرق باب المملكة السعودية مستفسراً عن موقفها في شأن الملف الرئاسي يسمع الجواب ذاته، لا فيتو سعودياً على أي مرشح لرئاسة الجمهورية ولا حتى على سليمان فرنجية. لكن اللافيتو لا تعني أنّ السعودية دخلت على خط الاستحقاق أو قررت أن تقول كلمتها، بقدر ما تعني أنّ سياستها لا تزال هي ذاتها لناحية عدم التدخل من قريب أو من بعيد وترك الإستحقاق لأصحابه. أحد العائدين من المملكة يقول بحزم إن لبنان ليس موضوعاً على سلم أولويات الرياض.
ما يزعج المملكة هذه الأيام كثرة التأويلات لموقفها ومحاولة إدخالها عنوة في اختيار المرشح الرئاسي. بعيد استقباله وزير الخارجية اللبنانية عبد الله بوحبيب بدقائق دوّن السفير السعودي وليد البخاري عبر حسابه على «تويتر»: «قِراءةٌ في دَلالةِ الخَطِيئةِ السياسِيَّةِ مِن مَنظُورِ المُفكِّرِ باروخ إسبينوزا تُؤكِّدُ أنَّ الخَطِيئَةَ الكُبرَى هِيَ خَطِيئَة الإِمعانِ في تَكرَارِ الخيارات الخاطِئةِ التي تُؤجِّلُ مُوَاجَهَةَ الحَقِيقَةِ وَلَا تُلغِيهَا»… مخلّفاً ألف تفسير وتفسير لما يعني ضمناً من تكرار الخيارات الخاطئة التي تؤجل المواجهة ولا تلغيها، وهي عبارة حمّالة أوجه يمكن أن يكون القصد منها الغمز من قناة انتخاب ميشال عون الذي ترى فيه السعودية خياراً خاطئاً ألحق الضرر بلبنان أو ربما تقع في سياق التحذير من انتخاب مرشح تابع لـ»حزب الله» مجدداً. مجرد تلميحات يضعها البخاري رهن لبيب يفترض أنه من الإشارة يفهم.
وكما السعودية كذلك دول الغرب المعنية بالإستحقاق الرئاسي، لم تعد تلمس أي جديد يبشّر بقرب التوصل إلى انتخاب رئيس. ويؤكد مصدر ديبلوماسي غربي أن لا مؤشرات خارجية على انتخاب قريب للرئيس، وأنّ اللجنة الخماسية من غير الواضح بعد اذا ما كانت بصدد متابعة مساعيها، لأنّ أياً من الدول الأعضاء لم تبلّغ أي موعد لاجتماع جديد.
لكن مصادر عليمة قالت إنّ مثل هذا الإجتماع مؤجل إلى ما بعد استكمال الموفد الفرنسي اتصالاته الخارجية وزيارتة المرتقبة للسعودية.
وتحدثت مصادر الثنائي الشيعي عن مرحلة ترقب في انتظار مبادرة فرنسية جديدة ألمح اليها الموفد الفرنسي سيعرضها على الأطراف في لبنان بعد بحثها وبلورتها مع الدول المعنية بالملف اللبناني في الخارج. ولكن في لبنان هناك من لم يعد يراهن على حراك الفرنسيين ما دام لا يحظى بمباركة سعودية أو أميركية واضحة، خاصة لناحية الركون إلى حوار لا توافق على جدول أعماله محلياً. هي دوامة التعطيل ذاتها التي تسري على مجلس النواب وعلى المبادرات، وليس معلوماً علامَ الرهان؟ وما المطلوب جدياً؟ ومتى يحين موعد لبنان في المعادلة الإقليمية الدولية؟… والى أن يتبلور المشهد سيكون من الصعب الدعوة إلى جلسة انتخاب نيابية قريبة، على ما تؤكد مصادر نيابية.