كتبت زينب حمود في “الأخبار”:
ببطء شديد، يسير القضاء اللّبناني بسبب «القصور اللوجستي» في قصور العدل، ويدرج معالجة قضايا مكتومي القيد في أدنى سلّم أولوياته. لذلك، أعدّ المدير العام للأحوال الشخصية في وزارة الداخلية إلياس خوري مشروع قانون قيد الدرس لاختصار الطريق أمام الأولاد اللبنانيين الشرعيين الذين أُهمل قيدهم ضمن مهلة السنة المحددة في القانون، لتسريع تسجيلهم عبر إنشاء لجنة مختصّة تنظر في الطلبات.
الغاية من مشروع القانون الذي لا يتعارض مع القوانين المرعية الإجراء، ولا سيّما قانون الجنسية اللبنانية الذي يعطي الحق بالجنسية لمكتومي القيد ممّن وُلدوا من أب لبناني، هو تسهيل تسجيل قيودهم. وهو يسمح للنيابة العامة التمييزية، أو والد القاصر، أو والدته، أو القانوني، أو الوصي، أو الولد الذي بلغ سنّ الرشد، بأن يتقدّم بطلب تسجيل قيده إلى المديرية العامة للأحوال الشخصية مرفقاً بوثيقة زواج الوالدين، شهادة ولادة مصدَّقة وفق الأصول، وثيقة ولادة للمطلوب قيده، إفادة تعريف من مختار المحلة، وفحص الحمض النووي DNA لإثبات صحة النسب. وهو ينص على أن تحيل المديرية العامة للأحوال الشخصية الطلبات إلى المديرية العامة للأمن العام لإجراء التحقيقات اللازمة، ثم إلى وزير الداخلية والبلديات الذي يحيلها بدوره إلى لجنة مختصة يرأسها قاضٍ عدليّ من الدرجة العاشرة، وعضوية قاضٍ إداري من الدرجة التاسعة والمدير العام للأحوال الشخصية، لدرس الملفات واتخاذ القرارات المناسبة فيها، ويمكن استئنافها أمام محكمة الاستئناف المدنية. وبعد صدور القرار وانتهاء مهلة الشهر للاستئناف، أو بعد صدور قرار محكمة الاستئناف، ينفّذ مأمور النفوس على الفور وثيقة ولادة صاحب العلاقة.
خوري أكّد في لقاء تشاوري نظّمته جمعية «مارتش»، الجمعة الماضي في بيروت، أنّ «عمل اللجنة لا يحلّ محل المحاكم بل بموازاتها»، مشدداً على ضرورة إعطاء الأولوية لـ«الأولاد اللّبنانيين الشّرعيين، ونترك للقضاء تسوية أوضاع غير الشرعيين». والأولاد اللبنانيون هم الذين تخلّف أهلهم عن تسجيل قيدهم ضمن مهلة السنة المحددة في القانون، عن جهل أو إهمال أو تقصير أو لأسباب مادية أو لغياب الأب (قد يكون في السجن، فاراً من العدالة، مسافراً…) أو لأنّ المستشفى حجز شهادة الولادة…
رئيسة دائرة التنفيذ في المتن القاضية رنا عكوم أكّدت في اللقاء، رداً على سؤال عن غاية المشرّع من إمهال الأهل سنة واحدة للتسجيل الإداري قبل التوجه إلى القضاء، أن «المشرّع أمهل الأهل ثلاثين يوماً بعد الولادة للتسجيل تحت طائلة تسديد غرامة مالية لا يعرف عنها كثيرون ولا يهتمّون بها. أما إمهالهم لسنة فيعود إلى صعوبة إثبات معطيات كثيرة كلما مرّ الوقت، كوفاة القابلة القانونية التي ولّدت مكتوم القيد». ولفتت إلى أنّ «دعاوى الحصول على الجنسية ليست بحاجة إلى توكيل محامين، إلا في حال استأنفت المحكمة. أما في المراحل الأولى فيمكن للأهل أن يقوموا بالاستدعاء، وأن يحضروا الدعاوى، ويؤمّنوا الوثائق المطلوبة».
وتساءل خوري عن «غموض المجتمع المدني في التعاطي مع قضايا مكتومي القيد في لبنان، فعندما نطلب من الجمعيات دعماً لمشروع شامل لكل مكتومي القيد وعديمي الجنسية على الأراضي اللبنانية تتوفّر لديها الإمكانات، وعندما نضيّق الدائرة ونقترح مشاريع لمكتومي القيد اللبنانيين حصراً لا تتوفر الأموال».
ورأى ممثل المدير العام للأمن العام بالإنابة فوزي شمعون أنّ قضية النزوح السوري «تزيد قضايا مكتومي القيد تعقيداً نتيجة الزيجات المختلطة. صحيح أنه لو كان الولد من أب لبناني فإنه يحقّ له نيل الجنسية مهما كانت جنسية الأم، لكن، هناك حالات تكون فيها الأم مقيمة بطريقة غير شرعية فتخاف من التقدم بطلب تسجيل قيد مولودها». ومن هنا، صارت تحقيقات الأمن العام تدور على نطاق أوسع، فـ«مجلس الدفاع الأعلى أوصى بتوقيف كل سوري وترحيله إذا دخل الأراضي اللبنانية خلسة بعد عام 2019، وهناك سيدات سوريات يدخلن خلسة إلى لبنان ويتزوّجن من لبناني زواج مصلحة. لا بد هنا من إصلاح وضع إقامة الأم والتأكد من أحقية الولد في نيل الجنسية».
يبقى ما سبق مسوّدة لمشروع قانون مؤلّف من 12 مادة وقابل للتعديل، تعطي وزارة العدل رأيها فيه قبل أن يسلك مساره الطبيعي. وقد لاقى ترحيب النواب الذين حضروا اللقاء من مختلف الكتل، من بينهم النائب إبراهيم الموسوي الذي اقترح أن يحمله النواب إلى المجلس كاقتراح قانون «بما يسرّع إقراره، خاصة أنه يرتبط بمسألة إنسانية لن تختلف عليها الكتل».