جاء في “الجمهورية:”
كان الملف الرئاسي محور تداول بين سفير دولة غربية كبرى وشخصية وسطية بارزة في لقاءٍ جَمعهما في دارة الاخير قبل ايام قليلة، قدّم خلاله السفير المذكور مقاربة تشاؤميّة حول انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان. واللافت في هذا اللقاء ان السفير الغربي قارَب الحراك الفرنسي كفرصة يتوجّب على اللبنانيين عدم تفويتها فقد ضاع وقت كثير على لبنان وعلى مكوناته السياسية إدراك ذلك، إلّا انه قال ما مفاده: «إنّ وضع لبنان بات دقيقا للغاية، وليس في أفق التوازنات السياسية القائمة ما يُشجّع حتى على الاعتقاد بأنّ ثمة حلاً مُمكناً في لبنان للمسألة الرئاسية في المدى المنظور، اخشى ان يستمر هذا التخبّط في لبنان لفترة طويلة جداً».
وبحسب المعلومات، فإنّ الشخصية الوسطيّة البارزة عَقّبت على كلام السفير الغربي قائلة: اللبنانيون محترفون في تضييع الوقت. مضيفة: لكن يجب ان نعترف ان الواقع اللبناني منقسم بين جبهتين عريضتين: القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر من جهة، وحركة «امل» و«حزب الله» من جهة ثانية. وما يحكم هاتين الجبهتين حتى الآن هو توازن التعطيل، وهو ما شهدناه على مدى 12 جلسة فاشلة لانتخاب رئيس الجمهورية.
وتابعت قائلة: مع هاتين الجبهتين المتعادلتين يَستحيل الوصول الى قاسم مشترك بينهما، من دون ضغط خارجي كبير. صحيح انّ الفرنسيين يتحرّكون وسمعتُ انّ لودريان سيأتي في زيارة ثانية، ولكن هذا الحراك قد لا يوصل الى اي نتيجة، إذا كان احادي الجانب، وليس محصّناً بقوة دفع دولية كبرى. وقد سبق لنا ان عشنا تجربتين وربما اكثر مع زيارتين قام بهما الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت ما بعد انفجار المرفأ، وأجرى حوارا مباشرا مع كل الاطراف، وفي النتيجة لم يصل الى اي نتيجة. انا أسأل هنا عن الاميركيين، فحتى الآن انا لا اشعر بأنهم موجودون في اي تحرّك جدي ومباشر لحل ازمة الرئاسة في لبنان.
وبحسب المعلومات فإنّ السفير الغربي اكد ما مَفاده بأنّ فَرض حل من الخارج على اللبنانيين امر صعب وغير واقعي، فهذه مسألة تعني اللبنانيين وحدهم، وأقصى ما يمكن ان تقدمه الدول الصديقة للبنان في هذا السياق هو تشجيع القادة في لبنان على انجاز استحقاقاتهم الدستورية، وفي هذا السياق يندرج الحراك الفرنسي، وما اكدت عليه الدول الخمس (دول اجتماع باريس: الولايات المتحدة الاميركية، فرنسا، السعودية، مصر وقطر).
الا ان الشخصية الوسطية كانت لها مقاربة مغايرة لذلك، حيث قالت: أنتم تعلمون انّ شَكل الاستحقاق الرئاسي في لبنان داخلي ومكانه داخلي، انما حسمه خارجي وكذلك جوهره. قد يبدو الفرنسيون في صدارة المشهد الرئاسي، ولكن يغمرني شعور جدّي بأنّ الملف الرئاسي في لبنان مُجمّد على مثلث القرار؛ واشنطن – الرياض – طهران، وحَسمه مؤجّل إلى حين يَتبَدّى حول نقطة تقاطع اميركية – سعودية – ايرانية لم تتبلور حتى الآن، وقد تحتاج الى وقت».