كتب عمر البردان في “اللواء”:
في وقت بقيت التطورات الجنوبية في واجهة الاهتمامات الداخلية في الساعات الماضية، جراء استمرار إسرائيل في خروقاتها للقرار 1701، برز اللقاء الذي عقد بوزارة الخارجية السعودية، أمس، بين المستشار في مجلس الوزراء السعودي نزار العلولا والمبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، في سياق الجهود التي تبذلها الرياض وباريس، لحل المأزق الرئاسي في لبنان وتسهيل إنجاز الانتخابات الرئاسية في أسرع وقت. ومن المنتظر أن يلتقي لودريان مع أعضاء «الخماسية»، الإثنين المقبل في العاصمة القطرية الدوحة، قبل عودته إلى بيروت في الأيام المقبلة، في وقت يستمر التباين بشأن الدعوة لأي حوار بين الموالاة والمعارضة، وهذا ما قد يؤثر على نتيجة المساعي الفرنسية الجارية ، وإن كان البارز على هذا الصعيد، أن الفرنسيين ما عادوا مهتمين بدعم المرشح سليمان فرنجية، بعدما أدركوا أن هناك صعوبات كثيرة تعترض وصوله إلى قصر بعبدا، ما يجعل تركيزهم منصبّاً باتجاه مرشح وسطي، على مسافة واحدة من جميع الأطراف.
وفي حين أن «الثنائي» يريد أن يكون الحوار شاملاً، وهي تجربة أثبتت فشلها في مراحل سابقة، فإن قوى المعارضة، وحتى لو قبلت بالحوار، فإنها تشترط أن يكون محصوراً بموضوع رئاسة الجمهورية وحده، بعد تجاوز ترشيح فرنجية للرئاسة، باعتبار أن هناك رفضاً مسيحياً واسعاً لانتخابه رئيساً للجمهورية، ما يعني أن البحث يجب أن يكون باتجاه خيارات أخرى مجدية، وأن تكون لدى «الثنائي» نوايا واضحة في هذا الإطار، لا أن يعيد الكرة ثانية في محاولة لفرض فرنجية على الآخرين، وهو أمر لا يمكن القبول به بأي شكل من الأشكال. وهذا ما تبلغته السفيرة الفرنسية آن غريو في اللقاءات التي عقدتها مع قيادات المعارضة وشخصيات مسيحية.
وفي وقت لا زال ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة القضائي، يدور في الحلقة المفرغة، وفيما اتخذ القرار بعدم التمديد له، كما في عدم تعيين حاكم جديد، فإن الترجيحات تشير إلى أن نائب الحاكم الأول وسيم منصوري، بدأ يعد العدة لتولي «الحاكمية» وكالة، استناداً إلى ما يقوله القانون، وسط تعدد القراءات للخطوات النقدية التي قد يقدم عليها الرجل، بعد توليه لمهامه، وتحديداً ما يتصل بالقرارات التي اتخذها الحاكم سلامة، وفي مقدمها منصة صيرفة التي تمكنت مع غيرها من التدابير، من لجم الارتفاع الجنوني للدولار الأميركي في الأشهر الماضية.
في الموازاة، ومع تزايد الخشية من خروج الوضع عن السيطرة في الجنوب، تسارعت وتيرة الاتصالات التي تتولاها واشنطن، من أجل نزع فتيل التوتر بين لبنان وإسرائيل، حيث ذكرت معلومات ان المبعوث الاميركي آموس هوكشتاين سيزور بيروت، بعد تل ابيب، للبحث مع المسؤولين اللبنانيين في سبل حل النزاع الاخير مع الجانب الإسرائيلي، في ظل حديث عن أن هوكشتاين يحمل مبادرة لبدء ترسيم الحدود البرية بعد نجاحه بترسيم الحدود البحرية، دون صدور أي موقف لبناني رسمي بهذا الخصوص، في وقت نفذ الجيش الإسرائيلي، مناورة بالذخيرة الحية في مرتفعات الجولان، تردد صدى انفجاراتها في المنطقة الحدودية في جنوب لبنان، قبل أن يلقي قنبلة على عدد من عناصر لـ«حزب الله» قرب بلدة البستان الحدودية، ما دفع قوات «يونيفيل» إلى التدخل لدى الجانبين اللبناني والإسرائيلي للتهدئة.
وكانت التطورات الجنوبية، محور الاجتماع الذي عقده رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب الذي قال بخصوص توسيع صلاحيات قوات اليونيفيل في الجنوب، «هناك اتفاق عقد عام 2006 وقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي تحت الرقم 1701 وهناك عمل على الارض بين اليونيفيل والجيش اللبناني، وعلاقة بينهما. نحن نريد ان تقوم قوات اليونيفيل بواجبها»، توازياً مع اتصالات مكثفة من جانب لبنان مع قيادة قوات الطوارئ الدولية، سعياً لمنع حصول أي تصعيد، على أن يترك ملف بلدة الغجر إلى الجانب الأميركي، حيث يتوقع أن يبحث الموفد هوكشتاين هذا الأمر، خلال زيارتيه إلى لبنان وإسرائيل، على غرار الجهود التي بذلها لإنجاح ترسيم الحدود البحرية بين البلدين. في ظل قلق لبناني واضح من اتهامات إسرائيلية للحزب، بأنه «يحاول فتح طريق تهريب جديد، مباشر ودون قيود، مما سيساعده في الحصول على الأسلحة الإيرانية المتطورة التي سيتم نقلها إلى لبنان بــ«غطاء مدني» وتحديداً عبر مطار بيروت». وهو أمر أثار مخاوف من أن يكون هدفه محاولة الاعتداء على لبنان مجدداً.
ولا تُخفي أوساط سياسية، وجود توجُّه دولي لإبقاء النازحين في لبنان، بعد كلام النائب الفرنسي في البرلمان الأوروبي تييري مارياني الذي وجَّه رسالة، أنذر فيها اللبنانيين، وكلّ من يحب لبنان، من أمر خطير، يتعلّق بقرار عن لبنان سيصوّت عليه أعضاء البرلمان الأوروبي. وشرح مارياني أنّ هذا النصّ يتّهم الشعب اللبناني بـ «السماح بتصاعد الخطاب المعادي ضد اللاجئين»، معتبراً أنّ البرلمان الأوروبي يتّهم أحد أكثر شعوب العالم ترحيباً بضيوفه بـ «رهاب الأجانب»، و«الأسوأ من ذلك أنه يدعو مجدّداً إلى إعالة اللاجئين السوريين على الأراضي اللبنانية بدلاً من إعادتهم الى سوريا». وهذا يؤشر بوضوح كما تقول الأوساط، إلى وجود سعي دولي لإبقاء النازحين في أماكن تواجدهم، ومنها لبنان، بدل أن تتضافر جهود المجتمع الدولي، لإعادة هؤلاء إلى بلدهم، بعد استقرار الأوضاع في سوريا.