كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:
شكّل البند 13 من القرار الصادر عن البرلمان الأوروبي أمس الأول (12 تموز 2023)، والمرتبط بتأمين العودة الطوعية والكريمة والآمنة للاجئين السوريين بعد معالجة الأسباب الجذريّة في مناطق النزاع في سوريا، ذريعة للقوى السياسيّة للتصويب على القرار ولو أنّه فنّد مسؤولية هذه القوى في تقويض عمل المؤسسات وإرساء ثقافة الإفلات من العقاب وإساءة إستخدام أموال الإتحاد الأوروبي، وغيرها من المخالفات، والتي حمّل القرار الصادر تحت الرقم (2023/2742 (RSP)) «حزب الله» بالإسم 8 مرات وحليفيه حركة أمل و»التيار الوطني الحر» وحلفاءهما المسؤولية عن ما آل إليه الوضع في لبنان، قبل أن يتضمن البند 15 من القرار مطالبة بـ»إضافة «حزب الله» والحرس الثوري إلى قائمة المنظمات الإرهابيّة المحظورة».
القرار المرتقب إحالته إلى المفوضيّة الأوروبية وحكومات وبرلمانات دول الإتحاد الأوروبي، كما ومنظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية من شأنه أن يبلّغ أيضاً إلى الحكومة والمجلس النيابي في لبنان، وسط بروز مواقف سياسيّة داعيّة السلطات اللبنانية إلى اتخاذ موقف رافض لمندرجات هذا القرار.
يسمي المعرقلين بالإسم
وتوقف القرار عند نتائج الإنتخابات النيابيّة في أيار 2022، وإعادة تكليف نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة من جديد رغم خسارة «حزب الله» وحلفائه الأغلبيّة النيابيّة في المجلس، واعتبار أن الفشل في تأمين إعادة الإنتظام إلى المؤسسات يعود إلى الجمود السياسي في البلاد، تحديداً بعد استخدام «حزب الله» وحركة «أمل» و»التيار الوطني الحر» وحلفائهما تكتيكات غير دستوريّة إلى جانب رئيس مجلس النواب نبيه بري من أجل عرقلة إنتخاب مرشح المعارضة لرئاسة الجمهورية، أسوة بتأجيلهم إجراء الإنتخابات البلدية. وهذا ما وضعه القرار في خانة مفاقمة الشلل المؤسساتي وضرب ثقة المواطنين بالديمقراطية.
ومع تأكيد القرار على أن الجمود السياسي في لبنان مرتبط بأزمة سياسيّة وإقتصادية وإجتماعية متعددة المستويات طالت جميع مجالات الدولة، ذكّر بقرار المجلس رقم 1277/2021 الصادر في 30 تموز 2021، والذي ينص على إمكانية فرض عقوبات على الأشخاص والكيانات التي قوّضت الديمقراطية وسيادة القانون في لبنان. كما ذكّر بالأسباب التي أدت إلى «ثورة 17 تشرين» عام 2019، وأكبر إنفجار غير نووي في العالم الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 آب 2020، وتحميله بالإسم «حزب الله» وحلفاءه مسؤولية عرقلة التحقيق، وإقدام «الحزب» إلى جانب «حركة أمل» على تنظيم تظاهرة حاشدة ضدّ قاضي التحقيق طارق البيطار، تحولت إلى هجوم على عين الرمانة.
بعثة دولية
وذلك، وسط رفض المجلس النيابي الإستجابة لطلب القاضي البيطار، رفع الحصانة عن 3 نواب لمقاضاتهم، وغيرها من العيوب الإجرائية والإجراءات التي تعيق تحقيق العدالة وفق تقارير صادرة عن هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية ومنظمة العمل القانوني العالمي ولجنة الحقوقيين الدولية… ما دفعه إلى المطالبة بإنشاء بعثة دولية لتقصي الحقائق، بعد ما أصاب (قتل) العقيد جوزيف سكاف، وجو بجاني، ولقمان سليم بعد 10 أيام من إتهامه وفق القرار، «حزب الله» بتزويد نظام بشار الأسد بنيترات الأمونيوم.
أما في الشقّ المرتبط باللاجئين، فاعتبر القرار أنّ وجود أكثر من مليون ونصف المليون سوري في لبنان إلى جانب حوالى 15800 لاجئ من أصل إثيوبي أو عراقي أو سوداني أو غيرهم، مسجلين لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وحوالى 207،700 لاجئ فلسطيني، ترك تداعيات على الاقتصاد اللبناني وساهم في الأزمة متعددة الأبعاد التي يمر بها لبنان. كما لفت تحميل «حزب الله» مسؤولية في تفاقم أعداد اللاجئين السوريين جرّاء مساعدته نظام بشار الأسد في الحرب داخل سوريا، ونشر قواته في سوريا ومساعدة الحرس الثوري في تدريب الميليشيات السورية.
وبعد التوقف بإيجابيّة عند ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، جدد القرار التذكير بمذكرة التوقيف الصادرة بحق حاكم المصرف المركزي منذ عام 1993 رياض سلامة، وذلك بناء على طلب فرنسا وألمانيا وملاحقته بتهمة غسل الأموال والإحتيال والتزوير والإختلاس والمشاركة في عصابة أشرار، رغم نفي سلامة إرتكاب أي مخالفة والبقاء حتى إنتهاء ولايته نهاية شهر تموز الحالي، كما كشف عن تحقيق يجريه المدعي العام في موناكو، مرتبط برئيس الحكومة نجيب ميقاتي لقيامه بغسيل اموال وفق ما ورد في وثائق باندورا.
التوصيات
أما التوصيات فقد تضمنت:
1 – المطالبة بنزع السلاح غير الشرعي، وتحميل الطبقة السياسيّة الحاكمة مسؤولية تعطيل إنتظام عمل المؤسسات الدستوريّة وفق الأطر الديمقراطية.
2 – حث المجلس النيابي على انتخاب رئيس للجمهورية للحدّ من تحلل المؤسسات، ومواجهة الأزمات الصحية والمالية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية المتمادية في لبنان.
3 – حث وزارة الداخلية والبلديات على الالتزام بتنظيم الانتخابات البلدية في غضون الأشهر الستة المقبلة ومواصلة الاستعدادات لإتمامها بعد تأجيلها للمرة الثانية خلال عامين. وتحميل الحكومة مسؤولية توفير الميزانية اللازمة لتنظيم الإنتخابات البلدية.
4 – إنشاء بعثة برعاية الأمم المتحدة من أجل الإشراف على المساعدات الإنسانية.
5 – إنشاء بعثة إستشارية إدارية لمعالجة التدهور في الإدارة العامة ووضع خطة عمل لتوفير الدعم اللازم للعاملين في الخدمات الأساسيّة من بينها الصحة والتعليم.
6 – دعوة الحكومة إلى الإسراع في تنفيذ الإصلاحات الضرورية في مجال الحوكمة، وتأمين إستقلالية السلطة القضائية، والحدّ من السلطة المفرطة للمحكمة العسكرية وتقييد صلاحياتها بالجرائم المرتبطة بالعسكريين وليس المدنيين.
7 – فرض عقوبات على الضالعين في عرقلة الإنتخابات، والتحقيق في انفجار مرفأ بيروت.
8 – إيفاد بعثة دولية مستقلة برعاية الأمم المتحدة لتقصي الحقائق إلى لبنان، للتحقيق في انفجار مرفأ بيروت، ليصار إلى محاسبة المسؤولين بشكل مباشر أو غير مباشر عن الخسائر في الأرواح والأضرار التي لحقت بالشعب اللبناني؛ وحث السلطات على التعاون الكامل مع القاضي طارق البيطار في ملف المرفأ.
9 – دعوة مجلس حقوق الإنسان إلى اعتماد قرار يقضي بإنشاء وإيفاد بعثة تقصي حقائق مستقلة ومحايدة لتقصي الحقائق وظروف الانفجار في بيروت، بما في ذلك الأسباب الجذرية، وتحديد المسؤوليات، والعمل نحو تحقيق العدالة، مساعدة عائلات الضحايا والبحث في إمكانية مقاضاة السياسيين المسؤولين أمام محاكم أجنبية.
10 – الدعوة إلى وضع حد فوري لثقافة الإفلات من العقاب السائدة في المؤسسات اللبنانية، وترهيب أعضاء المجتمع المدني، وحث السلطات العامة على إزالة جميع العقبات أمام التحقيقات القضائية الجارية، لا سيما في قضايا الفساد.
11 – تعزيز الحلول المستدامة لمكافحة انعدام الأمن الغذائي وأزمات الطاقة، وتقديم المساعدة الإنسانية المباشرة، وفقاً لتوصيات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.
12 – القلق من سوء الإدارة والاحتيال المرتبط بالمشاريع الممولة من الاتحاد الأوروبي بسبب الافتقار إلى الشفافية والرقابة. ودعوة المفوضية ومكتب المدعي العام الأوروبي للنظر في مزاعم إساءة استخدام أموال الاتحاد الأوروبي المخصصة لمرافق إدارة النفايات؛ والتشديد على إحتفاظ الاتحاد الأوروبي بحق الإشراف على المشاريع. كما كرر دعوته للمفوضية لتعزيز المساءلة والمراقبة للمشاريع الممولة من الاتحاد الأوروبي في لبنان. وشدد على وجوب عدم إستفادة «حزب الله» من أموال الاتحاد الأوروبي.
13 – القلق من تصاعد الخطاب المعادي للاجئين من قبل الأحزاب السياسية والوزراء اللبنانيين. ومطالبة لبنان بعدم إبعاد اللاجئين، وعدم فرض تدابير تمييزية، وعدم التحريض على الكراهية ضد اللاجئين السوريين. وذلك، بعد تأكيده أن الظروف غير مؤاتية لعودة طوعية وكريمة للاجئين إلى مناطق النزاع في سوريا. ودعوته المفوضية إلى تحسين الوضع الإنساني في سوريا من أجل معالجة الأسباب الجذرية لأزمة اللاجئين. وتشديد القرار على أن عودة اللاجئين يجب أن تكون طوعية وكريمة وآمنة، وفقا للمعايير الدولية.
14 – دعم عمل اليونيفيل، والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الهجمات ضدّ قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
15 – دعوة الإتحاد الأوروبي إلى إضافة حزب الله بكامله والحرس الثوري الإسلامي إلى قائمته للمنظمات الإرهابية المحظورة.
16 – الترحيب بالتوقيع على اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وتشجيع البلدين على مواصلة الحوار البناء.