كتبت كارول سلوم في “اللواء”:
يراهن البعض على دخول ملف الاستحقاق الرئاسي إلى دائرة الضوء مجددا مع الجولة الثانية للموفد الرئاسي جان ايف لودربان إلى بيروت الأسبوع المقبل، وتنطلق التحليلات عن استبعاد إحداث الخرق المطلوب في هذا الملف، بعد رفض الحوار الذي قد يشكل محور مبادرة المسؤول الفرنسي حتى وإن لم يطَّلع عليها الأفرقاء في الداخل. ويبدو أنه من المنطقي عدم جلد هذه المبادرة مهما كان السبب لاسيما إذا كانت متضمنة لبنود محددة.
وصلت أصداء الاعتراض على الحوار إلى المسؤولين الفرنسيين منذ فترة، واستمعوا من رافضي الخوض في جولات وصولات منه الى أسباب هذا الرفض الذي يرى البعض أنه مبرر، وعلى الرغم من ذلك تبقى فكرة الحوار التي يطلقها لودريان مستحقة البحث، وفي السياق عينه ظل طرح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي بشأن انتخاب أحد المرشحين المحترمين سليمان فرنجية وجهاد ازعور أو إجراء الحوار للاتفاق على مرشح ثالث من دون أخذ ورد بمعنى آخر لم يتشعب البحث به، وهنا يسأل بعض المتابعين عما إذا كان الحوار الذي يرغب به سيد بكركي هو الحوار نفسه الذي يسعى إليه لودريان خلال حضوره إلى بيروت ام ان المسألة مختلفة تماما.
وفي المختصر سيعمد الموفد الرئاسي الفرنسي إلى توضيح بعض المعطيات والى الإجابة عن السؤال الذي يشغل بال الجميع هل من امل في انتخاب رئيس للبلاد وإنهاء الشغور الرئاسي لاسيما أن اللقاء الخماسي يناقش الملف وسيصار إلى تزويد الموفد الفرنسي ببعض الأمور.
وبالنظر إلى التطورات التي حصلت مؤخرا فقد ساهمت في صرف النظر عن الاستحقاق الرئاسي بدءا من قضية القرنة السوداء مرورا بملف حاكمية مصرف لبنان وصولا إلى مستجدات الجنوب والنازحين السوريين بعد قرار البرلمان الاوروبي بإبقائهم في لبنان. كل ذلك والرئاسة مغيبة بإستثناء مجموعة لقاءات أو اجتماعات مع العلم أن حل هذه المعضلة ينسحب حكما على حل كل ما هو عالق ويسحب تفجير الملفات الخلافية في الداخل.
مؤخرا أيضا أعاد التيار الوطني الحر وحزب الله فتح قنوات التواصل بينهما دون أن يعني أن التباين الرئاسي اصبح وراءهما، ولعل موقف الحزب من موضوع إبقاء التعيينات خارج طاولة مجلس الوزراء عزز هذا التواصل الجديد.
وتعتبر مصادر سياسية مطلعة عبر «اللواء» أن ما تقدم به البطريرك الراعي يستأهل البحث من قبل فريقي المعارضة والممانعة أي التحاور على شخصية ثالثة لانتخابها في ظل الاستعصاء الكلي لإنتخاب أحد المرشحين اللذين ينالان الاحترام كما قال البطريرك الراعي.
ومعلوم أن مساعي البطريرك الماروني اجهضت سابقا بفعل الإنقسام السياسي العامودي، مشيرة إلى أن الاسم الثالث لم يتظهَّر بعد حتى أن البطريرك لم يحدد هويته مكتفيا بالإشارة إلى حوار للاتفاق عليه، وهذا يؤشر إلى أنه من دون هذا الحوار سيبقى الملف الرئاسي اسير تجاذبات لن تنتهي، ويبقى ازعور وفرنجية مرشحين غير قادرين على تأمين الأصوات اللازمة لوصولهما إلى سدة الرئاسة، وحتى الساعة لم يتحرك المعنيون بهذا الملف للتسويق الجدي لمرشح ثالث حتى وإن كان قائد الجيش العماد جوزف عون يتصدر هذه الترشيحات.
وترى المصادر نفسها ان الأسبوع المقبل يشهد تزخيما في خلال جولة لودريان وإن لم تكن الخلاصة حاسمة، على أن الموفد الفرنسي الذي كانت له لقاءات خارج العاصمة الفرنسية قد يحمل معه أفكارا جديدة وبديلة عن مسعى الحوار، فالمواقف التي صدرت عن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دلت على تمسك الحزب بشكل واضح بالحوار وبمرشحه فرنجية، في حين أن فريق المعارضة يخشى من هذا الحوار لفرض مرشح الممانعة.
ومن هنا فإنه قد يكون المطلوب من لودريان العمل على تأمين ضمانات للمعارضة في حال تم الإصرار على هذه المبادرة، على أنه في الوقت نفسه تميل التوقعات إلى السلبية وأي تحذيرات خارجية تصدر سواء من البرلمان الاوروبي أو غيره بشأن إتمام الانتخابات الرئاسية يعتبرها افرقاء في الداخل على الورقة فحسب.
الى ذلك، تشير إلى أن أي تواصل بين التيار الوطني الحر وحزب الله لن يؤدي حكما إلى تفاهم جديد ، لأن العنوان قد يكون على علاقة بترتيب الحوار وعدم خروج الفريقين من قواعد معينة، وليس هناك استعداد بالتالي لدى الطرفين في التنازل عن التمسك بمبادئ تتصل بمرشحهما إلى قصر بعبدا، معلنة أن الحوار بينهما لن يأخذ منحى التنسيق لبنان كما كان سائدا إلا إذا برز ما هو خلاف ذلك، إنما هذه الخطوة تُقرأ بإبجابية لدى التيار والحزب وهذا ما يعبر عنه مسؤولو الطرفين.
بدءًا من الأسبوع المقبل يصبح المشهد الرئاسي أكثر وضوحا مع مهمة لودريان الحوارية، وقبلها تتكثف الاجتماعات التي يعقدها الأفرقاء الذين سيعلنون صراحة امامه تجاوبهم مع مبادرته أو تحفظهم عليها، وعندها يمكن الحديث الواقعي إما عن استمرار الأزمة أو انطلاق مرحلة تحمل عنوان وضع الملف على السكة الصحيحة.