جاء في “المركزية”:
من الخطأ بناء الكثير من الرهانات على الإجتماع العسكري الثلاثي “اللبناني – الاسرائيلي – الدولي” المقرر غدا الاثنين في مقر قيادة القوات الدولية في الناقورة برئاسة القائد العام لـ “اليونيفيل” الجنرال أرولدو لازارو من أجل تعديل قواعد الاشتباك المعمول بها في الجنوب. ذلك أن من ضمن الاجتماعات المشتركة التي يحضرها بشكل دوري ممثلون للأطراف الثلاثة على مستوى الضباط المنتدبين، خصوصا ان على جدول أعماله ما هو ثابت في كل الاجتماعات الدورية ومتى دعت الحاجة إليه اي البند الخاص بالخروقات الإسرائيلية، انها المرة الاولى التي تعددت فيها هذه المخالفات والاعتداءات الاسرائيلية والخروقات.و على جدول أعمال اللقاء بنود وعناوين متعددة بدءا من الاحتلال الاسرائيلي للجزء اللبناني من بلدة الغجر وضمه الى الجزءين السوري والاسرائيلي بالإضافة الى ما طرأ منذ ان نصب “حزب الله” خيمتيه قبل فترة واللتين اقامهما في بالقرب من الخط الأزرق وتحديدا في “مزرعة بسطرة” قبل نزع إحداهما في المنطقة المتنازع عليها جنوبي الخط الازرق، وحادث بلدة البستان الذي أصيب فيه ثلاثة من عناصر حزب الله في ضوء التحقيق الجاري في العملية ومجموعة الاعتداءات التي شملت الصحافيين في أكثر من نقطة ما بين يومي الجمعة والسبت الماضيين. وعلى جدول الأعمال أيضا الشكوى اللبنانية لما سمته تمادي اسرائيل بقطع الأشجار مقابل بلدتي حولا وميس الجبل في القطاع الاوسط من اجل كشف المواقع اللبنانية المقابلة لمواقعها في منطقة متنازع عليها. كما بالنسبة الى الخروقات الاسرائيلية اليومية الأخرى وخصوصا الجوية منها والبحرية التي لم يعد مسموحا بها بموجب الإتفاق الذي تم التوصل إليه لترسيم الحدود البحرية في خريف العام الماضي، وعلى طول الخط الأزرق من القطاع الغربي الى اقصى القطاع الشرقي.
وعشية هذا الاجتماع الذي يعد استثنائيا في جزء منه لجهة توقيته ومضمون جدول اعماله، أجمعت مصادر سياسية وأمنية وديبلوماسية في تقويمها للوضع على الحدود الجنوبية عبر “المركزية” على القول إن ستكون لهذا الاجتماع انعكاسات مباشرة على اللمسات الاخيرة على الصيغة النهائية للتقرير الذي تعده ممثلة الأمين العام للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان جوانا فرونتيسكا والتي سترفعه إلى الأمين العام ومجلس الأمن الدولي في الأيام المقبلة قبل المشاركة في جلسة مناقشته مع أعضاء المجلس يوم الاربعاء المقبل في التاسع عشر من آب الجاري تمهيدا لقرار التمديد السادس عشر لولاية القوات الدولية المعززة العاملة في الجنوب ابتداء من 31 آب الجاري وفق قواعد الاشتباك التي حددها القرار 1701 والتعديلات التي طرأت عليها في آخر قرارات التمديد العام الماضي.
والى المساعي المبذولة من الجانبين اللبناني والدولي من أجل تبريد الأمور على الحدود الجنوبية، باشرت لجنة ثلاثية شكلت حديثا – عشية التمديد لولاية جديدة “لليونيفل” وفي أعقاب التوتر الذي رافق نصب خيمة حزب الله في القطاع الشرقي – عملها في أول اجتماع لها دعت اليه وزارة الخارجية في السراي الحكومي قبل يومين عشية توجه فرونيتسكا الى نيويورك في حضور ممثلين عن رئاسة الحكومة ووزارة الخارجية والمغتربين وقيادتي الجيش اللبناني و”اليونيفيل” تحت عنوان “الحوار والتنسيق والتعاون القائم بين السلطات اللبنانية والامم المتحدة” وذلك من أجل البحث على مستوى ” فريق العمل المشترك” في “أفضل السبل لتطبيق ولاية هذه القوات في منطقة عملها، ومعالجة الثغرات الميدانية”.
وفي وقت أعلنت وزارة الخارجية انه وعلى خلفية “تشديد لبنان على احترامه والتزامه بتطبيق كافة القرارات الدولية الصادرة عن الامم المتحدة” فان الاتفاق تم في الاجتماع على “عقد الاجتماعات المقبلة بشكل دوري، لتعزيز الشراكة البناءة والمستدامة بين الجانبين، والحفاظ على الاستقرار في جنوب لبنان والمنطقة”، قالت مصادر غير ديبلوماسية لـ “المركزية” ان مهمة مثل هذا الفريق قد تكون لفترة قصيرة ومؤقتة لانتفاء الحاجة إليها عند التجديد لقوات “اليونيفيل” نهاية الشهر الجاري وفي ظل استمرار عمل اللجنة الثلاثية العسكرية الدورية.
واضافت المصادر ان لا يمكنها التكهن من اليوم بأن ينجح لبنان بتعديل الفقرة الخاصة التي أدرجت في قرار التمديد العام الماضي التي قالت بإمكان “تخلي دوريات الأمم المتحدة عن مواكبة الجيش لها متى اضطرت الى القيام بأي مهمة طارئة” بهدف شطبها نهائيا. مع العلم ان ردات الفعل السلبية التي أعقبت صدور هذا القرار العام الماضي والتهديد باعتبارها “قوات احتلال” في حال تفردت اليونيفيل بدورياتها دون تنسيق مسبق مع الجيش، والذي تم تجميد العمل به بـ “مذكرة داخلية” لقيادتها في الناقورة واستمرار اعتمادها على الجيش اللبناني في كل تحركاته قبل “اعتداء العاقبية” الذي اسفر عن استشهاد احد الجنود الايرلنديين واصابة ثلاثة عسكريين آخرين في 15 كانون الأول العام الماضي اثناء توجه سيارتهم الى مطار بيروت الدولي لتمضية العطلة في بلادهم.
وتأسيسا على ما تقدم لفتت المصادر العليمة، أنه لن يكون سهلا اعادة النظر بمضمون القرار السابق ليس لان شكله ومضمونه كان مطلوبا منذ سنوات في أعقاب الاعتداءات التي حالت دون ان تقوم هذه القوات بمهامها على الأقل لجهة منع وجود اي أسلحة لميليشيات غير شرعية لا تعترف بها هذه القوات الحريصة على حصر تعاونها مع الجيش اللبناني دون اي قوة أخرى. وإن تغاضيها على عدم قدرة الجيش بالإيفاء بتعهداته بوجود 15 ألف جندي لبناني الى جانب عديد القوات الدولية المعززة الموازي لها. فالامم المتحدة تدرك عدم قدرة لبنان على الإيفاء بمثل هذا الالتزام بعدما اضطر الجيش الى الانتشار على مساحة البلاد في مواجهة عمليات تهدد الأمن الداخلي في أكثر من منطقة تزامنا مع اعلان اكثر من منطقة عسكرية في البقاع الشمالي والجرود الداخلية والحدودية مع سوريا.
والى هذه المعطيات تصر المراجع الديبلوماسية على الإعتراف بان لبنان سيجهد من أجل تعديل قواعد الإشتباك وشطب التعديلات الاخيرة بالتزامن مع استعداد لبنان للمضي في معالجة الخلافات التي ما زالت قائمة بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي حول النقاط المتنازع عليها بعدما باتت محصورة في ستة مواقع من أصل 13 وإن شرطه الآني والطارىء اعادة الوضع الى ما كان عليه في الطرف الشمالي من “بلدة الغجر” حيث الجزء اللبناني منها وازالة الشريط الذي ضمه الى الجزئين السوري والفلسطيني المحتل منها كشرط لا بد منها لازالة خيمة حزب الله في المزرعة المواجهة للمنطقة.
والى تلك المرحلة سيبقى الوضع قائما على قاب قوسين من الهدوء والتوتر ما لم تنته المساعي المبذولة لمعالجة هذه الخروقات في اسرع وقت ممكن إن كان الجانب الاسرائيلي ملتزما بما تعهد به ومنع القيام باي خطوة تسبب اي توتر يقول انه يرفضه في المنطقة وما عليه سوى ترجمة القول بالفعل.