Site icon IMLebanon

الترسيم البري انطلق… وإنجازه يحتاج مسارًا زمنيًّا طويلًا

كتب منير الربيع في “المدن”:

هل يمكن القول إن مسار ترسيم الحدود البرية الجنوبية قد سلك طريقه؟ التطورات التي حصلت أخيرا في الجنوب، ومواقف رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، التي أعلنا فيها بأن لبنان مستعد للذهاب إلى الترسيم، وأن على إسرائيل الانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر.. يعطي دفعاً لهذا المسار ويصوغ لبنان من خلاله التصور الذي يريده لأي ترسيم. في المقابل، صدرت مواقف، كان أبرزها على لسان أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، بأنه لا وجود لما يسمى ترسيم الحدود، لأنها في الأساس مرسمة في عشرينيات القرن الفائت، وتم تثبيت ترسيمها في اتفاقية الهدنة عام 1949. أما ما جرى من وقائع فيما بعد، فهو اعتداءات اسرائيلية. وبالتالي، النقاط المختلف عليها تعتبر محتلة من قبل العدو الإسرائيلي، ولا بد له الانسحاب منها.

الترسيم الأول

في العام 2000، وإثر انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان، تم رسم الخط الأزرق، عبر مفاوضات غير مباشرة. وبقيت نقاط عالقة، من ضمنها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. أما الجزء الشمالي من بلدة الغجر فهو محسوم لبنانياً، على الرغم من أن القوات الإسرائيلية دخلت إليه أثناء حرب تموز عام 2006. منذ سنوات، عمل الإسرائيليون على تشييد جدار عازل على الحدود الجنوبية للبنان. وفي العودة بالذاكرة إلى تلك الفترة، لا بد من الوقوف عند نقطتين. الأولى، هي الخلافات والإشكالات التي وقعت بين الجيش اللبناني والإسرائيلي على خلفية بناء هذا الجدار. وقد أجبر الجيش اللبناني في نقاط عديدة الإسرائيليين على التراجع. أما النقطة الثانية، فبعد انتهاء الإسرائيليين من بناء الجدار عرضوا التوقيع على ترسيم الحدود البرية، فرفض لبنان معلناً تلازم المسارين البري والبحري. فخيضت مفاوضات الترسيم في البحر، والتي تم الوصول إلى اتفاق حولها باستثناء نقطة الـb1 التي بقيت معلقة بانتظار المفاوضات البرية، وهذه النقطة التي يطالب لبنان اسرائيل بالإنسحاب منها.

13 نقطة

على وقع التوترات التي شهدها الجنوب في الفترة الأخيرة، وهي لا تزال مستمرة، تحرك الملف أممياً، وتم تشكيل لجنة لبنانية مع الأمم المتحدة، للعمل على تحديد النقاط المختلف عليها والوصول إلى حل بشأنها، في موازاة تفعيل عمل اللجنة الثلاثية التي تضم ضباطاً من الجيش ومسؤولين في قوات الطوارئ الدولية اليونيفيل، وضباطاً إسرائيليين.. للبحث في 13 نقطة يتحفظ عليها لبنان. وهي نقاط تمتد من بلدة الناقورة غرباً باتجاه بلدة الماري شرقاً. كان يفترض أن يعقد اجتماع للجنة الثلاثية في الناقورة اليوم الاثنين، للبحث في معالجة النقاط العالقة المتبقية، لكن تفيد بعض المعلومات بأن الإسرائيليين لن يحضروا بسبب مراقبة الأوضاع الأمنية والعسكرية، وتستمر الأمم المتحدة بإجراء الاتصالات اللازمة، لترتيب هذا الاجتماع.

تنقسم النقاط المختلف عليها أو التي يتحفظ عليها لبنان إلى قسمين. القسم الأول تحت عنوان (السلّة أ) وهي النقاط التي تأتي داخل الخط الأزرق لجهة لبنان بحوالى 25 متراً وما دون، وتبدأ من نقطة رأس الناقورة وهي المعروفة بالنقطة b1، والتي كانت منطلقاً أساسياً في عملية ترسيم الحدود البحرية، علماً أنه لم يحسم ترسيمها في تلك الفترة. إذ ترك حسم ترسيمها لمرحلة لاحقة، بينما يعتبر لبنان أن العدو الإسرائيلي يخترق تلك المنطقة بمسافة 17 متراً. إضافة إلى نقاط علما الشعب، البستان، مروحين، يارون، العديسة-كفركلا.

أما النقاط الأخرى، أي تلك التي تدخل في عمق الأراضي اللبنانية بمساحة 25 متراً وما فوق، وهي التي تعرف بــ(السلّة ب)، وهي نقاط في علما الشعب، رميش، بليدا، العديسة، والمطلة-الوزاني. وفي السابق تم الاتفاق على معالجة 7 نقاط من أصل 13 نقطة، أهمها التي تقع بمحاذاة مستوطنة مسكاف عام. بعد الاتفاق يفترض أن يتم الإعلان عن إنجازه، وإرسال إحداثيات التعديل من قبل كل طرف على حدّة إلى الأمم المتحدة وتسجيلها هناك. كما حصل في ملف ترسيم الحدود البحرية. هذا مسار يمكن أن يكون طويلاً ولا بد أن يكون له ارتباطات بملفات عديدة أخرى.