كتبت لارا يزبك في “المركزية”:
شكّل لبنان الرسمي منذ اسابيع لجنة وزارية كلّفها متابعة ملف النزوح السوري. مضت الايام وانقضت من دون ان تتمكن هذه اللجنة من تحقيق اي خرق في هذه القضية، وسُجّلت زيارة يتيمة قام بها وزير المهجرين عصام شرف الدين الى دمشق طرح فيها هذا الموضوع مع معنيين به في الشام. واذ لم تنتج هذه المحادثات – التي وَصفها الوزير نفسه بالايجابية والبناءة – ايَ ثمار عملية على الارض، بدا ان الملف عاد لينام ويستريح في الادراج، ولم يحظ باي اهتمام حكومي اضافي، حتى ان اللجنة المُشكّلة لم تجتمع مرة.
لكن بعد البيان الصادر عن البرلمان الاوروبي الاسبوع الفائت والذي لم يعجب اي طرف لبناني، اذ تضمّن مسّكا بالعودة “الطوعية” للاجئين.. استفاق لبنان الرسمي من نومه اهل الكهف، وتذكّر القضية الجوهرية المصيرية هذه.. فاتخذ في شأنها بعض الخطوات، في مسارٍ يُمكن وصفه بـ”صحوة الميت”، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.
في السياق، وبناءً لتوجيهات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، اجتمع وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب مع القائم بأعمال السفارة السورية في لبنان علي دغمان الثلثاء. وأبلغ بوحبيب دغمان برغبة الحكومة تشكيل وفد من وزارة الخارجية والمغتربين لزيارة دمشق وإجراء مشاورات سياسية إقليمية ودولية، والبحث بالقضايا المشتركة ومنها قضية النازحين السوريين في لبنان.
الى ذلك، وبعد ان كان اعتذر منذ ايام عن عدم ترؤس الوفد اللبناني الذي كان من المقرر أن يزور دمشق للبحث في ملف النازحين، بسبب “انشغالاته الكثيرة واجتماعاته المتواصلة”، وجه بوحبيب رسالة إلى نائب رئيس المفوّضيّة الأوروبية، مفوّض الشؤون الخارجية وسياسة الأمن، جوزيب بوريل، شجب خلالها قرار البرلمان الأوروبي الذي صدر بتاريخ 12/07/2023، كما تناول فيها ملف النازحين السوريين ومواضيع أخرى. وقد أكّد الوزير بوحبيب في رسالته على ضرورة إطلاق حوار بنّاء وشامل بين لبنان والاتّحاد الأوروبي حول كافة الملفّات، وبالأخصّ ملف النزوح السوري، الذي بدأ يُشكّل تهديدًا ليس فقط على التركيبة الاجتماعية اللبنانية والاستقرار الاقتصادي، بل أيضًا على استمرار وجود لبنان ككيان.
لكن وفق المصادر، الخشية كبيرة من ان تكون استفاقة الدولة اللبنانية، موقتة، وان تكون آتية كـ”رد فعل” لا اكثر، على البيان الاوروبي، الذي، لو لم يثر ملفَ النزوح في الفقرة 13 منه، لكانت القضية لا تزال غائبة عن الاهتمام الرسمي. والخشية كبيرة ايضا، من ان تكون مقاربة لبنان الرسمي لحل الازمة، والقائمة حتى الساعة على “زيارات” الى الشام، ستعطي النتائج السلبية ذاتها، التي منذ اشهر، لم تُعِد لاجئا واحدا الى سوريا، خصوصا في ظل غياب اي خريطة طريق واضحة لاعادة هؤلاء كمثل جمعهم مثلا في منطقة على الحدود بين البلدين تمهيدا لاعادتهم. والواقع ان هذا “الحج” الى دمشق، يبدو لاغراض سياسية لـ”التطبيع” مع نظام بشار الاسد نزولا عند رغبة فريق 8 آذار، اكثر منه لهدف معالجة النزوح والبدء بالتخلّص من اعبائه القاتلة.
على الارجح، الايام المقبلة ستؤكد صوابية هذا التحليل وستُثبت ان هذه المخاوف في مكانها، مع الاسف، تختم المصادر.