كتبت لارا يزبك في “المركزية”:
تبدلت طريقة تعاطي الثنائي الشيعي مع الدور الخارجي في الانتخابات الرئاسية، رأسا على عقب. فبعد ان كان يدعو الفريقَ الداعم للنائب ميشال معوض الى عدم انتظار كلمة سر لأنها لن تكون لصالحه، مستعجلا اياه التوافق مع ٨ آذار على اسم مرشح رئاسي، انتقل الثنائي الى التهليل للاتفاق السعودي – الإيراني، على اعتبار انه سيسرع عملية انتقال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى قصر بعبدا. وبحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، أكد حزب الله وحركة امل، في الصالونات وفي الاعلام، ان هذا التفاهم الاقليمي سينعكس ليونة سعودية نحو خيار فرنجية. واذا اضيف هذا المعطى الى الدور الفرنسي الذي يرفع اصلا لواء فرنجية للرئاسة الاولى مقابل نواف سلام للرئاسة الثالثة، فإن هذه المعطيات كلها ستعطي الفوز للممانعين.
انطلاقا من هنا، تتابع المصادر، كانت الحماسة تطبع خطاب ٨ آذار لدى الحديث عن التدخل الخارجي في الاستحقاق الرئاسي، لانه خيّب الفريقَ الآخر، سواء الذي اقترع للنائب معوض او الذي تقاطع لاحقا على اسم المرشح جهاد أزعور.
لكن بعد الاجتماع الأخير للخماسي في الدوحة، انقلبت هذه الحماسة ١٨٠ درجة، حتى بات الخماسي في نظر ٨ آذار ينفذ اوامر الاميركي ويريد فرض أجندته وأجندة واشنطن على اللبنانيين بالقوة، كما قال رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك، وبالتالي يجب التصدي له!
في الايام القليلة الماضية مثلا، توالت المواقف المصوبة بقوة على المبادرات الخارجية. فقد قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ننصح بأن “لا يستقوي أحد بالأجنبي ضد مصلحة بلده، لأنه سيكون هو الخاسر الأول، الأجنبي لا يخدم مصالح أحد على الإطلاق، ليس لديه صديق على الإطلاق، إما أن تكون مستخدما لدى الأجنبي يديرك كيف يشاء ولمصلحته وإما لا ينتصر لك ولا لحقك”. اما معاون رئيس المجلس النائب علي حسن خليل فقال: اليوم وبعد كل الذي حصل مازلنا وبنفس المنطق ندعو الى حوار عام، حوار ثنائي، حوار جزئي تفاهمات بين مكونات هذه الامور هي تنتج حلولا لما نحن قادمون عليه، لا يتوهم أحد ان باستطاعة الخارج فرض ارادته بانتخاب رئيس للجمهورية هذا زمن قد ولى وسقط، نحن نريد دعم الخارج ومساعدته نحن منفتحون على العالمين العربي والاسلامي وعلى كل الدول الشقيقة والصديقة لكن علينا ان لا ننتظر نراهن على امكانية أن يأتي الحل من الخارج خارج اطار التفاهم الداخلي اللبناني بين كل المكونات بهذا فقط نستطيع ان نواجه التحديات”.
بدوره، اعلن المفتي الجعفري الشيخ احمد قبلان ان “بلدنا يعيش لحظة تاريخية، واللعبة الدولية شديدة التأثير بالمعادلة الداخلية، والحل واضح وسهل: تلاق وحوار واتفاق على شخصية وطنية قادرة على أخذ قرارات كبيرة منها الخيار الشرقي، ودون رئيس وطني شجاع لا رئيس، وما يصلح للمسيحي وطنياً يصلح للمسلم، وأي تسوية على حساب القرار الوطني لن تمر، وبيع لبنان بالمزاد الدولي أمر ممنوع، والحل داخلي مع إمكانية الإستفادة من المساعدة الخارجية، والدرع السياسي الذي يشكّله الثنائي الوطني صورة طبق الأصل عن الدرع الوطني الذي يتكون من الجيش والشعب والمقاومة، والطوائف طائفة الله، والعهد عهد الإمام الصدر: تعالوا لنحمي لبنان من العالم، وليكن لبنان لأهله وبنيه، لأنّ العالم عالم مصالح، وأنيابه لا تعرف الضمير، ولبنان أمانة، والسيادة مقاومة وقرار سياسي، وحفظ لبنان يمرّ بتسوية رئاسية شجاعة بعيداً عن أنياب العالم وسمسرة الوكالات المعروفة”.
هذه الهجمة سببها واحد، وفق المصادر: تبيَن لـ٨ آذار ان كل الرهانات التي بناها والحسابات التي وضعها واعتبرها حسمت المنافسةَ لصالح مرشحه، كانت كقصور من رمل. المملكة لم تبدل موقفها بسبب الاتفاق مع ايران، حتى ان مبادرة فرنسا وتبنيها طروحات ٨ آذار الحوارية وانحيازها لفرنجية، لم تصمد، بسبب غياب الحماسة الدولية لها.
اما الفريق الآخر في البلاد، فموقفه هو هو منذ لحظة انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون: فلننتخب رئيسا في البرلمان وفق الدستور وبدورات متتالية حتى إتمام المهمة.
فمَن الذي فعلا يراهن على الخارج ويريد إقحامه في الحسابات اللبنانية؟