تقرير ماريا خيامي:
لا يكاد الرأي العام اللبناني يستفيق على وقع تفاصيل حادثة اغتصاب طفل حتى يتفاجأ بمأساة أخرى، إذ تتوالى في الآونة الأخيرة هذه الجرائم وسط حالة من الهلع بين الأهالي الذين باتوا يخافون من ترك أطفالهم حتى برفقة المقربين لهم.
والأسوأ أن الطفل الذي يتعرض لاعتداء جنسي، غالبا لا يخبر أحدا عنه، فهو يدرك بحدسه أن ما حدث معه أمر خطر، وقد يلقي الطفل اللوم على نفسه فهو لا يدرك أن من اعتدى عليه هو المخطئ، وقد يخشى الطفل أيضا من عدم تصديق كلامه.
أما الصدمة الأكبر، أن بعض حالات الاغتصاب التي حصلت مؤخراً كانت من قبل أفراد من عائلات الضحايا، كما حدث مع الطفلة لين طالب، وفي السياق تشرح المعالجة النفسية عايدة القرقفي أنه في أغلب حالات اغتصاب الأطفال، أتى الفعل من أشخاص تثق بهم عائلات هؤلاء، ان كانوا أصحاب أو أقرباء أو جيران أو أساتذة …
انتبهوا للإشارات!
أما عن الإشارات التي قد تحذّر الأهل من احتمال وقوع حادثة تحرش أو اغتصاب، توضح القرقفي أن هذه الإشارات تختلف من ولد لآخر، ولكن الواضح لدى الجميع أن الطفل يصبح مزعوجا وخائفا من دون سبب، بالاضافة إلى قلقه من أمور لم يهتم لها سابقاً والبكاء من أبسط الأمور، كما أن ابتعاده عن محيطه وحزنه الدائم والسلوك العدواني قد يكون مؤشراً أيضا على احتمالية تعرضه للتحرش.
كما لفتت إلى مؤشرات أخرى قد تحذّر الأهل، أهمها إذا شكا الطفل من أوجاع غير مبررة طبياً، إضافة إلى ازدياد الكوابيس وتقلّبه في الليل، والنوم المتقطع والقلق. كما يعاني هؤلاء الأطفال الضحايا من عدم انتظام في الأكل إذ يميل بعضهم إلى الأكل المفرط، والبعض الآخر إلى الامتناع عنه.
والدليل الأهم، خوف الطفل من وجوده في مكان ما، أو بصحبة شخص ما، فغالباً ما يكون هذا الشخص هو الفاعل ولا يجب على الأهل أن يهملوا أي إشارة من هذه الإشارات.
علامات مهمة على الجسد
وعلى الصعيد الجسدي، قد يعاني الطفل الذي تعرض للتحرش أو للاغتصاب من احمرار حول أعضائه التناسلية، حريق في البول ووجع في هذه المنطقة، كما يعاني من أوجاع خلال عملية الخروج. وقد يعاني هؤلاء من صعوبات في المشي أو الجلوس، كما يجب الانتباه في حال وجود افرازات جنسية على ملابس الطفل مترافقة مع بعض المؤشرات التي ذكرناها سابقاً.
كيف يمكننا حماية أطفالنا؟
تشرح المعالجة النفسية أهمية تعليم الطفل حول استقلالية واحترام الجسد، وأهمية وضع حدود مع أي شخص قد يدخل مساحته الخاصة، أي التأكيد على أن الأماكن الحساسة لا يجب أن يقترب منها أو يراها أي أحد سوى الأهل، إضافة إلى تشجيعهم على البوح بأي شيء من دون خوف وخلق جو مريح داخل المنزل، ما قد ينبّه الأهل من شخص ما، وبالتالي منع التحرش قبل حدوثه.
السماح بالرفض
تضيف القرقفي، أن إجبار الطفل داخل المنزل على القبول بكل ما يُطلب منه قد يسهّل عمل المتحرش، لأنه يعتقد أن الرفض هو شيء خاطئ ولا يجب القيام به، وعلى العكس، يجب السماح للطفل برفض ما لا يريده، ما يقوّي شخصيته ويمكّنه من الوقوف بوجه المتحرش.
وأيضا يجب أن يحصل حديث بين الأهل والطفل كل فترة، بحيث يتم تعداد الأشخاص الذين يمكنه اللجوء إليهم في حال تعرّض لأي شيء غير مريح، وهكذا يكون لدى الطفل فكرة عن كيفية التصرف بسرعة عند التعرض لأي خطر.
الرسم والتلوين
لا يوجد رسومات معينة ومشتركة بين الذين تعرضوا للاغتصاب والتحرش، بل هناك مؤشرات مثل تمزيق أوراق الرسم والتلوين، ولكن في بعض الحالات قد يرسم الطفل صورا للأعضاء التناسلية، وهنا على الأهل أخذ الموضوع بجدية كبيرة والتصرف سريعاً.
نصيحة للأهل
على الأهل أن يثقوا بولدهم في جميع الاوقات والحالات، لكي يتشجع ويخبرهم بما يتعرض له، فغياب الثقة يؤدي إلى خلق الأسرار والخوف من البوح، كما عليهم الانتباه لعلامات التحذير وعدم تجاهلها، وعدم إطلاق الاحكام علي الطفل ما يخلق جوا من الصراحة والارتياح، لإخبار الأهل بجميع التفاصيل، تختم القرقفي.