كتب ألان سركيس في نداء الوطن:
إختار «سيّد» الدبلوماسية الروسية وزير الخارجية سيرغي لافروف اللقاء الخاص في قصر الضيافة التابع للوزارة مع السفراء العرب المعتمدين لدى روسيا برئاسة عميد السلك الدبلوماسي العربي سفير لبنان شوقي بو نصار، لتوجيه رسائل عابرة للحدود والقارات. وكما يبدو، فقد تقصّد لافروف هذا اللقاء للقول إن بلاده حاضرة على كل الساحات وهي دولة عظمى ولا تسرق الحرب الأوكرانية إهتمامها من بقية الساحات المشتعلة.
في صيف 2021 كان هناك تفكير جدّي من قبل لافروف بالإستقالة من منصب وزارة الخارجية الروسية، لكن حاجة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إليه ومن ثمّ إندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، جعلاه يتريّث. عند اندلاع المعركة لا يمكن تغيير القيادة، فكيف الحال بالنسبة إلى لافروف، صاحب الخبرة الدبلوماسية الواسعة والضليع بالكثير من الملفات.
وإذا كان اللقاء مع السفراء العرب، والذي حصل بمشاركة مبعوث الرئيس بوتين إلى الشرق الأوسط وأفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف وعدد من كبار المسؤولين في إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الوزارة، هو دوريّ، إلا أنّ لموسكو حسابات أخرى. فقد اختار لافروف الهدف والمكان والزمان لتوجيه الرسائل.
لا يمكن إنكار وجود تناغم بين إدارة بوتين وإسرائيل منذ وصول الأول إلى سدّة الحكم في موسكو، وهذا التناغم استكمل بعد اندلاع الحرب السورية، فموسكو قاتلت إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد وطهران والميليشيات الشيعية التابعة لها وعلى رأسها «حزب الله» لمنع انهيار النظام، لكن هذا التحالف إقتصر على دعم صمود الأسد، بينما في الإستراتيجيا، فقد تقاسمت موسكو وتل أبيب الأجواء اللبنانية، حيث تستعمل موسكو شمال لبنان، في حين سمحت موسكو لطائرات تل أبيب بتنفيذ غارات على مراكز «حزب الله» والحرس الثوري الإيراني في سوريا مستخدمةً الأجواء اللبنانية من الجنوب حتى جبيل والبقاع.
وإذا كان التنسيق الروسي- الإسرائيلي في أتمّ أحواله في سوريا، إلا أن هناك تبايناً كبيراً في الملف الأوكراني. وتؤكّد معلومات دبلوماسية وجود هذا الإختلاف، فالموقف الإسرائيلي من الحرب في أوكرانيا يزعج الروس مع بروز تقارير تؤكّد تدخّل تل أبيب ودعمها للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مع تقديرات بإبقاء الخلاف الروسي – الإسرائيلي ضمن ضوابط لكي لا يتفاقم. لا شكّ أنّ موقف لافروف أمام بو نصار والسفراء في ما خصّ الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي كان متقدماً. إذ أعلن استعداد موسكو للقيام بمبادرة تهدف أولاً إلى تحقيق المصالحة بين السلطة الفلسطينية وكافة الفصائل المعارضة وعلى رأسها حركة «حماس» وبعدها العمل على صياغة موقف موحّد يكون بمثابة خريطة طريق نحو الحل المنشود على أساس إقامة دولة فلسطينية مستقلّة وفق حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.