كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
بحسب مشروع موازنة 2023، ستبلغ قيمة النفقات نحو 181,923 مليار ليرة وإيراداتها 147,739 مليار ليرة. وسيبلغ عجزها 34,184 مليار ليرة، أي ما يوازي 2.6% من الناتج المحلي الإجمالي المقدّر من صندوق النقد الدولي بـ 16.2 مليار دولار. لا يخلو بند في جانب الإيرادات من الزيادات الهائلة، حتى إنه ورد في المادة 43 مضاعفة الرسوم “على اختلاف أنواعها” 30 مرّة.
ويمكن اعتبار مشروع موازنة 2023، مثابة مشروع تعديل الضرائب والرسوم، تمهيداً لتحقيق شروط صندوق النقد الدولي الهادفة إلى إصلاح القطاع العام، أو إعادة هيكلته، والذي كان من أبرز شروطه تخفيض عدد الموظفين تدريجاً، والذي كان عام 2018 يضم حوالي 300 ألف موظف، أقل من نصفهم بقليل يعملون في الأمن والعسكر، وحوالي 25 ألفا يعملون في الوزارات والإدارات العامة، وحوالي 40 ألفاً في قطاع التعليم.
ومع البدء بمناقشة الموازنة، أعيد النقاش في فاتورة القطاع العام بعدما تبين ان منذ العام 2019 حتى اليوم، تقلّص حجم القطاع العام تدريجاً، بين مَن تقاعد أو هاجر أو ترك الوظيفة، انخفض العدد ما بين 15 و20 بالمئة، وبالتالي لا بد من اعادة النظر في الادارة العامة وتقويم وتصحيح فاتورة القطاع العام.
الباحث في “الدولية للمعلومات” محمد شمس الدين يؤكد لـ”المركزية” ان “عدد الموظفين في القطاع العام يبلغ نحو 320 ألفا، ويبلغ عدد من تركوا الوظيفة نحو 7000 بين جيش وقوى امن عدا الذين تقاعدوا. لكن المشكلة تكمن في الموظفين الذين تركوا الوظيفة، وأسماؤهم واردة ويتقاضون رواتبهم بشكل عادي. هذا المضحك المبكي في الموضوع. قد يكون هناك من “يتكّس” الحضور بدلاً عنهم. صحيح أنهم لا يتقاضون بدل نقل لكنهم يتقاضون رواتبهم لو لم يحضروا الى الدوام. لذلك، لا يمكن معرفة العدد الموجود فعلياً. نحن نقول أن هناك نحو 7 آلاف تركوا و20 ألفا تقاعدوا خلال هذه الفترة، أي نحو 27 الف شخص غادر بما ان لا موظفين جددا يدخلون الى القطاع العام مع إقفال باب التوظيف. لكن المشكلة ان العدد أقل بكثير مما ذكرنا، لأن الكثيرين منهم سافروا لكنهم ما زالوا يتقاضون رواتبهم وكأنهم في لبنان”.
وعن هيكلة الادارة العامة، يقول: “هناك مؤسسات يجب أن تُقفَل أبوابها، كما يجب إعادة النظر ببعض الموظفين. في وزارة التربية مثلاً يمكن دمج مدارس مع بعضها البعض وإلغاء المتعاقدين، ويمكن اتخاذ الكثير من الاجراءات. يمكن إلغاء الوزارات والادارات التي لا ضرورة لوجودها، حتى الادارات الموجودة يمكن إلغاء وظائف ودمج وظائف أخرى، كوظيفة محرر وكاتب ومستكتب مثلاً. إذا مكننا الإدارة يمكن إلغاء الكثير من الوظائف. وبذلك يمكن تخفيض العدد الى النصف تقريباً. لبنان لا يحتاج الى هذه الأعداد الكبيرة من القوى الأمنية، كما يمكن تخفيض عدد المعلمين، كما ان في الادارات وظائف لم يعد لها من فائدة، لأن كل هيكلية الادارات وضِعَت في الستينات، اي منذ ستين عاماً وبالتالي تحتاج الى إعادة هيكلة ونفضة جديدة لإلغاء او دمج بعضها والانتقال الى عصرنة الادارة والقطاع العام”.
ويضيف: “يومها قدّر صندوق النقد ان خلال خمس سنوات يمكن خفض حجم القطاع العام الى النصف من دون أن يتأثر عمل الدولة، لكن في هذا الظرف لا يمكن الإقدام على هذه الخطوة، لأن بذلك نضيف على كاهل المواطنين مشاكل إضافية، وتؤدي الى بطالة والى أزمة كبيرة”.