IMLebanon

ما “مغزى” استمهال لودريان التشاور حتى أيلول؟

كتب وسام أبوحرفوش وليندا عازار في “الراي الكويتية”:

حَزَمَ الموفدُ الفرنسي جان – إيف لودريان حقائبَه بعد 3 أيام من لقاءاتٍ مكوكية في بيروت، حَمَلَ فيها ما وُصف بأنه فكرة مدعومة من شركاء باريس في «مجموعة الخمس» حول لبنان تقوم على عقْد «ورشة عمل» في أيلول المقبل تتناول الأزمة الرئاسية، مواصفاتٍ وبرنامجاً، على أن يكون حصولها مرهوناً بفتْح البرلمان لجلسات انتخاب متتالية حتى تَصاعُد «الدخان الأبيض».
وقد انطبع اليوم الأخير من زيارة لودريان بمحطّتين ذات دلالات:

– الأولى في جغرافيّتها، إذ حملت الموفد الفرنسي إلى الضاحية الجنوبية لبيروت حيث التقى رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد، خلافاً لاجتماع حزيران الماضي بين الرجلين (خلال الجولة الأولى من مهمة لودريان) والذي كان في قصر الصنوبر (المقر الرسمي للسفير الفرنسي).

– والثانية في زمانها، وتمثّلت في الزيارة الثانية خلال أقل من 48 ساعة التي قام بها لودريان لرئيس البرلمان نبيه بري، الذي كرر أن كوةً فُتحت في الملف الرئاسي.

وإذا كان الاجتماع مع بري، وُضع في إطار الرغبة في الحصول على صورة واضحة حيال مسألة «الجلسات المتتالية» التي قد تكون «جاذبةَ» قوى المعارضة إلى «ورشة التشاور» التي لم يكن اتضح قبيل مغادرة لودريان شكلها، وهل تكون بجلوس المتخاصمين حول طاولة مستديرة يرعاها وهو المرجَّح، أم بمشاورات ثنائية أو ثلاثية يجريها الديبلوماسي المخضرم على ضفتي «الممانعة» والمعارضة، فإن علامات استفهام توهّجت حيال مغزى تحديد سبتمبر موعداً لما اعتُبر «آخِر المحاولات» العربية – الدولية، التي تتولاها كل من واشنطن والرياض وباريس والقاهرة والدوحة، لتأمين مظلة لـ «هبوطٍ ناعم» يقي لبنان… الارتطام المميت.
وراوحت القراءات لموعد سبتمبر بين حدّيْن:

– الأول اعتبر أنه يعطي فسحةً لأفرقاء الداخل لترتيب أوراقهم على أساس أن «وقت اللعب انتهى» وأن ساعة الحقيقة اقتربت، فإما يوقفون المغامرة بمستقبل لبنان وشعبه وينتخبون رئيساً عبر الآليات الدستورية وبعد أن ترعى فرنسا، ومن خلْفها دول «مجموعة الخمس» الأخرى، «منصة تشاور» شرط أن تكون قابلة للصرف رئاسياً، وإما تلجأ هذه الدول إلى ما لوّحت به خلال اجتماع الدوحة من إجراءات (عقوبات) بحق المُمْعِنين في تعطيل الاستحقاق الرئاسي ومَن يأخذونه رهينة منذ نحو 10 أشهر.

– والثاني عَكَسَ تَخَوُّفاً من ارتداداتٍ محتملة أو استثمار ممكن لهذه المهلة، وسط اعتبار أوساط مراقبة أن تحديد أيلول كموعد مفترض للمشاورات الرئاسية – التي اعتُبرت «صيغة مخفّفة» من حوارٍ سعى لودريان لتسويقه الشهر الماضي ولكنه اصطدم برفض داخلي (المعارضة) وخارجي – قد ينعكس سلباً على «التوازن الدقيق» وإن السلبي الذي تم إرساؤه في الملف الرئاسي وتُرجم في جلسة 14 حزيران بتفوُّقٍ بالنقاط لمرشحِ تَقاطُع غالبية المعارضة مع التيار الوطني الحر أي جهاد أزعور على مرشح «حزب الله» وحلفائه سليمان فرنجية قبل أن يعمد نواب الممانعة، إلى تطيير النصاب.

وفي رأي الأوساط، أن استمهال التشاور حتى سبتمبر من شأنه أن يشكّل «مساحة زمنية ذهبية» لقوى الممانعة تتبلور خلالها نتائج الحوار المستعاد بين «التيار الحر» وحليفه «حزب الله» والذي يتمحور حول محاولة تبديد هواجس النائب جبران باسيل من خيار فرنجية، ولو عبر ضماناتٍ متعددة الوجه يكون الحزب «بوليصة التأمين» للالتزام بها، وهو ما سيعني بحال نجاحه حصول التشاور بموازين مختلفة تماماً تنطلق من حصول فرنجية على غالبية النصف زائد واحد أو يقترب منها، الأمر الذي سيضع المعارضة تحت الضغط في ضوء عدم قدرتها على لعب ورقة تعطيل النصاب، خصوصاً ما لم تكن أمّنتْ تقاطعاً بديلاً قابلاً لـ «كسْر» حظوظ زعيم «تيار المردة».

من هنا كانت الأنظار على ما إذا كان «عرْضُ» لودريان سارٍ لِما بعد مغادرته، ما لم يكن حصل على «جواب نهائي» من الأطراف، كما على موقف قوى المعارضة التي كانت ترفض الحوار وفق صيغه التي جرت محاولات لاعتمادها في الفترة الماضية من «الممانعة» كما من باريس، علماً أن ممثلين لهؤلاء عقدوا اجتماعاً بعد الظهر، وسط انطباعٍ بأن أي فريق لن يعمد إلى الظهور بمظهر معرقلِ مسارٍ محكوم في نهايته بانتخاب رئيسٍ وانطوى في الشكل على:

– مراعاة للمعترضين على حوارٍ سقط اسمه وحتى طابعه المفتوح واعتُبر «تصفيراً» للملف الرئاسي وترشيحاته، بمعنى أنه لا ينطلق من تسميات بل من مواصفاتٍ تتلازم مع البرنامج الرئاسي الذي يراعي طبيعة المرحلة لبنانياً ومدعوماً بسقفٍ عالٍ كرسّه اللقاء الخماسي في الدوحة وشنّ «حزب الله» حملةً عليه أخيراً.

– في المقابل، أقرّ المسار المفترض بالحاجة إلى «كلام مسبق» بين الأفرقاء اللبنانيين حول الأزمة الرئاسية، ولو مرهوناً بحتمية الانتخاب بعد ذلك، في ما بدا محاولة لاسترضاء فريق «الممانعة» الذي لا بد أنه يتوجّس من أي التزامٍ مسبق بجلسات انتخاب متتالية.

وفيما كانت وزارة الخارجية الفرنسية تعلن أن لودريان وجّه خلال زيارته دعوة إلى «الفاعلين المشاركين في عملية انتخاب رئيس الجمهورية لاجتماع في أيلول»، برز موقف للسفير السعودي وليد بخاري خلال عشاء تكريمي أقامه لمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان أكد فيه أنه «ليس لدى المملكة أي مبادرة لدعم هذا أو ذاك من الأسماء المطروحة لتولي رئاسة الجمهورية، وهذا خيار للسادة النواب وهي تطرح معايير ومواصفات فقط»، مشيراً إلى «أن السعودية تتمسك بوثيقة الوفاق الوطني، وبتنفيذ اتفاق الطائف، وتؤيد أي لقاء فيه خير للبنانيين وتتمنى أن يَجري انتخاب الرئيس اليوم قبل الغد».