كتبت سينتيا عواد في “الجمهورية”:
تُعتبر القهوة جزءاً أساسياً صباح كل يوم للعديد من الأشخاص، بهدف تعزيز مستويات الطاقة واليقظة. ومع ذلك، يمكن لفنجان القهوة الصباحي أن يضرّ أولئك الذين يقاومون الالتهاب المُزمِن أكثر ممّا ينفعهم. وفي ظلّ الآراء المتضاربة، قد تتساءلون «هل تسبّب القهوة الالتهاب أم لا»؟
إنّ الأدلّة على فوائد القهوة الصحّية ومخاطرها تُصعّب العثور على إجابة واضحة عن هذا السؤال. ولقد أظهَرت الدراسات أنّ شرب ما يصل إلى 3 أكواب من القهوة يومياً قد يقلّل من خطر الإصابة بأمراض القلب، لكنّ تخطّي هذه الكمية يمكن أن يُهدّد الكِلى. كذلك وجدت مجموعة أبحاث أنّ الأشخاص الذين يشربون القهوة يومياً يعيشون أكثر.
تأثير القهوة في الالتهاب
وفق اختصاصية التغذية جاكي نيوجنت، من مدينة نيويورك، «قد يبدو الأمر مُحيّراً، لكنّ القهوة تحتوي على مركّبات نباتية توفّر خصائص مضادة للالتهاب. ومع ذلك، يمكن إلغاء هذه الفوائد عند شرب الكثير من الأنواع التي تحتوي على الكافيين، أو السكّر، أو الـ»Syrups» المُحلّاة. كما أنّ عوامل أخرى، مثل التركيب الجيني، قد تؤثر في مدى فائدة القهوة أو عدمها».
وشرحت اختصاصية التغذية كريسي أرسنولت، من الولايات المتحدة، أنّ «القهوة غنيّة بأنواع مختلفة من مضادات الأكسدة بما فيها البوليفينول وأحماض «Hydrocinnamic» التي تتصدّى للجذور الحرّة المُضرّة في الجسم، والتي قد تدمّر الخلايا وتسبّب الأمراض. ويمكن لهذا الأمر أن يخفض الالتهاب في الجسم. ومع ذلك، إنّ قهوة الإسبريسو وتلك غير المُفلتَرة كالـ»French Press» تحتوي على مواد «Diterpenes» التي يمكن أن ترفع الدهون غير الصحّية في الجسم. ولتجنّب هذا التأثير الالتهابي الخفيف، احرصوا على اختيار القهوة المُفلترة».
وقال طبيب القلب أديدابو إيلويوميد، من الولايات المتحدة: «رغم تضارب النتائج العلمية، إلّا أنّ دراسات كثيرة حديثة وجدت أنّ الاستهلاك المعتدل للقهوة أو الشاي أمر جيّد بالنسبة إلى معظم الأشخاص. لكن كما هو الحال دائماً، استشيروا الطبيب أولاً قبل تغيير أي عادة صحّية، أو دواء، أو مكمّل غذائي، خصوصاً في حال معاناة أمراض القلب والأوعية الدموية أو عوامل خطر لأمراض القلب».
ماذا عن الأنواع مَنزوعة الكافيين؟
أوضَحت نيوجنت: «إذا كنتم لا تحبّون الكافيين، فإنكم قد تستمرّون في جَني الفوائد المضادة للالتهاب باستخدام القهوة منزوعة الكافيين. لأنّها تحتفظ بغالبية المركّبات المفيدة الموجودة في القهوة العادية، بما فيها مضادات الأكسدة، وإن بكميات أقلّ. ولقد توصّلت الأبحاث إلى أنّ الأشخاص الذين شربوا أي نوع من القهوة، المطحونة أو سريعة التحضير أو منزوعة الكافيين، انخفض لديهم خطر الموت من أمراض القلب أو أي سبب آخر مقارنةً بنظرائهم الذين لا يستهلكون القهوة إطلاقاً. يعني ذلك أنّ الفضل يعود إلى شيء آخر في حبوب البنّ ولا يقتصر على الكافيين. أمّا الطريقة الأكثر صحّة لشرب القهوة فتكمن في عدم إضافة أي مادة إليها، كالسكّر الذي يحفّز الالتهاب، والإضافات الأخرى التي تكون غالباً غنيّة بالسعرات الحرارية، والكربوهيدرات، والدهون».
كم تبلغ الجرعة الآمنة؟
وجدت دراسة نُشرت عام 2022 في «European Journal of Preventive Cardiology» أنّ شرب 2 إلى 3 أكواب يومياً من القهوة مرتبط بانخفاض كبير في أمراض القلب والأوعية الدموية والوفيات، مقارنةً بتجنّب استهلاكها. كذلك رُبط احتساء القهوة باعتدال، من 2 إلى 5 أكواب في اليوم، بانخفاض احتمال الإصابة بالسكّري النوع 2، وسرطان الكبد وبطانة الرحم، والباركنسون، والكآبة، وحتى الموت المُبكر.
لكن متى يتمّ الافراط في الكمية؟ وفق «FDA»، يُعتبر ما يصل إلى 400 ملغ من الكافيين يومياً (نحو 4 أكواب من القهوة) آمِناً لمعظم البالغين الأصحاء. وعند مقارنة ذلك بأكبر حجم قهوة في المقاهي الرائدة، الذي يحتوي على 410 ملغ من الكافيين، يتمّ تجاوز الحدّ قليلاً ومنع شرب أي مصدر آخر من الكافيين لبقية اليوم.