كتبت زينب حمود في “الأخبار”:
«درهم وقاية خير من قنطار علاج»، نصيحة تصلح أكثر عند الإصابة بلدغة أفعى لما يتبعها من «لدغات» موجعة كالبحث عن مستشفى يتوافر فيه العلاج اللازم وتأمين كلفته التي تناهز 100 دولار للحقنة الواحدة. لذا، توصي رئيسة مصلحة الطبّ الوقائي في وزارة الصّحة عاتكة بري، بالتزامن مع موجة الحرّ الحالية، بالابتعاد عن الحيوانات البرّية والشاردة وعدم التجوّل في البراري والأحراج والحقول التي تضم أماكن غير مرئية تصلح لاختباء الأفاعي، «ولا سيّما أنّنا نمرّ بأزمة اقتصادية خانقة أثّرت في الاستجابة لهذه الإصابات».
في العادة، يزداد التعرّض للدغات الأفاعي مع خروجها من جحورها بسبب ارتفاع درجات الحرارة في لبنان. وخلصت دراسة نُشرت في 11 تموز الماضي في دورية «جيو هيلث» إلى زيادة لدغات الأفاعي السّامة بنسبة 5.6%، وغير السامة بنسبة 5.8% بالتزامن مع ارتفاع درجة الحرارة القصوى درجة مئوية واحدة خلال فترة الدراسة التي أُجريت في جورجيا، والممتدة من عام 2014 إلى عام 2020.
وتقدّر منظمة الصّحة العالميّة عدد المصابين بلدغات الأفاعي بـ 5 ملايين شخص في العالم سنوياً، ينتج عنها نحو 2.5 مليون حالة تسمّم، وما لا يقلّ عن 10 آلاف حالة وفاة، علماً أنه قلّما تُسجّل حالات وفاة بلدغات الأفاعي في لبنان الذي «يقع في منطقة جغرافية تقلّ فيها الأفاعي السّامة إلى 20 و30% من مجمل الأفاعي»، بحسب بري، مشيرة إلى أن ما بين 70 و100 إصابة بلدغة أفعى يستدعي دخول المستشفى سنوياً. أمّا «العقارب فلا تحتاج إلى أمصال خاصّة، كونها غير سامّة في منطقتنا، وتقتصر مداواتها على معالجة الأعراض».
غير أن قلة أعداد المصابين لا تعفي من مسؤولية تأمين العلاج، ولا سيّما الدواء المجّاني في جميع المستشفيات الحكومية والخاصة. وهو ما لم يعد متاحاً بعد عام 2019، عندما تسبّبت الأزمة الاقتصادية بأزمة صحية فانقطعت الأدوية، ومنها الأمصال المضادة للسموم، قبل أن تعود لتتوافر في بعض المستشفيات الحكومية والخاصة بأسعار مرتفعة. وإلى الأزمة الاقتصادية، أدّى دمار معمل تصنيع دواء مضاد للسموم، في سوريا، إلى مفاقمة الأزمة، علماً أنه «لا يمكن استيراد الدواء من أيّ منطقة في العالم لأنّ اختلاف أنواع الأفاعي وفقاً للمناطق الجغرافية يؤدّي إلى اختلاف مضادات السّموم الناجمة عنها»، بحسب صيدلانية في أحد المستشفيات. فيما تؤكد بري أن «الأمصال غير مقطوعة نهائياً، وكذلك اللقاحات المضادة لداء الكلب المتوافرة في بعض المراكز والمستشفيات».
لم ترِد أي حالة إصابة بلدغة أفعى أو عقرب إلى مستشفى شتورة الخاص هذا العام. «في العام السابق، وصلت حالتان أُحيلتا إلى مستشفى زحلة الحكومي أو بعلبك الحكومي. وسنفعل الأمر ذاته هذا العام إذا وردتنا إصابة مشابهة»، كما يقول طبيب الصحة العامة في المستشفى ماهر إسماعيل، ذلك أنّ «الأزمة لم تجد طريقاً إلى الحلّ، ولا تزال الأدوية الخاصة بهذه الحالات مقطوعة، ولا ندري ما إذا كانت متوافرة في المستشفى الحكومي… المُصاب وحظّه». فهل يؤثر ذلك على سلامة المريض؟ يجيب طبيب الطوارئ في مستشفى الشيخ راغب حرب في النبطية علي إبراهيم أن «السم الذي يسري في جسم الإنسان لا يؤدي إلى الموت الفوري، في العادة يجري العمل على تقديم الإسعافات اللازمة في قسم الطوارئ ريثما يتأمّن الدواء».
وإلى صعوبة تأمين الأدوية المضادة للسموم، هناك صعوبة في تأمين كلفتها. دواء ابينفرين epinephrine الذي يُستخدم لعلاج ردود الفعل التحسّسية الخطيرة، مثلاً، ثمنه 7 ملايين و900 ألف ليرة. وقد يحتاج المصاب إلى أكثر من حقنة واحدة، وبحسب إسماعيل «أحياناً تتطلب الإصابة 20 حقنة، ثمن الواحدة يناهز المئة دولار».
بالعودة إلى نصائح بري، عند الإصابة بلدغة أفعى «يجب غسل مكان اللدغة بالماء والصابون، وتغطيتها بضمّادة نظيفة، وتجنّب جرحها أو مصّ السم، والتوجه إلى أقرب مستشفى. وتظهر الإصابة من خلال الأعراض الآتية: ألم شديد مكان اللدغة، تورّم قد يمتدّ إلى كامل العضو المُصاب، تأثير على تخثّر الدّم، وفي حالات نادرة تؤدي اللدغة إلى حالة صدمة لدى المُصاب (anaphylactic shock)، أو مضاعفات تنعكس على أعضاء الجسم، ونادراً جداً ما ينتج عنها حالات وفيات».