تقرير مانويل مطر:
ثلاث سنوات مرت والعدالة بجريمة انفجار مرفأ بيروت مدفونة، يأتي يوم 4 آب من كل عام فيتحفنا المسؤولون بتصريحات وتغريدات تدمع لها العين، ويتناسى أرباب الدولة أن أيديهم ملطخة بدماء ضحايا وجرحى الانفجار، ودعاء الأمهات المجبولة بدموع الحزن والغضب ستلاحقهم مدى حياتهم.
لا يخجل المسؤولون عن الانفجار ومعرقلو التحقيق من أنفسهم، لا بل يرمون في كل مناسبة تتاح لهم تهم التعامل مع السفارات والأحزاب على أهالي الضحايا، وينزعجون من أصوات عائلات الشهداء عندما ينظمون تحركات أمام وزاراتهم أو منازلهم لأنهم يقلقون راحة أولادهم، فعلًا “الله لا يجرب حدا”.
خطف الموت “فراشة بيروت”، ابنة الثلاث سنوات ونصف ألكساندرا أو “ليكسو” ،كما يحب والداها المفجوعان بول وتريسي نجار مناداتها، يوم الثلثاء 4 آب من العام 2020، حيث كانت تلعب في منزلها أي أكثر مكان آمن لها، لم تكن تعلم أن قلة مسؤولية سياسيي لبنان وإجرامهم ممكن أن يصل إليها ويسرق أحلامها البريئة.
بقلب محروق، عبّر جد ألكساندرا ميشال عواد عن اشتياقه لها، لافتًا إلى أن علاقته بها لم تقتصر على الزيارات الرسمية المعدودة فقط، بل كان يمضي معها وقتًا طويلًا بسبب انشغال والديها وغيابهم عن المنزل بسبب العمل. وأخبر عواد موقع IMLebanon أنه كان يقف معها على نافذة المنزل الذي يبعد 500 متر عن موقع الانفجار، ويستمتعان بمشاهدة البواخر والأعمال التي تحصل داخل المرفأ، قائلًا: “وضعوا النيترات بين بيوتنا غير آبهين بنا وبعائلاتنا!”
وأكد ألا “ثقة بالجسم القضائي بالمطلق، لكننا نثق ببعض القضاة وبمجموعة من المحامين الذين يعملون بقضية انفجار المرفأ”، مشيرا الى إن “المسؤولين يعرقلون عمل القاضي طارق البيطار لأنهم يعلمون أنه يستطيع الوصول للحقيقة”، معلنًا أننا “نتواصل لإنجاز لجنة تحقيق تقص دولية بملف انفجار المرفأ”.
بالإضافة إلى ذلك، شدد عواد على أن “ما حصل ليس جريمة سياسية بل جريمة إنسانية بحق مواطنين أبرياء، فألكساندرا كانت في منزلها مع والديها ولا علاقة لها بالسياسة”، وسأل: “ما الذنب الذي اقترفته ألكساندرا ؟”
وأشار إلى أن السلطة مستمرة باغتيال الأبرياء عبر عرقلة التحقيق، لافتًا إلى أن “التدخل الدولي مطلوب ونؤمن أننا سنصل للحقيقة في يوم من الأيام”.
وردًا على سؤال عمن يحمله المسؤولية بانفجار المرفأ، قال عواد: “قسم كبير من اللبنانيين يعلم ماذا حصل”، سائلًا: “من يستطيع إدخال هذه المواد المتفجرة إلى لبنان ولديه مستودعات لإخبائها؟ دعوا القاضي طارق البيطار أو أي قاضٍ نزيه آخر يعمل”.
وشدد الجد على أن “الدولة فشلت وهي المسؤولة عن المجزرة وكل من كان يعلم بوجود النيترات، ولو أرسلوا عسكريًا واحدًا لتحذير الناس خلال الحريق الذي اندلع في المرفأ قبيل الانفجار لأنقذوا عددا كبيرا من الناس”، مستغربًا عدم اعتذار أو استقالة أو محاسبة أي مسؤول حتى هذه اللحظة.
من ناحية أخرى، أعرب ميشال عن عتبه على اللبنانيين لعدم مشاركتهم بالتحركات التي ينظمها أهالي ضحايا انفجار المرفأ، وقال: “إذا نزل كل أهالي الضحايا والجرحى والمتضريين من الانفجار لكنا قد شهدنا على تحرك كبير في الشوارع”.
وأضاف: “اللبنانيون يعيشون بحالة إنكار و”كوما”، وكنت أتأمل مشاركة ناس أكثر في التحركات من دون أعذار”، مشيرًا إلى أن “من يشارك دائمًا في التحركات “قد الحمل وأكثر”، وحان الوقت أن يستيقظ الشعب اللبناني”.
وتوجه الى كل مواطن بالقول: “إذا حصل انفجار آخر لا تلم أحدًا لأنك لم تتحرك كما يجب بعد انفجار المرفأ”.
وأعلن ميشال عواد أن ابنته تريسي وزوجها بول رزقا بطفل أسماه “أكسل” وهو يعيش من أجل تحقيق العدالة بقضية أخته ألكساندرا، متمنيًا أن يكبر أكسل ويقول: “”وصلني حقي” دم الضحايا ما راح ضيعان”.
إلى ذلك، أشار عواد إلى أن “لبنان بلد جميل لكن لسوء الحظ حكامه “حقن فرانك” ونهايتهم ستكون مرّة كثيرًا شبيهة بنهاية السياسيين المجرمين حول العالم بحسب التاريخ”، واصفا “المسؤولين في لبنان بالمؤتمرين من الخارج”.
وعما تقوله ألكساندرا من السماء، رأى أنها “كملاك لن تخاطب المسؤولين المجرمين لأنها أهم وأكبر منهم، فهي تتوجه للشعب اللبناني أجمع وتدفعه كي يقف على رجليه ويستفيق كي يرى إلى أي درجة من الفقر والحرمان والخطر وصل إليه، ويعمل لإيجاد حل والتخلص من الأشخاص المتحكمة بمصيره”.
لن يأتي اليوم الذي نيأس أو نستسلم للأمر الواقع ونقبل بمصير رسمه لنا الساسة في لبنان، أسماء ضحايا انفجار المرفأ ستبقى محفورة في أذهاننا، وسيلاحق العار كل متورط بجريمة 4 آب، وإذا نفد من المحاسبة على الأرض، فعدالة السماء بانتظاره.