أشار رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، إلى “المحنة والفاجعة الأليمة التي أصابت لبنان وبيروت بالذات والمئات من الضحايا الأبرياء الذين استشهدوا، والآلاف الذين جرحوا وشردوا وعانوا الأمرين، وبعضهم لايزال يعاني من نتائج ذلك اليوم المريع الذي أصاب لبنان، وأصاب أبناء بيروت العاصمة اللبنانية المعذبة والصامدة التي لاتزال تئن من الجراح العميقة التي أصابتها، وتتوجع من الدمار الذي قضى على جزء كبير من تاريخها الحضاري والعمراني بعدما دمر قلبها في سنوات الحرب الأهلية وأعيد تدمير وتخريب أقسام كبيرة منها بعد إعادة عمرانه بسبب الاحتلالات التي عانت منه، وبسبب هذا التفجير الإجرامي المريب المجهول المعلوم حتى الآن”.
وتابع في بيان: “لذكرى مرور ثلاث سنوات على جريمة تفجير مرفأ بيروت، وبقاء نتائج التحقيق القضائي غائبة ومغيبة ومجهولة، وبينما أرواح الضحايا وعذابات اللبنانيين، ولاسيما أولئك الذين قاسوا من ذلك التفجير، تستصرخ من يكشف لهم الحقيقة الكاملة، ويستعيد لهم كرامتهم الجريحة. فإنه، وياللأسف، ما من مجيب لاستغاثاتهم حتى الآن”.
واعتبر أن “هذا الامتناع وبالتالي الاستعصاء حتى الآن في جلاء الحقيقة الكاملة، يدل مرة جديدة على مدى ازدياد وارتفاع منسوب الفشل وانعدام الثقة بمؤسسات الدولة اللبنانية السيادية، وعلى وجه الخصوص بمؤسسة القضاء التي، وللأسف، باتت خاضعة للتدخلات والتأثيرات السياسية من العديد من الأطراف، وعلى وجه الخصوص من قبل الأطراف القابضة بسلاحها وسطوتها على أنفاس الدولة ومؤسساتها السيادية وفي مقدمها القضاء الذي لم يعد يلتزم بمقتضيات الدستور والقانون وسمح بذلك للتدخلات السياسية بتضييع حقوق المواطنين وفي تغييب الحقيقة والعدالة”.
وأكد أن “الطريق الى الحقيقة كانت ولاتزال واضحة، حيث لا بد لنا هنا أن نستذكر فاجعة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه الأبرار والقرار الحازم بضرورة اللجوء إلى القضاء الدولي”.
وقال: “في ضوء ذلك التوجه، وتحديدا في صباح اليوم التالي على هذه المجزرة المهولة التي نتجت عن تفجير مرفأ بيروت، أصدر رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة، سعد الحريري، وتمام سلام بيانا طالبوا فيه بالاستعانة بالأمم المتحدة أو بالجامعة العربية من أجل تشكيل لجنة تقصي حقائق، وبالتالي لجنة تحقيق دولية أو عربية لكشف حقيقة وملابسات هذه الجريمة، وذلك لمعرفتهم بالتجارب القاسية التي مرت على لبنان وإدراكهم بأن القضاء اللبناني مقبوض على انفاسه وقراره.لقد كانت تجربة التحقيق في اغتيال الرئيس رفيق الحريري ملهمة لأولئك الرؤساء، ودلت تجربة التحقيق في جريمة المرفـأ مرة جديدة على أن القضاء اللبناني قد أصبح عاجزا أن يقوم بما ينبغي عليه القيام به لكشف من كان خلف وتسبب بهذا التفجير للإنسان والعمران”.
ولفت السنيورة الى ان “الدولة اللبنانية في دورها وسلطتها وهيبتها هي المعنية الاولى بكل ما جرى ويجري. إذ تبدو حتى الآن أنها آخر المعنيين، فهي مغيبة في وضوح الرؤية وفي انعدام الإرادة، وفي فقدان القرار، وبالتالي عاجزة عن تحصيل حقوق المواطنين في استجلاء الحقيقة الضائعة وفي استعادة العدالة وفي فرض القانون والنظام، والتأكيد على استعادة حقوق اللبنانيين وكرامتهم”.
وأردف: “اليوم نعود ونكرر موقفنا بضرورة أن تتولى هيئة دولية مستقلة أمر تقصي الحقائق، وتشكيل لجنة تحقيق دولية لكشف ملابسات هذه الجريمة النكراء، ومن غير ذلك لا يمكن الوصول إلى الحقيقة الكاملة في جريمة تفجير مرفأ بيروت المريعة”.
واضاف: “تحضر في وجدان اللبنانيين تجربة عدوان تموز 2006 وكيف تمكنت الدولة اللبنانية بنهاية ذلك العدوان الآثم مستعينة على ذلك بوحدتها ووضوح الرؤية لديها وبإرادتها الجازمة وقوة قرارها من اعادة اعمار ما هدمه العدوان بمساعدة الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم. أما اليوم، فلا يقتصر الأمر على عدم معرفة حقيقة ذلك التفجير الغادر حتى الآن، بل وما يزيد القلب حرقة أن الدمار الذي حصل في بيروت بقي في مكانه وعلى حاله، بسبب غياب القرار واهتزاز الرؤية وانعدام القيادية وابتعاد الاصدقاء والاشقاء عن لبنان”.
وختم: “نكرر التعازي الحارة والتضامن القوي والواسع مع أهالي الضحايا الأبرياء الذين سقطوا أو جرحوا وسيأتي اليوم الذي تكشف فيه الحقائق مهما كانت للظالم جولات وصولات فإن للحق وقتا وميعادا لا بد أن يأتي”.