ترأس البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، لمناسبة عيد تجلي الرب وجريا على العادة، القداس الاحتفالي في باحة كنيسة التجلي وسط غابة الأرز، يعاونه النائب البطريركي العام على الجبة وزغرتا المطران جوزيف النفاع والمونسنيوران فيكتور كيروز ويوسف فخري، بمشاركة القيم البطريركي الخوري طوني الآغا وأمين السر الأب هادي ضو وكهنة رعية بشري.
حضر القداس ممثل النائبة ستريدا جعجع رئيس لجنة جبران الوطنية الاستاذ جوزيف فنيانوس، ممثل النائب ويليام طوق والنائب السابق جبران طوق الاستاذ حنا بصبوص، الوزير السابق ابراهيم الضاهر، رئيس بلدية بشري فريدي كيروز، رئيس “مؤسسة شبل عيسى الخوري” المحامي روي عيسى الخوري، رئيس لجنة اصدقاء غابة الارز الأستاذ بيار كيروز وفاعليات وحشد كبير من المؤمنين.
في بداية القداس ألقى كاهن رعية مار سابا الخوري شربل مخلوف كلمة رحب فيها بالبطريرك والمطران والمشاركين، ثم تحدث عن “قدسية أرز الرب، هذه الواحة المباركة التي زارها الشعراء والفلاسفة والباحثون وباتت محطة صلاة”.
وبعد الإنجيل ألقى الراعي عظة بعنوان “للتجلي سبب وهدف ومضمون وثمار نتأمل كيف تجلى يسوع كالشمس وثيابه بيضاء كالثلج”، وقال: “لحدث التجلي سبب وهدف ومضمون وثمار سنتأمل فيها ونأخذ منها ثمرة لحياتنا الاجتماعية والروحية والعائلية، وقبل البدء بهذا التأمل اود التعبير عن فرحي وسعادتي بأن اواصل التقليد وهو ان البطاركة الموارنة درجوا على الاحتفال بعيد التجلي بهذه الكنيسة بين اشجار الارز التي تعكس جمال وسمو الله، ويسعدني ان اقدم معكم هذه الذبيحة الالهية على نية ابناء بشري وكل الذين يؤمون هذه الغابة في هذا اليوم، واذكر احياءكم وكل الذين يهتمون بغابة الارز واذكر موتاكم خاصة الذين ودعناهم بهذا العام الذي مضى، وبشري اليوم حزينة لانه غاب عنها وجوه محبة شهداء القرنة السوداء وآخرون فارقوا قبل اوانهم واعرف ان العديد من عائلات بشري تعيش هذا الحزن. نصلي كي يعزي الله قلوبهم وكي يرحم موتانا وموتاهم في ملكوته السماوي، فالله وحده يعرف كيف يخاطب القلوب الحزينة ووحده يعرف كيف يعزي”.
وتابع: “لماذا حدث التجلي؟ لما انبأ يسوع تلاميذه لأول مرة انه سيتألم ويتعذب ويموت ثم يقوم في اليوم الثالث، لم يستطيعوا تحمل هذا الخبر فتكلم بإسمهم سمعان بطرس وقال ليسوع لن يكون لك هذا أنبه يسوع. لكن الرب يسوع اراد ان يتجلى ببهاء بشريته وبألوهيته امام ثلاثة من تلاميذه بطرس ويعقوب ويوحنا كي لا يشككوا في طبيعته لانه بالتجلي سبق القيامة، هذا هو السبب المباشر، اما الهدف فهو ان كل واحد منا عندما يكون ضعيفا او متألما يتذكر ان الرب القائم من الموت حي ويؤكد في تجليه ان الطبيعة البشرية رغم ضعفها سعدت بتجليه وسعدت ببهاء الصورة الالهية. لقد خلق الله الانسان على صورته ومثاله ولكن للاسف لقد شوه الانسان هذه الصورة بالخطيئة، واذا بالرب يسوع يعيد الكيان البشري كي يذكرنا انه يجب الحفاظ على جمال وبهاء صورتنا البشرية، فاذا نظرنا الى الواقع اليوم امام الشر والكبرياء والبغض والحقد نتساءل اين اصبح الانسان وصورة الله فيه، لقد اعطانا سر التوبة حتى نعود ونتجدد بهذه الصورة”.
وأضاف: “عيد التجلي اليوم يدعو كل واحد منا كي يحافظ على صورة الله وبهاء صورة الله بطبيعته وكيانه البشري، ولا نستطيع المحافظة الا بقوة النعمة الالهية وقوة الكلمة الالهية والمشاركة بالذبيحة الالهية وتناول جسد ودم يسوع. الا تتساءلون ان الحالة التعيسة التي نعيشها اليوم، حالة الدمار والخراب والحقد والبغض، ما هو سببها؟ الانسان الذي فقد صورته وكيانه. فالمسيح بالتجلي يذكرنا اننا حاملون بهاء الصورة الالهية وهكذا اراد من خلال تجليه، فكيف نفهم كلمة الملاك لمريم يا ممتلئة نعمة فكانت كالشمس في داخلها وكالنور بداخلها. الرب يسوع يقول عن الابرار والقديسين يتلألؤن كالشمس في ملكوت الآب. مضمون التجلي له وجهان، موسى وايليا. موسى رمز الشريعة القديمة وايليا رمز النبوءة، حضورهما في التجلي معناه ان الرب يسوع يجمع بين القديم والجديد. هو الكلمة، هو الذي يجمع، هو القريب من كل إنسان، لذلك نحن بحاجة ان نعود اليه حتى نجد تموضعنا في هذا التاريخ مثل الدائرة التي لا تنعقد الا اذا كان لها وسط، فنحن ارتباطنا بيسوع المسيح، نحن بحاجة ان نتذكر التجلي وقيامة الرب حتى لا نضعف امام الصعوبات وان نعود الى المسيح وتعاليمه”.
وختم الراعي: “الكنيسة تقول ان الانسان لغز لا يفهم لماذا خلق ولماذا يتعذب ويموت ولماذا الخير والشر. الجواب هو يسوع المسيح، فلا نفهم شيئا الا على درب الكلمة على نور يسوع المسيح، ويجب ان نرجع اليه هو وحده الذي يجمع وكل امر آخر تفرقة وابتعاد عن يسوع. فالمؤمن الحقيقي هو الذي يجمع باسم يسوع ولا يفرق، ويسوع قال عن نفسه انا الحقيقة وبدوني كذب، انا الطريق وبدوني ضياع، انا الحياة وبدونها الموت. فيا رب تجليت على الجبل لاجل كل واحد منا، اعطنا في هذا اليوم بهاء الصورة كي نحافظ على نعمة اسرارك وجمال صورة الله فينا، لك المجد الى الابد”.