كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
صمد اتفاق وقف إطلاق النار في عين الحلوة الذي تمّ التوصّل إليه بين القوى والفصائل الوطنية والاسلامية، بعد الاشتباكات العنيفة التي دارت بين حركة «فتح» والناشطين الإسلاميين وأسفرت عن سقوط 12 قتيلاً وأكثر من 65 جريحاً، إضافة إلى أضرار جسيمة في المنازل والمحال التجارية والسيارات.
وأكّد مسؤول فلسطيني لـ»نداء الوطن» أنّ الحياة لم تعد إلى طبيعتها بعد، رغم مرور أربعة أيام على التوصل إلى الاتفاق، حيث تبدو الأمور معلّقة على حبال نتائج لجنة التحقيق التي شكّلتها القوى الوطنية والإسلامية وتنتظر «فتح» منها كشف الجناة وتسليمهم إلى العدالة اللبنانية، فيما بقي الإنتشار العسكري في أرض الميدان مع إبقاء الدشم والشوادر بين المناطق وعدم عودة النازحين.
وجاءت تحذيرات بعض السفارات في بيروت لمواطنيها بعدم السفر إلى لبنان أو مغادرته سريعاً، أو توخّي الحذر وعدم الإقتراب من المناطق التي شهدت نزاعات مسلّحة، وزيارة عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» والمشرف على الساحة اللبنانية عزّام الأحمد إلى لبنان، مُكلفاً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمتابعة التطورات، وكأنها أوحت بوجود معلومات أو مخاوف من تجدّد الاشتباكات مرّة أخرى.
ورغم عطلة نهاية الاسبوع، التقى الأحمد رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في حضور سفير فلسطين أشرف دبّور وأمين سرّ فصائل المنظمة في لبنان فتحي أبو العردات، وشارك عن الجانب اللبناني المدير العام للأمن العام اللبناني بالانابة اللواء الياس البيسري ومدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد طوني قهوجي ورئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني باسل الحسن. وجرى البحث في الوضع في المخيم والإجراءات اللازمة لتثبيت وقف إطلاق النار. وكان ميقاتي اتصل بالرئيس الفلسطيني والأحمد ودبور واتفقوا على حضور عزّام ومواكبة الجهود الفلسطينية – اللبنانية المشتركة لحفظ الاستقرار.
جولة ميدانية
ميدانياً، تبيّن في جولة لـ»نداء الوطن» أنّ الهدوء التام لا يزال يسود المخيم، ولم يسجل أي خرق، وبقي الجيش اللبناني يتّخذ إجراءات احترازية ويقفل الطريق أمام حركة السيارات ويسمح بدخول المشاة بعد التدقيق في هوياتهم الثبوتية، وظلّت الحركة شبه مشلولة، وقلة من أبناء المخيم تجاوزوا خوفهم وعادوا الى منازلهم، فيما الأضرار جسيمة ولا سيّما في منطقتي الطوارئ وحطين وعلى الشارع الفوقاني من البركسات إلى الصفصاف.
كذلك تبيّن أنّ الرصاص الفارغ يملأ الشوارع مع وجود بعض القنابل والقذائف التي لم تنفجر بعد وخاصة في منطقة عكبرة في الشارع الفوقاني. بينما احترقت عشرات السيارات في موقف المدارس – أبو عالول، وتضرّرت بعض مكاتب ومؤسسات «الأونروا» ومدارسها وقد نخر الرصاص جدرانها وفتحت القذائف فجوات في بعض المنازل. وأبقت «الأونروا» على قرارها بتعليق عملها داخل المخيم، بينما واصلت احتضان وايواء عشرات العائلات النازحة في مدرستين تابعتين لها في مخيم المية ومية وفي مدينة صيدا. وتفقّد وزير الصحة العامة فراس الأبيض ورئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير مستشفى صيدا الحكومي بمشاركة النائب الدكتور عبد الرحمن البزري والسيدة بهية الحريري، وعقدوا اجتماعاً مع رئيس مجلس الإدارة مديره العام الدكتور أحمد الصمدي والطاقم الطبي والتمريضي، قبل أن يطلعوا على الأضرار التي لحقت به جرّاء الاشتباكات. وقال الأبيض: «هدفنا معاودة العمل بقسم غسيل الكلى وأقسام المستشفى تدريجياً، ونحن حريصون على معالجة الأضرار سريعاً». وأوضح اللواء خير أنّ الجولة كشفت أن الأضرار كبيرة، ودعا حاكم مصرف لبنان بالوكالة وسيم منصوري إلى فتح الاعتمادات «لأن الموازنات موجودة في المصرف وذلك للتعويض على المتضرّرين ودعم مستشفى صيدا الحكومي». وتفقّدت الحريري منطقة تعمير عين الحلوة وأكدت «أن وجود رئاسة الحكومة ممثلة بالهيئة العليا للإغاثة ووزارة الصحة ممثلة بالوزير فراس أبيض أمر يطمئن الى أن الدولة «مش تاركة مواطنيها». وقالت «نحن في منطقة منكوبة وهي تبقى عنواناً لحقّ المدينة على الدولة».
وزار وفد من «حزب الله» برئاسة مسؤول قطاع صيدا الشيخ زيد ضاهر، مقرّ «فتح» في صيدا، والتقى أبو العردات وقدّم التعازي بالعرموشي ورفاقه. وزار النائب ابراهيم منيمنة المدينة والتقى النائبين البزري واسامة سعد، مثنياً على جهودهما من أجل التوصل الى حل ووقف اطلاق النار وتثبيته، والاسراع بتسليم الجناة من قبل لجنة التحقيق اضافة الى جهودهما في الحثّ على ضرورة التعويض على المتضرّرين بأسرع وقت.