كتبت لارا يزبك في “المركزية”:
شكرا حزب الله لتحريرك الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي الذي انسحب مطأطئا الرأس من اراضينا في 25 ايار 2000. هذا التاريخ بات عيدا وطنيا نحتفل به كل عام، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، ما يعني ان التحرير تحقق وانجز وبقيت بعض النقاط التي تحتاج الى علاج عبر القنوات الدبلوماسية.
منذ ذلك الحين، لم يعد الشكر يُوجّه الى الحزب، لماذا؟ لان وظيفته كمقاومة انتهت، الا انه قرر الاحتفاظ بسلاحه، ليس للدفاع عن لبنان وحقوقه بل لاستخدامه ضد اللبنانيين لترهيبهم واخافتهم كلما سارت رياح اللعبة السياسية بما لا تشتهيه سفنه، ولتصديره الى الميادين العربية والتدخل في نزاعاتها من سوريا الى اليمن.
وبعد ان لمسوا هذه الحقيقة المرة لمس اليد في اكثر من محطة، من بروز اسم حزب الله في عمليات اغتيال ابرزها تصفية الرئيس رفيق الحريري، مرورا بحوادث 7 ايار، وانتشار عناصره بالقمصان السود والاقنعة في شوارع العاصمة والجبل، وصولا الى اعتدائهم على الثوار وخيمهم ابان ثورة 17 تشرين.. اللبنانيون باتوا يشعرون بنقمة تجاه الحزب خاصة وأن نقله اتجاهَ سلاحه مِن جبهة الجنوب، الى صدور الناس في الداخل، فرَضَ الحزب بموجبه مشاريعَه السياسية على اللبنانيين مُمسكا بمفاصل القرار في البلاد مِن رئاسة الجمهورية، الى الحكومات والادارات، فكانت النتيجة عزلة عربية ودولية وتحلُل سيادي وانهيار اقتصادي ومالي.
هذه النقمة عابرة للطوائف والمناطق، ففي وقت تنفجر بين الحين والآخر في المناطق الشيعية على خلفية الوضع المعيشي المهترئ، ظهرت بشكل اوضح في شويا في آب 2021 حين كان الحزب ينقل راجمة صواريخ عبر البلدة، فاعترض طريقَها ابناؤها وهم من الدروز. وظهرت امس مجددا عند كوع الكحالة، حيث وبعد انقلاب شاحنة اسلحة للحزب، حاول الاهالي الاقتراب منها لمعرفة ما في داخلها، فتعرّضوا لاطلاق نار مِن قبل مسلحين كانوا يواكبون الحمولة سقط اثره شهيد من البلدة هو فادي بجاني، فرفع السكان عاليا الصوت رافضين استباحة سيادة لبنان وتحويل طرقاته الى ممر لنقل الاسلحة من ايران الى الضاحية.
واذ تسأل عن الانطباع السلبي الذي سيخلّفه مشهد الامس في الرأي العام العربي والدولي خاصة في عز موسم السياحة، تقول المصادر ان ما حصل يضيء من جديد على الخطر الذي يمثّله الحزب على لبنان. ليس فقط على اقتصاده وصورته وهويته، بل على سلامة اهله، حيث يَنقل بين المدنيين العزّل وبدم بارد، الذخيرةَ والصواريخ التي يُمكن في اي لحظة ان تنفجر او تتعرض للقصف، في معطًى يعيد الى الاذهان انفجارَ المرفأ.
وقبل الكحالة بساعات، كان لبنان ينشغل بمقتل احد مسؤولي القوات اللبنانية في الجنوب الياس الحصروني، في مناطق مِن المعروف ان الآمر الناهي فيها هو الحزب. واذ تقول ان الحادثة ذكّرت بتصفية المعارض الشيعي لقمان سليم، تشير الى ان الحزب، إن كانت لا علاقة له بهذه الحوادث، يُمكنه، بِفعل سيطرته على الارض، ان يساعد في كشف الحقيقة… فهل يفعل؟
الدولة، في هذه المعمعة الدموية كلها، غائبة، تتابع المصادر، وتترك الناس يُقتلون برصاص ونيترات وكواتم صوت، لا بل تُحوّل الضحايا في بعض الاحيان الى المحاكمات وتَنسى الجلاد. هذا الواقع لن يتبدّل طالما “الدويلة” أقوى من الشرعية، بقرارٍ وتخاذلٍ مِن الاخيرة. قلبُ المعادلة مشوارٌ طويل، لكن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة انتخاب رئيس سيادي ومَنع الممانعة من فرض كلمتها من جديد…