IMLebanon

عبد الساتر: نحن ثابتون في هذه الأرض

احتفل راعي أبرشيّة بيروت المارونيّة المطران بولس عبد الساتر بالقدّاس الإلهي في كنيسة السيّدة- الحدت، لمناسبة عيد انتقال السيدة العذراء، عاونه فيه النائب العام المونسنيور اغناطيوس الأسمر وخادم الرعيّة الخوري بيار أبي صالح والخوري شربل موسى والخوري جورج مفوّض، بمشاركة لفيف من الآباء والكهنة، وفي حضور النائب كميل شمعون والنائب السابق حكمت ديب، الرئيسة الإقليميَّة لراهبات المحبّة للقدّيسة جان انتيد- البزنسون، الرئيسة العامّة لراهبات القلبين الأقدسين، وعدد من الراهبات، رئيس البلديّة جورج عون وأعضاء المجلس البلدي، المخاتير، عدد من الفعاليّات، ولجنة الوقف والمجلس الرعوي والأخويّات والجماعات الرعويّة وحشد من المؤمنين.

وبعد الإنجيل المقدّس، ألقى المطران عبد الساتر عظة جاء فيها: “ما أجمل أن نلتقي من جديد لنحتفل ونفرح بعيد انتقال أمِّ الربّ يسوع، ربِّنا ومخلصِّنا، سيدتِنا وسيدةِ بلدة الحدت وحاميتِها من الشر ومن الأشرار. ما أجمل أن نلتقي من جديد لنصلّي مع بعضنا البعض ولأجل بعضنا البعض، إخوةً وأخواتٍ بالربّ يسوع، في كنيسة السيّدة في بلدة الحدت الأبيَّة. هذه البلدة التي عاشت ولا تزال، الأخوّةَ والتعاضد منذ بداية الأزمة الإقتصاديّة وخلالِ وباءِ كورونا وحتى اليوم، إذ إنَّ الكبير فيها يَسنُد الصغير، والقادرَ يعضدُ العاجز، والمسؤولَ يعمل لأجل المسؤول عنه وإلى جنبه لما فيه خيرُ الجميع”.

وتابع: “سأتأمّل وإيّاكم في هذا المساء في أمرين واجهتهما أمُّنا مريم خلالَ حياتها على الأرض. الخوف: غريب أمر مريم، هذه الفتاة التي حبِلت من دون أن يَقرَبَها رجل. سمعت كلام الملاك وصدّقته لأن الله صادق في كلامه ووعوده. عرفت نتائج هذا الحبل عليها: إتهامٌ بالزنى ورجمٌ وموت. ومع ذلك، لم تخف وقالت نعم لمشروع الله في حياتها. لم تخف وكيف تخاف هي التي ردّدت مرارًا وتكرارًا المزمور ٢٣: “الربّ راعي فلا يعوزني شيء. الربّ حصن حياتي فممن أفزع.” هي التي اختبرت حضور الله في حياتها وحبَّه لها، قالت نعم غير آبهة لما قد يَحُلّ بها لأنّها كانت تعلم أنَّ ما ستعيشه، ستعيشه مع الله، وما ستتحمّله سيحمله الله عنها، فلم تخف، ولن تخافَ حتى عند أقدام الصليب”.

اضاف:”ونحن المسيحيّين، نحن الذين بالمعموديّة لبسنا المسيح فمما وممن نخاف؟ هل نخاف الموت وربنا انتصر على الموت فينا وأعطانا الحياة الأبدية؟ هل نخاف الجوع وربنا يقوت طيور السماء ويعطينا جسده، خبزَ الحياة؟ هل نخاف العدو ولا عدو لنا سوى الشريرِ الذي نغلبه باسم الربّ يسوع وبالمحبّة وبالغفران؟ لا شيء يفصلنا عن محبّة المسيح لنا، لا جوع ولا عطش ولا عري ولا سيف ولا اضطهاد. نحن كأمِّنا مريم ثابتون في الله وفي هذه الأرض كعلاماتٍ على عظمة الرب وعلى حقيقته إلهًا ومخلّصًا، علامات على عظمة محبّته لكلّ إنسان”.

وقال: “الألم: أمام الألم نسأل عن السبب ونطلب بإيمان من الربّ أن يزيله من حياتنا وحياة من نحبّ وبسرعة. وإذا بقي الألم واستمرّ فقد نشكك في محبة الله لنا وربما ننفي وجوده. أمّا أمّنا مريم فقد نَفَذَ في قلبها سيف الألم لمّا رأت ولدها يًحاكم ويُدان ظلمًا، وحين رأته يُضرب ويُجلد، وحين رأته يقع تحت الصليب ويموت عليه ومع ذلك لم تسأل لماذا، ولم تشكّك أبدًا في محبّة الله لها ولم تنفِ وجوده. قبلت هذا الألم وكأنّه من يد الله فما تذمّرت. قبلته وعاشته بتسليم كلّي لذاك الذي أحبَّها من قبل أن تتكوَّن في حشا أمها. عاشت هذا الألم مع ولدها حبًّا به. أرادت أن تحيا ما يحياه. وتمنت لو أنها تستطيع أن تحمل ألمه عنه. أليس هذا ما تفعله الأم عادة؟ عرفت في قلبها أنّ ولدها يتألّم حبًا بالبشر فأرادت أن تتألّم معه حبًّا بالبشر أيضًا. حوَّلت قبولها الألم في حياتها إلى فعل حبّ وإيمان بالله الآب فشاركها الآب في مجد ابنه الوحيد وابنِها ساعةَ دخولِها الملكوتَ بكليَّتها، جسدًا ونفسًا. فيا ليتنا جميعًا نعيش الألم الذي نصادفه في حياتنا، على مثال مريم، بالمحبّة والإيمان والرجاء فنشارك الابن مجده في الملكوت”.

وختم عبد الساتر: “فليكن هذا العيد مباركًا على الجميع، خصوصًا على من يحملن اسم مريم، وعلى بلدة الحدت وأهلها فيبقون شهودًا للمحبّة وللربّ يسوع في محيطهم. آمين”.

وبعد القدّاس الإلهي الذي خدمته جوقة بيت العناية الإلهيّة، التقى المطران عبد الساتر المؤمنين في صالون الرعيّة.