كتب طوني عطية في “نداء الوطن”:
مرّ أسبوع على اغتيال «الحنتوش». اللقب الذي تقدّم كلّ مسمّيات الرجل «العينبلي» ومواقعه الإجتماعية والسياسيّة والحزبية، فالبعض لم يعرف أنّ الياس الحصروني الذي قضى بحادث اغتيال أو انتقام هو «الحنتوش». صعبٌ على عين إبل أن تتوالى أيامها من دون حضوره وحركته وتأثيره القويّ والإيجابي على شبابها الذين كان الداعم الأكبر لهم. كيف سيكون عيد انتقال السيدة العذراء (شفيعة البلدة)، المُناسَبة الأكثر جاذبية لأهالي «وردة الجنوب» (كما يُطلق عليها) ولأبناء الجوار والسيّاح والمغتربين الذين يحجزون إجازاتهم الصيفية لتتوافق مع احتفالات عيد السّيدة الديني ومهرجانه الفنيّ، والحنتوش ليس هنا؟
للرجل حصّته ودمغته في كل ما هو جميل. وجمال عين إبل وسحرها ورونقها ليس فقط بتنظيم بنيتها التحتية وطبيعتها وحيويتها، بل في مواقفها وصمودها والحفاظ على هويتها، وللحصروني بصماته الراسخة.
ظنّ قاتلوه أن جريمتهم سترحل معه، بحادث سيرٍ مزعوم أو بتلفيقات أقرب إلى نسج الخيال. لن يغادر من ساهم في ضخّ الحياة بمجتمعه ومحيطه إلى غياهب النسيان. استصرخت دماؤه قصور العدل، أو أقلّه دحرجت الحجر عن قبور الإهمال ووأد الحقائق. دُفِنَ الحنتوش ليحيا اسمه في ذاكرة ووجدان بيئته وأبطالها الذين لا يرحلون. إنضمّ الملفّ إلى سجلات الجرائم الشائكة في لبنان، أيّ الواقعة بين إعجازين: معرفة الحقيقة وتحقيق العدالة. غير أنّ وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال، القاضي بسّام مولوي، أوضح عقب اجتماع لمجلس الأمن المركزي أمس، أنّ «التحقيقات القضائيّة والعدليّة والأمنيّة مستمرّة»، مؤكّداً «بواسطة التّحقيقات وتطبيق القانون نصل الى منع الفتنة». ولفت إلى أنّ «المعلومات الأوّليّة تشير إلى عدم وجود خلفيّة حزبيّة لما حصل».
في المقابل، تنتظر عين إبل وعائلة الحصروني أجوبة رسمية واضحة، المطلوب رفع النّقاب عن أبرز القضايا التي حلّت بها ألماً وغدراً. يقول رئيس بلديتها عماد الّلوس في حديث لـ»نداء الوطن»، «إننا على تواصل مع الأجهزة الأمنية المعنيّة، لكن لا أجوبة شافية حتّى الآن، يكتفون بالتشديد على متابعة التحقيقات». إلى حين كشف ملابسات الجريمة، يشير إلى أنه «لا يوجد أي خيط قد يربطنا بتحديد وتخصيص الجهّة الفاعلة حتّى الآن»، لكنّه يؤكّد أنّ هذه العملية غير فردية، بل قادها مدربون محترفون، راقبوا الطريق مدّة طويلة، هذا ما أظهرته الفيديوات، وليس كما يحاول البعض ترويجه عبر مواقع التواصل الإجتماعي وغيرها للإيحاء بأنّ الدوافع شخصية أو بسبب خلافات حزبية داخلية».
وأوضح الّلوس، أن «الحنتوش شخص محبوب في بلدته والجوار كافّة، إذ خدم حوالى 25 سنة في مؤسسة كهرباء لبنان مكتب بنت جبيل، ونسج علاقات طيّبة مع الجميع»، إضافة إلى ذلك، هو صاحب أحد أهم المنتجعات السياحية في المنطقة، وبالتالي لا يوجد أي خلفية مالية للجريمة كما ظنّ البعض».
وعن احتفالات عيد السّيدة (أمس)، التي تتميّز بها عين إبل من تطوافٍ وزياحات وسهرات، أشار رئيس البلدية، إلى أننا أبناء الحياة، نتمسّك بقيمنا الروحية والثقافية والأهلية، وهذا ما عمل عليه الحنتوش طيلة حياته، لكن الغصّة ستبقى في فؤادنا ووجداننا».
تُلملم عين إبل جراحها، أو بالأحرى تتعزّى برفعها إلى شفيعتها وحاميتها السيّدة العذراء التي أحبها الحصروني، إذ ساهم مع أبناء بلدته المقيمين والمغتربين في أصقاع العالم بالعمل على تشييد «مزار أمّ النور» (الأكبر في لبنان)، وكان عضواً فاعلاً ومنتجاً في اللجنة التي عملت ولا تزال على انتهاء المشروع. وقبل ليلة العيد، أقام الأهالي مسيرة شموع وصلاة في شوارع البلدة شارك فيها أبناء المنطقة وفاعلياتها خصوصاً من دبل ورميش، تخلّلتها تراتيل دينية، كما تُليت نوايا على نية خلاص لبنان وتحرّره وكشف الحقيقة كاملة والدوافع الكامنة وراء هذا العمل الوحشي وإنزال أشدّ العقوبات بالفاعلين.