كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:
تحوّلت النفايات إلى آفة خطيرة على المجتمع، وبات إحراقها يرعب ويوتّر حياة الناس. أكثر من 1000 إصابة سرطان منذ بداية العام الحالي تتلقّى العلاج داخل مستشفى نبيه بري الجامعي، كل يوم تُسجّل حالة وفاة سرطان في كل بلدة جنوبية، كل يوم يُحرق مكبّ هنا وهناك لتتفاقم الأزمة في هذه البلدة وتلك.
أمس الأوّل احترق مكبّ حبوش، غطّت سحب دخانه السامة عربصاليم والقرى المجاورة، في وقت تتكدّس النفايات في الطرقات، لتكوّن جبالاً من الأوبئة؛ روائح كريهة تنبعث منها، آفات وسرطان، وحالات وفاة يومية، مسلسل الحرق مستمرّ، من كفرتبنيت إلى حبوش والكفور. الهواء المسرطن يستبيح حياة المواطنين، في حين لم تخرج الأزمة من عنق زجاجة الحلّ، إذ لا يزال شدّ الحبال قائماً منذ ما قبل 2019، فالإتّحاد عاجز عن تأمين مطمر للعوادم، المعمل متوقّف والشركة أيضاً التي كانت تجمع العوادم وترسلها إلى المعمل، بعد أن تفرز النفايات في مستودع خاص بها. ونشطت المكبّات العشوائية والتجارة بها، وضاع الحلّ في أتون الصراعات والمناكفات وتصفية الحسابات الضيقة.
لم يبذل أحد من القوى الحزبية، أي جهد لحلّ الأزمة المستعصية. بقيت عصيّة على إنتاج المخارج، وأدّت إلى مزيد من انتشار المكبّات العشوائية في القرى. باتت شاهدة، على عجز البلديات ومن خلفها القوى الحزبية عن مواجهة أزمة النفايات وعادة ما يكون السبب “شحّ الإمكانيات والموارد المالية، غياب المازوت وغيرها من المسائل التقنية واللوجستية”.
تفيد المعلومات بأنّ الحلول كانت في اتّجاه خواتيمها المرجوّة، بعد أن تمّ الاتفاق مع بلدية دير الزهراني على تحويل مكبّها إلى مطمر، إذ تعمل شركة “يأمن” التي رست عليها مناقصة جمع النفايات قبل عامين، لإعادة تأهيله على نفقتها، على أن تدفع كل بلدية المبلغ المالي المتوجّب عليها شهرياً، حوالى الـ100 مليون ليرة، إلى حين صرف أموال المتعهّد من قبل الدولة فتعاد الأموال للبلديات.
أما عن الذي حصل، فتقول مصادر متابعة، إنه في اليوم الذي كان سيتمّ إعلان الاتفاق نكث رئيس بلدية دير الزهراني بوعده. وأعلن أن مكبّ البلدة لن يستقبل سوى العوادم. وتضيف المصادر أن الحلّ يكمن بـ”شخطة قلم وقرار، فإذا قرّر العمل البلدي في “حزب الله” و”حركة أمل” إعادة تشغيل معمل الفرز وتأمين مطمر للعوادم من يقف في وجههما؟ لا أحد”، مؤكّدة أنّهما لا يريدان الحلول.
وعليه، حين تولّت محافظة النبطية الجديدة الدكتورة هويدا التّرك منصبها وعدت أن يكون ملف النفايات في سلّم اهتماماتها. قبل أيام زارها وفد من “حركة أمل” على رأسه مسؤول العمل البلدي بسّام طليس، فهل اتّخذ القرار بحلّ الأزمة أم ستبقى قصتها كإبريق الزيت؟
يرى وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناصر ياسين أنّ “حلّ أزمة نفايات النبطية يكمن في إعادة تشغيل معمل فرز النفايات في وادي الكفور، من قبل اتحاد البلديات واتفاقها على مطمر صحّي للمنطقة، بدل المكبّات العشوائية المنتشرة في القرى والبلدات. ودعا لتمكين البلديات مالياً عبر جباية رسم للنفايات الصلبة، يصل إلى 200 ألف ليرة شهرياً للمنازل، وأكثر للمؤسسات التجارية والصناعية”.