كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
بالرغم من التشديد والتضييق الأمني الذي يمارسه الجيش اللبناني و»القوة المشتركة» على حركة مهرّبي البشر على الحدود بين لبنان وسوريا، لا ينفكّون يبتدعون حيلاً وأساليب جديدة. فما الذي حصل مساء الخميس الفائت على حاجز شدرا؟
أوقف حاجز فوج «القوة المشتركة» في بلدة شدرا الحدودية، شاحنة عُدِّل هيكلها لتصبح صالحة لتهريب الأشخاص، ظاهرها أنها محمّلة بالصخور، لكن تحتها مخبأً سرّياً، صُنع من أعمدة حديد، وضع فيه أكثر من 144 شخصاً. تعود هذه الشاحنة للمسؤول عن أحد معابر التهريب في وادي خالد – عكار المدعو « ش. أ. ج» و المدعو « م. م». وعلمت «نداء الوطن» في هذا الصدد أنّ «جميع المهرَّبين من الجنسية السورية»، وقد أعادهم الجيش إلى الداخل السوري عبر المعبر الرسمي في قرية البقيعة الحدودية.
من المؤكد أنّ الشاحنة أُعِدّ مخبأها السرّي من أجل التمكّن من عبور حاجز الجيش في شدرا، لكن الحاجز يتشدد في التفتيش، خصوصاً بعدما ثبّت كاميرا في اتجاه الحدود؛ يمكنها التقاط الحركة الحدودية وتسجيلها. ولطالما اشتبك مع مهرّبين على الحاجز، بمساعدة تلك الكاميرا وكشف عمليات التهريب حتى لو لم تمرّ على الحاجز.
شاحنة التهريب هذه، تعيد إلى الواجهة مجدّداً مسألة تهريب الأشخاص من سوريا إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية؛ وقد أصبحت هناك شبكات لإدارته وتشغيله من الجانبين اللبناني والسوري.
وعن إجراءات الجيش اللبناني على الحدود الشمالية ثمة من يرى أنّها قاصرة عن حلّ المشكلة. فالجيش عندما يمسك بمجموعات من المهرَّبين يعيدهم مجدّداً إلى الداخل السوري عبر أحد المعابر. لذلك أشار نائب عكار في «التيار الوطني الحر» جيمي جبور إلى مثل هذا قبل أيام في معرض حديثه عن مقطع «فيديو» نُشر على وسائل التواصل الإجتماعي قيل إنه لأشخاص يعبرون الحدود الشمالية بأعداد كبيرة ومن دون أي مراقبة أو ملاحقة، وغمز من قناة الجيش عندما اعتبر أنّ إجراءاته على الحدود «تكاد تكون معدومة»، وأنّ كل السوريين الذين يلقى القبض عليهم «يعادون من أجل أن يقوم المهربون بإدخالهم من جديد بمبالغ إضافية».
إلا أنّ مصدراً عسكرياً يقول لـ»نداء الوطن» في معرض تعليقه «إنّ الجيش يقوم بما يمليه عليه واجبه في هذه المسألة وغيرها، وقد أقفل العديد من المعابر في السابق وكل ما يجري من تعقّب للمهربين ومن كشف لهذه العمليات، ما كان سيحصل لولا الجيش، ومن غير المقبول أن يضعه البعض في مرمى نيرانه بإطلاق التّهم من دون إثبات، وعلى السلطة السياسية أن تكون حازمة في هذه المسائل وغيرها بدل تحميل الجيش المسؤولية في أزمة لم يفتعلها».
تجدر الإشارة إلى أنّ الحدود الشمالية بين لبنان وسوريا طويلة ولا يمكن ضبطها بسهولة، وكلّما اشتّدت الأزمة في الداخل السوري زاد تدفّق السوريين إلى لبنان، ولا سيّما أنّ قسماً كبيراً في الأشهر الأخيرة يحاول الهروب من لبنان عبر البحر إلى أوروبا.